الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) الثاني ويختص من الصفات بما لا شركة فيه وهو ( الصفة ) الذاتية [ ص: 7 ] وهي ( كوعظمة الله وعزته وكبريائه وكلامه وعلمه وقدرته ومشيئته ) وإرادته ، والفرض أنه أتى بالظاهر بدل الضمير في الكل ( يمين ) ، وإن أطلق ؛ لأنه تعالى لما لم يزل موصوفا بها أشبهت أسماءه المختصة به ، وأخذ من كون العظمة صفة منع قول الناس سبحان من تواضع كل شيء لعظمته ؛ لأن التواضع للصفة عبادة لها ، ولا يعبد إلا الذات ورد بأن العظمة هي المجموع من الذات والصفات ، فإن أريد بذلك هذا فصحيح أو مجرد الصفة فممتنع ، ولم يبينوا حكم الإطلاق ويظهر أنه لا منع فيه ، وعلم مما فسر به الصفة أن المراد بالاسم جميع الأسماء الحسنى التسعة والتسعين وما في معناها مما مر ، سواء اشتق من صفة ذاته كالسميع أو فعله كالخالق ، ( إلا أن ينوي بالعلم المعلوم وبالقدرة المقدور ) [ ص: 8 ] وبالعظمة وما بعدها ظهور آثارها كأن يريد بالكلام الحروف الدالة عليه ، وإطلاق كلام الله تعالى عليها حقيقة شائعة في الكتاب والسنة فلا يكون يمينا ؛ لأن اللفظ محتمل لذلك وتنعقد بكتاب الله وبنحو التوراة ما لم يرد الألفاظ كما هو ظاهر ، ثم رأيت الزركشي قال : لو حلف المسلم بآية منسوخة من القرآن أو بنحو التوراة تنعقد يمينه ؛ لأنه كلام الله ومن صفات الذات قاله القاضي ، وينبغي أن تكون المنسوخة على الخلاف في أنه هل يحرم على المحدث مسه ؟ وهل تبطل الصلاة بقراءته ؟ والصحيح لا يحرم وتبطل ، وبه يقوى عدم الانعقاد ا هـ . ويرد تخريجه بأن المدار هنا على المعنى وهو كلام الله النفسي بلا شك وثم على الألفاظ ، ولا حرمة لها بعد نسخها فالوجه ما ذكرته من الانعقاد ما لم يرد اللفظ وبالقرآن ما لم يرد به نحو الخطبة وبالمصحف ما لم يرد به ورقه وجلده ، وإن نازع فيه الإسنوي ؛ لأنه عند الإطلاق لا ينصرف عرفا إلا لما فيه من القرآن ، ومنه يؤخذ أنه لا فرق بين أن يقول : والمصحف أو وحق المصحف

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والصفة كوعظمة الله وعزته إلخ ) قال الزركشي المراد أن يكون مبنيا على جواز إطلاقه ، والأشعري قال : بالمنع ، وفصل القاضي أبو بكر وغيره بين ما يوهم نقصا فيمتنع وما لا يوهم فيجوز ثم قال : من الصفات الذاتية ككونه تعالى أزليا وأنه واجب الوجود وهي كالزائدة على الذات ، ومنها السلبية ككونه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا في جهة ولم أر فيها شيئا ، والظاهر انعقاد اليمين بها ؛ لأنها قديمة متعلقة بالله انتهى ثم قال : وإنه أي : وفي كتب الحنفية أنه لو قال : بسم الله لأفعلن فهو يمين ولو وصفه الله فلا ؛ لأن الأول من أيمان الناس ؛ ولهذا يقولون : بسم الله أنزلت من عنده السور . قال الرافعي وذلك أن تقول إن قلنا الاسم هو المسمى فالحلف بالله تعالى وكذا إن جعلنا الاسم صلة وإن أراد بالاسم التسمية لم يكن يمينا إلا أن يريد الوصف انتهى . وعبارة الرافعي في آخر الباب وأن بعضهم أي : الحنفية قال : لو قال بسم الله لأفعلن كذا فهو يمين ولو قال بصفة الله تعالى فلا ؛ لأن الأول من أيمان الناس . ألا ترى القائل يقول

                                                                                                                              بسم الله الذي أنزلت من عنده السور

                                                                                                                              ولك أن تقول : إذا قلنا الاسم هو المسمى فالحلف بالله تعالى ، وكذا إن جعل الاسم صلة ، وإن أراد بالاسم التسمية لم يكن يمينا . وقوله : بصفة الله يشبه أن يكون يمينا إلا أن يريد الوصف انتهى . وكأنه أراد بالتسمية اللفظ وبالوصف قول الواصف ولعل قول الزركشي السابق ولو وصفة الله محرف عن ولو قال : وصفة الله .

