الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يشترطان ) أي : الإيجاب ، والقبول ( في ) الصدقة بل يكفي الإعطاء ، والأخذ ؛ لأن كونه محتاجا ، أو قصده الثواب يصرف الإعطاء للتمليك حينئذ ولا في ( الهدية ) ولو لغير مأكول ( على الصحيح بل يكفي البعث من هذا ) ويكون كالإيجاب ( والقبض من ذاك ) ويكون كالقبول ؛ لأن ذلك هو عادة السلف بل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك كانوا يتصرفون فيه تصرف الملاك فاندفع ما توهم أنه كان إباحة وشرط الواهب أهلية التبرع ، والمتهب أهلية الملك فلا تصح هبة ولي ولا مكاتب بغير إذن [ ص: 301 ] سيده ولا تصح الهبة بأنواعها مع شرط مفسد كأن لا تزيله عن ملكك ولا مؤقتة ولا معلقة إلا في مسائل العمرى ، والرقبى كما قال ( ولو قال ) عالم بمعنى هذه الألفاظ أو جاهل بها كما اقتضاه إطلاقهم لكن استشكله الأذرعي قال وفي الروضة في الكتابة عن المروزي أن قريب الإسلام وجاهل الأحكام لا يصح تدبيره بلفظه حتى تنضم إليه نية ، أو زيادة لفظ انتهى والذي يتجه أخذا من قولهم في الطلاق لا بد من قصد اللفظ لمعناه أنه لا بد من معرفة معنى اللفظ ولو بوجه حتى يقصده نعم لا يصدق من أتى بصريح في أنه جاهل بمعناه إلا إن دلت قرينة حاله على ذلك كعدم مخالطته لمن يعرف ذلك ، ثم رأيت الأذرعي صرح به .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن كونه محتاجا إلخ ) قضيته أنه لو انتفى الأمران بأن أعطى غنيا ولم يقصد الثواب لا يحصل التمليك ( قوله : في المتن القبض من ذاك ) هل يشترط الوضع بين يديه كما في البيع ، ثم رأيت في تجريد المزجد ما نصه في فتاوى البغوي يحصل ملك الهدية بوضع المهدي بين يديه إذا أعلمه به ولو أهدى إلى صبي ووضعه بين يديه ، أو أخذه الصبي لا يملكه ا هـ وهو يفيد ملك البالغ بالوضع بين يديه وقد جعلوا ذلك قبضا في البيع وعبارة العباب وتملك الهدية بوضعها بين يدي المهدى إليه البالغ لا الصبي وإن أخذها ا هـ بقي ما لو أتلفها الصبي ، والحال ما ذكر فهل يضمنها وينبغي عدم الضمان ؛ لأنه سلطه عليها بإهدائها له ووضعها بين يديه كما يؤخذ مما سيأتي في الوديعة أنه لو باع الصبي شيئا وسلمه له فأتلفه لم يضمنه ؛ لأنه سلطه عليه ، والهبة كالبيع كما هو ظاهر ، والوضع بين يديه إقباض كما تقرر ( قوله : فلا تصح هبة ولي ) أي : من مال المولي ( فرع )

                                                                                                                              سئل شيخنا الشهاب الرملي عن رقيق تصدق عليه شخص [ ص: 301 ] بصدقة كثوب أو دراهم وشرط المتصدق انتفاعه بها دون سيده هل يصح التصدق فإن قلتم نعم فهل تجب مراعاة هذا الشرط حتى يمتنع على سيده أخذها منه ويجب صرفها على الرقيق وإن قلتم لا يصح فهل لذلك حكم الإباحة حتى يجوز للعبد أن يلبس الثوب وينتفع بالدراهم ويمتنع ذلك على السيد فأجاب بأنه إن قصد المتصدق نفع الرقيق بطلت ولم تكن إباحة ، أو السيد أو أطلق صحت ويجب مراعاة ذلك الشرط كما لو أوصى لدابة بشيء وقصد صرفه في علفها ولا يؤثر فيها شرط انتفاعه بها دون سيده ؛ لأن كفايته على سيده فهو المقصود بالصدقة ا هـ وسئل أيضا عن شخص بالغ تصدق على ولد مميز بصدقة ووقعت الصدقة في يده من المتصدق فهل يملكها المتصدق عليه بوقوعها في يده كما لو احتطب أو احتش أو نحو ذلك أم لا يملكها ؛ لأن القبض غير صحيح وقد قالوا في نثر الوليمة إنه لو أخذه أحد ملكه وهل نثار الوليمة يكون ناثره معرضا عنه إعراضا خاصا حتى يكون له الرجوع فيما أعطاه للصبي والحال أن الصدقة صدقة تطوع أو لا فأجاب بأنه لا يملك الصبي ما تصدق به عليه إلا بقبض وليه ، والفرق بينه وبين ملكه للنثار واضح ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : والذي يتجه أخذ إلخ ) كذا شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي : الإيجاب ) إلى قول المتن ولو قال في المغني إلا قوله ؛ لأن كونه محتاجا إلى المتن وإلى قول المتن ولو قال أرقبتك في النهاية إلا ذلك القول وقوله ووجه خروج إلى وخروج ( قوله : ؛ لأن كونه محتاجا إلخ ) قضيته أنه لو انتفى الأمران بأن أعطى غنيا ولم يقصد الثواب لا يحصل التمليك ا هـ سم ( قول المتن ، والقبض من ذاك ) هل يكفي الوضع بين يديه كما في البيع ، ثم رأيت في تجريد المزجد وفي العباب التصريح بملك البالغ بالوضع بين يديه لا الصبي وإن أخذها ، بقي ما لو أتلفها الصبي والحال ما ذكر فهل يضمنها ؟ وينبغي عدم الضمان ؛ لأنه سلطه عليها بإهدائها له ووضعها بين يديه سم على حج ا هـ ع ش أقول سيأتي في شرح ولا يملك موهوب إلا بقبض اعتماد الشارح ، والنهاية ، والمغني عدم كفاية الوضع بين يديه بلا إذن في الهبة بالمعنى الأعم ، ثم الفرق بينها وبين البيع وعن سم و ع ش هناك ما يوافق ما هنا من ترجيح كفاية الوضع المذكور

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأن ذلك إلخ ) عبارة المغني كما جرى عليه الناس في الإعصار وقد { أهدى الملوك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكسوة ، والدواب ، والجواري } وفي الصحيحين كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبويها ولم ينقل إيجاب وقبول ، والثاني يشترطان كالهبة وحمل ما جرى عليه الناس على الإباحة ورد بتصرفهم في المبعوث تصرف الملاك ، والفروج لا تباح بالإباحة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والمتهب أهلية الملك ) ( فرع )

                                                                                                                              سئل شيخنا م ر عن شخص بالغ تصدق على ولد مميز بصدقة فهل يملكها الولد بوقوعها في يده كما لو احتطب أو احتش أم لا يملكها ؛ لأن القبض غير صحيح فأجاب بأنه لا يملك الصبي ما تصدق به عليه إلا بقبض وليه سم على حج فهل يحرم الدفع للصبي كما يحرم تعاطي العقد الفاسد معه أم لا لانتفاء العقد فيه نظر ، والأقرب عدم الحرمة ويحمل ذلك من البالغ على الإباحة كتقديم الطعام للضيف فيثاب عليه فللمبيح الرجوع ما دام باقيا هذا ومحل الجواز حيث لم تدل قرينة على عدم رضا الولي بالدفع سيما إن كان ذلك يعوده على دناءة النفس ، والرذالة فيحرم حينئذ ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : فلا تصح هبة ولي ) أي : من مال المولي ا هـ سم [ ص: 301 ] قوله : ولا تصح الهبة إلخ ) ولا تصح الهبة لبهيمة ولا لرقيق نفسه فإن أطلق الهبة له فهي لسيدة ا هـ مغني عبارة ع ش سئل شيخنا الشهاب الرملي عن رقيق تصدق عليه شخص بثوب أو دراهم مثلا وشرط انتفاعه بها دون سيده هل يصح ذلك التصدق فإن قلتم نعم فهل يجب مراعاة هذا الشرط حتى يمتنع على سيده أخذها منه ويجب صرفها على الرقيق وإن قلتم لا يصح فهل لذلك حكم الإباحة حتى يجوز للعبد أن يلبس الثوب وينتفع بالدراهم فأجاب بأنه إن قصد المتصدق نفس الرقيق بطل ولم يكن إباحة ، أو السيد أو أطلق صح ويجب مراعاة ذلك الشرط انتهى ا هـ سم على حج أقول ما ذكر من الصحة مع الشرط المذكور مشكل على ما في حج من أنه لو أعطاه دراهم بشرط أن يشتري بها عمامة لم يصح ا هـ ع ش وقوله ولم يكن إباحة فيه وقفة فإن القياس ما مر عنه آنفا في التصدق على الصبي أن يكون هنا من قبيل الإباحة لا سيما إذا احتاج إليها الرقيق ولم يصرفها سيده إليه

                                                                                                                              ( قوله كأن لا تزيله إلخ ) وكشرط أن يشتري به كذا كما صرح به حج بخلاف ما لو دفعه ليشتري به ذلك من غير تصريح بالشرط فإنه يصح ويجب عليه شراء ما قصده الدافع قالشيخنا الزيادي ومثل ذلك ما لو قال خذه واشتر به كذا فإن دلت القرينة على قصد ذلك حقيقة ، أو أطلق وجب شراؤه ، ولو مات قبل صرفه في ذلك انتقل لورثته ملكا وإن قصد التبسط المعتاد صرفه كيف شاء ا هـ ع ش وقوله كما صرح به حج أي : فيما يأتي قبيل قول المصنف وللأب الرجوع في هبة ولده ( قوله : أو جاهل بها ) الأولى التذكير ( قوله : بلفظه ) أي : التدبير ( قوله : أو زيادة لفظ ) يدل على أنه أراد إعتاقه بعد الموت ا هـ ع ش ( قوله : إنه لا بد من معرفة معنى اللفظ ) أي : فلا يكون ظاهر عبارة المصنف مرادا ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية