الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وهبة الدين ) المستقر ( للمدين ) ، أو التصدق به عليه [ ص: 305 ] ( إبراء ) فلا تحتاج إلى قبول نظرا للمعنى ( و ) هبته ( لغيره ) أي : المدين ( باطلة في الأصح ) بناء على ما قدمه من بطلان بيع الدين لغير من هو عليه ، أما على مقابله الأصح كما مر فتصح هبته بالأولى وكأنه في الروضة إنما جرى هنا على بطلان هبته مع ما قدمه أنه يصح بيعه اتكالا على معرفة ضعف هذا من ذاك بالأولى كما تقرر وعلى الصحة قيل لا تلزم إلا بالقبض وقيل لا تتوقف عليه فعليه قيل تلزم بنفس العقد وقيل لا بد بعد العقد من الإذن في القبض ويكون كالتخلية فيما لا يمكن نقله والذي يتجه الأول أخذا من اشتراطهم القبض الحقيقي هنا فلا يملكه إلا بعد قبضه بإذن الواهب وعلى مقابليه للوالد الواهب الرجوع فيه تنزيلا له منزلة العين ولو تبرع موقوف عليه بحصته من الأجرة لآخر لم يصح ؛ لأنها قبل قبضها إما غير مملوكة له أو مجهولة فإن قبض هو أو وكيله منها شيئا قبل التبرع وعرف حصته منه ورآه هو أو وكيله وأذن له في قبضه وقبضه صح وإلا فلا ولا يصح إذنه لجابي الوقف لأنه إذا قبضه يعطيه للمتبرع عليه ؛ لأنه توكيل قبل الملك على أنه في مجهول وإنما صح تبرع أحد الورثة بحصته ؛ لأن محله في أعيان رآها وعرف حصته منها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن باطلة في الأصح ) اعتمده شيخنا الشهاب الرملي وإن قلنا بصحة بيعه ( قوله فتصح هبته بالأولى ) اعتمده الطبلاوي ( قوله : وعلى مقابليه ) ينبغي وعليه أيضا إذا قبضه بإذن الواهب كما في سائر هبات الأعيان

                                                                                                                              ( قوله : موقوف عليه ) ظاهره ولو معينا منحصر أو بعد الإيجار وتعيين الأجرة وقد يتوقف في عدم ملكها حينئذ وقد تقدم أن الموقوف عليه يملك الأجرة فإذا كانا اثنين وعلمت الأجرة ووهب أحدهما حصته فما المانع من الصحة ( قوله : لم يصح ) أقول تقدم أن الموقوف عليه المعين يملك الأجرة والمنافع وقد تكون معلومة له وحينئذ فالوجه أنها إن كانت في يد الناظر وعلم هو قدر حصته منها صح التبرع بها وإن كانت في ذمة المستأجر لم يقبضها الناظر فهي مملوكة للموقوف عليه فتكون من قبيل الدين فإن تبرع بحصته المعلومة له منها على المستأجر صح وكان ذلك إبراء ، أو على غيره لم يصح على الخلاف الآتي فيحمل [ ص: 306 ] قول الشارح لم يصح على غير ذلك ، ثم بحثت بذلك مع م ر الموافق للشارح فيما قاله فوافق عليه فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله المستقر ) إلى قول المتن باطلة في النهاية ( قوله : المستقر ) المراد به ما يصح الاعتياض [ ص: 305 ] عنه ليخرج نحو نجوم الكتابة كذا وجد بخط بعض الفضلاء أقول ، والظاهر أن التقييد بالمستقر لما ذكره من الخلاف في هبة الدين لغير من هو عليه بخلاف غير المستقر فإنه لا تصح هبته لغير من هو عليه قطعا وإلا فنجوم الكتابة يصح الإبراء منها فينبغي صحة هبتها للمكاتب ا هـ ع ش قول المتن ( إبراء ) قضيته أن هبة الدين صريح في الإبراء وهو كذلك وإن قال في الذخائر إنه كناية نعم ترك الدين للمدين كناية إبراء مغني ونهاية قال ع ش قوله نعم ترك الدين إلخ كأن يقول تركته لك ، أو لا آخذه منك فلا يكون ما أطلبه منك كناية إبراء لانتفاء ما يدل عليه ا هـ عبارة القليوبي قوله إبراء أي : صريح بلفظ الهبة أو التصدق وكناية بلفظ الترك ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : فلا يحتاج إلخ ) كذا في المغني قول المتن ( باطلة في الأصح ) اعتمده شيخنا الشهاب الرملي أي : ، والنهاية ، والمغني وإن قلنا بصحة بيعه ا هـ سم ( قوله فتصبح هبته إلخ ) اعتمده الطبلاوي ا هـ سم وكذا اعتمده المنهج خلافا للنهاية ، والمغني كما مر ( قوله : لا تتوقف ) أي : الهبة أي : لزومها ( قوله الأول ) أي : توقف اللزوم على القبض ( قوله : وعلى مقابليه ) ينبغي وعليه أيضا إذا قبضه بإذن الواهب كما في سائر هبات الأعيان ا هـ سم ( قوله ولو تبرع ) إلى قول المتن ويسن في النهاية إلا قوله منها شيئا إلى وأذن له وقوله وكذا نحو الأكل إلى وإن كان في يد المتهب وقوله نعم يكفي إلى وليس للحاكم ( قوله : ولو تبرع إلخ ) ( فرع )

                                                                                                                              تمليك المسكين أي : مثلا الدين الذي عليه ، أو على غيره عن الزكاة لا يصح ؛ لأن ذلك فيما عليه إبدال وهو لا يجوز وفيما على غيره تمليك وهو لا يجوز أيضا مغني ونهاية أي : فطريقه أن يدفعها إليه ، ثم يستردها منه بدل دينه ع ش ( قوله : موقوف عليه إلخ ) ظاهره ولو معينا منحصرا وبعد الإيجار وتعيين الأجرة وفي عدم الصحة حينئذ توقف ، وقد تقدم أن الموقوف عليه المعين يملك الأجرة والمنافع وقد تكون معلومة له وحينئذ فالوجه أنها إن كانت في يد الناظر وعلم هو قدر حصته منها صح التبرع بها وإن كانت في ذمة المستأجر ولم يقبضها الناظر فهي مملوكة للموقوف عليه فتكون من قبيل الدين فإن تبرع بحصته المعلومة له منها على المستأجر صح وكان ذلك إبراء أو غيره لم يصح على الخلاف الآتي فيحمل قول الشارح لم يصح على غير ذلك ، ثم بحثت بذلك مع م ر الموافق للشارح فيما قاله فوافق عليه فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : لم يصح ) ومثله مالك دار ، أو شقص منها تبرع لغيره بما يتحصل من أجرتها ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنها قبل قبضها إلخ ) قضيته أنها لو عملت قبل قبضها جاز التبرع بها ا هـ ع ش وفيه نظر ظاهر

                                                                                                                              ( قوله : فإن قبض هو إلخ ) أي الموقوف عليه المتبرع وكذا نظيره الآتي آنفا ( قوله : ورآه هو ، أو وكيله ) يغني عنه ما قبله ( قوله : وأذن له ) أي : للآخر المتبرع عليه




                                                                                                                              الخدمات العلمية