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 7 ] كوعظمة الله إلخ ) أي ولو قال : وقدر الله قال ابن الصباغ في فتاويه : يكون يمينا لقوله تعالى { وما قدروا الله حق قدره } أي : عظمته . وحكى ابن المنذر عن الشافعي فيمن حلف بالقهر أنه ليس بيمين إلا أن ينويه فيكون قال : وبه أقول قال الزركشي فانظر القهر صفة فعله أو ذاته . ( قوله بأن العظمة هي المجموع إلخ ) فيه شيء . ( قوله أو مجرد الصفة فممتنع ) لقائل أن يقول ينبغي عدم المنع فإن أريد مجرد الصفة ما لم يرد باللام التعدية للمتواضع له لاحتمالها معنى العلة أي تواضع له لأجل عظمته ، فإن قيل الذات تستحق التواضع لذاته قلنا ولصفاته تأمله .

                                                                                                                              ( قوله : إلا أن ينوي إلخ ) قال الزركشي : علم من استثنائه أن الصفات الفعلية كخلق الله ورزق الله ورحمة الله لا تنعقد بها اليمين وبه جزم الرافعي قال : وبمثله أجاب الإمام في : وإحياء الله وأطلق الجمهور عدم الانعقاد بصفات الفعل ، لكن جزم الخفاف في الخصال بأنها تكون يمينا إذا نواها انتهى ، ثم قال في كتب الحنفية : ولو قال : وسلطان الله فهو يمين إن أراد به القدرة ، وإن أراد المقدور فلا قاله الرافعي أواخر الباب وبه نقول وأنه لو قال : ورحمة الله وغضبه لم يكن يمينا قال الرافعي يشبه أن يقال إن أراد النعمة وأراد العقوبة فهو يمين ، وإن أراد الفعل فلا . قلت [ ص: 8 ] وكلام ابن سراقة يخالفه ، لكن ينطبق عليه كلام الخفاف السابق انتهى فليتأمل ما المراد بالنعمة والعقوبة وما المراد بالفعل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : والثاني ) عطف على قوله : فالأول بقسميه ( قوله الذاتية ) إلى قوله : وإن نازع في المغني إلا قوله : فإن أريد إلى وعلم ، وقوله : ما لم يرد إلى وبالقرآن ( قوله : الذاتية ) أخرج الفعلية كالخلق والرزق فلا تنعقد بها كما صرح به الرافعي وأخرج السلبية ككونه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض [ ص: 7 ] لكن بحث الزركشي الانعقاد بها ؛ لأنها قديمة متعلقة به تعالى ا هـ رشيدي . ( قوله : كوعظمة الله إلخ ) قال الزركشي من الصفات الذاتية كونه تعالى أزليا وأنه واجب الوجود ، منها السلبية ككونه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا في جهة ولم أر فيها شيئا والظاهر انعقاد اليمين بها ؛ لأنها قديمة متعلقة بالله تعالى انتهى

                                                                                                                              وقال الرافعي : وإن بعضهم أي : الحنفية قال : لو قال : بسم الله لأفعلن كذا فهو يمين ، ولو قال : بصفة الله فلا . ولك أن تقول إذا قلنا الاسم هو المسمى فالحلف بالله ، وكذا إن جعل الاسم صلة ، وإن أراد بالاسم التسمية لم يكن يمينا ، وقوله : بصفة الله يشبه أن يكون يمينا إلا أن يرد به الوصف انتهى وكأنه أراد بالتسمية اللفظ وبالوصف قول الواصف ، وقال ابن الصباغ في فتاويه : لو قال : وقدر الله يكون يمينا لقوله تعالى { وما قدروا الله حق قدره } أي : عظمته ، وحكى ابن المنذر عن الشافعي فيمن حلف بالقهر أنه ليس بيمين إلا أن ينويه فيكون قال : وبه أقول ، قال الزركشي : فانظر القهر صفة فعل أو ذات ا هـ سم بحذف . ( قوله : في الكل ) عبارة المغني في الستة ( قول المتن يمين ) خبر عن قول الشارح ، والثاني وما بينهما اعتراض ، ومع ذلك فقول المصنف يمين لا حاجة إليه من أصله لاستفادته من قوله : أولا لا تنعقد إلا بذات الله تعالى أو صفة له بل فيه قلاقة ا هـ ع ش . ( قوله : منع قول الناس ) نائب فاعل أخذ ( قوله : ورد إلخ ) عبارة المغني ومنع القرافي ذلك ، وقال : الصحيح أن عظمة الله المجموع من الذات والصفات فالمعبود مجموعهما ا هـ . ( قوله : هي المجموع إلخ ) فيه شيء ا هـ سم . عبارة ع ش هذا قد يخالف ما تقدم من جعل الصفة في مقابلة الذات مع تفسير الذات بأنها ما دل على الذات ولو مع الصفة ا هـ . عبارة القليوبي وفيه نظر بل هو فاسد ؛ إذ لو كان كذلك لم تصح إضافته أي : لفظ عظمة إلى الله تعالى ؛ لأن الكل لا يضاف لجزئه ، وأيضا المعبود الذات المتصفة بالصفات لا الذات مع الصفات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو مجرد الصفة فممتنع ) ولقائل أن يقول ينبغي عدم المنع ، وإن أريد مجرد الصفة ما لم يرد باللام التعدية للمتواضع له لاحتمالهما معنى العلة أي : تواضع له لأجل عظمته ، فإن قيل : الذات تستحق التواضع لذاته قلنا ولصفاته تأمله ا هـ . سم عبارة السيد عمر قد يقال يحتمل أن يكون لام لعظمته للغاية لا صلة للتواضع فمعمول التواضع محذوف للعلم به تقديره له فحينئذ فلا محذور ، وإن كان خلاف الأولى من جعل الذات هي المنشأ فليتأمل على أن حمل التواضع على العبادة ليس بمتعين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : حكم الإطلاق ) أي : في قولهم سبحان من تواضع كل شيء لعظمته ع ش . ( قوله مما فسر إلخ ) أي : في قول المصنف : والصفة كوعظمة الله إلخ . ( قوله : أن المراد بالاسم ) أي : في قول المصنف وكل اسم إلخ . ( قوله : من صفة ذاته إلخ ) والفرق بين صفتي الذات والفعل أن الأولى ما استحقه في الأزل والثانية ما استحقه فيما لا يزال يقال : عالم في الأزل ولا : يقال رازق في الأزل إلا توسعا باعتبار ما يؤول إليه الأمر أسنى ومغني .

                                                                                                                              ( قول المتن إلا أن ينوي إلخ ) قال الزركشي علم من استثنائه أن الصفات الفعلية كخلق الله ورزق الله ورحمة الله لا تنعقد بها اليمين وبه جزم الرافعي ، قال : وبمثله أجاب الإمام في : وإحياء الله ، وأطلق الجمهور عدم الانعقاد بصفات الفعل ، لكن جزم الخفاف في الخصال بأنها تكون يمينا إذا نواها انتهى ا هـ . سم ويفيد عدم الانعقاد بها تقييد [ ص: 8 ] الشارح كالنهاية والمغني قول المصنف : والصفة بالذاتية ( قوله : وبالعظمة وما بعدها ظهور آثارها ) ؛ لأنه يقال : عاينت عظمة الله وكبرياءه ، ويشار إلى أفعاله سبحانه وتعالى ، وقد يراد بالجلال والعزة والكبرياء ظهور أثرها على المخلوقات ا هـ مغني . ( قوله كأن يزيد إلخ ) عبارة النهاية والمغني وكأن إلخ بالعطف .

                                                                                                                              ( قوله : فلا يكون إلخ ) تفريع على المتن ( قوله : وبنحو التوراة ) كالإنجيل ا هـ . نهاية ( قوله تخريجه ) أي : الزركشي ( قوله : هنا ) أي : في اليمين ، وقوله : ثم أي : في حرمة المس وبطلان الصلاة . ( قوله : وبالقرآن إلخ ) عطف على قوله : بكتاب الله إلخ ( قوله : ما لم يرد به نحو الخطبة ) أي والألفاظ والحروف أخذا مما تقدم في قوله وكان يريد بالكلام إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله نحو الخطبة ) أي : كالصلاة ا هـ مغني . ( قوله لا ينصرف عرفا إلا لما فيه إلخ ) وقد يستعمل في المعنى القديم القائم بذاته تعالى وفي الحروف الدالة عليه ، وقضية التخصيص بقوله : ما لم يرد به ورقه إلخ الحنث عند الإطلاق ، وكذا عند إرادة الحروف وهو مخالف لما قدمه في كلام الله فلعل ما ذكره هنا مجرد تمثيل ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ومنه يؤخذ إلخ ) يتأمل وجه الأخذ ومن أين ا هـ ع ش . ( قوله : أنه لا فرق إلخ ) ولعله أي : الفرق أن حق المصحف ينصرف عرفا إلى ثمنه الذي يصرف فيه ولا كذلك المصحف فإنه إنما ينصرف لما فيه من القرآن ا هـ ع ش . ( قوله وحق المصحف ) كذا في أصل الشارح رحمه الله تعالى ا هـ . سيد عمر أي : وكان ينبغي و وحق المصحف




                                                                                                                              الخدمات العلمية