الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              وأركانها عمل وجعل وصيغة وعاقد كما علمت مع شروطها من كلامه هنا وفيما يأتي واستفيد من قوله من رد أن الشرط في العامل قدرته على الرد بنفسه إن كان غير معين وبنفسه أو مأذونه إن كان معينا وهذا لا ينافي ما يأتي في التوكيل فتأمله وأنه لا يشترط فيه بقسميه تكليف ولا رشد ولا حرية ولا إذن سيد أو ولي [ ص: 366 ] فيصح من صبي ومجنون له نوع تمييز ومحجور سفه وقن على المعتمد من اضطراب للمتأخرين في ذلك ولا يقاس ما هنا بالإجارة ