الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أعمرتك هذه الدار ، أو هذا الحيوان ) مثلا أي : جعلتها لك عمرك ( فإذا مت فهي لورثتك ) ، أو لعقبك ( فهي ) أي : الصيغة المذكورة ( هبة ) أي : صيغة هبة طول عبارتها فيعتبر قبولها وتلزم بالقبض وتكون لورثته ولا تختص بعقبه إلغاء لظاهر لفظه عملا بالخبر الآتي ولا تعود للواهب بحال لخبر مسلم { أيما رجل أعمر عمرى فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاه } ( ولو اقتصر على أعمرتك ) كذا ولم يتعرض لما بعد الموت ( فكذا ) هو هبة ( في الجديد ) لخبر الشيخين { العمرى ميراث لأهلها } وجعلها له مدة حياته لا ينافي انتقالها لورثته فإن الأملاك كلها مقدرة بحياة المالك وكأنهم إنما لم يأخذوا بقول جابر رضي الله عنه إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك فإذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها ؛ لأنه قاله بحسب اجتهاده ( ولو قال ) أعمرتك هذه ، أو جعلتها لك عمرك وألحق به السبكي وهبتك هذه عمرك ( فإذا مت عادت إلي ) ، أو إلى ورثتي إن كنت مت ( فكذا ) هو هبة ( في الأصح ) إلغاء للشرط الفاسد وإن ظن لزومه لإطلاق الأخبار الصحيحة [ ص: 302 ] ومن ثم عدلوا به عن قياس سائر الشروط الفاسدة إذ ليس لنا موضع يصح فيه العقد مع وجوب الشرط الفاسد المنافي لمقتضاه إلا هذا ووجه خروج هذا عن نظائره بتوجيهات كلها مدخولة كما يعلم بتأملها ، وخرج بعمرك عمري ، أو عمر زيد فتبطل ؛ لأنه تأقيت حقيقة إذ قد يموت هذا ، أو الأجنبي أولا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : لأنه قاله بحسب اجتهاده ) ولا يعارضه حديث أبي داود الآتي ( قوله : وألحق به السبكي إلخ ) كذا [ ص: 302 ] شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أو هذا الحيوان ) إلى قوله وكأنهم إنما لم يأخذوا في المغني قول المتن ( فإذا مت ) بفتح التاء ا هـ مغني ( قوله طول ) أي : الواهب ( قوله : وتكون لورثته ) عبارة المغني فإذا مات كانت لورثته فإن لم يكونوا فلبيت المال ولا تعود للواهب بحال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا تختص بعقبه ) أي : بل تشمل جميع الورثة كالأعمام ، والإخوة ا هـ ع ش ( قوله : أيما رجل ) بالجر ، والرفع ، والأول واضح ، والثاني بدل من أي : وما زائدة لتوكيد الشرط انتهى شرح الإعلام لشيخ الإسلام ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : هو هبة ) الأنسب لما قبله هي بالتأنيث وكذا يقال في نظيره الآتي ( قوله وجعلها له إلخ ) أي : الذي تضمنه قوله أعمرتك ا هـ رشيدي ( قوله : إنما العمرى ) أي : التي يقتضي لفظها أن يكون هبة ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنه إلخ ) متعلق بقوله إنما يأخذوا ( قوله : أو جعلتها ) إلى قوله ووجه خروج في المغني إلا قوله إن كنت مت وقوله وإن [ ص: 302 ] ظن لزومه ( قوله : عدلوا به ) أي : بهذا الشرط ( قوله : إلا هذا ) أي : العمرى والرقبى وعلى هذا فكل ما قيل فيه يصح العقد ويلغو الشرط يجب فرضه فيما لا يكون الشرط منافيا للعقد ا هـ ع ش ( قوله : وخرج ) إلى قوله وذلك لخبر في المغني ( قوله : بعمرك ) أي المذكور معنى في بعض الصيغ المتقدمة وصراحة في بعضها كجعلتها لك عمرك .




                                                                                                                              الخدمات العلمية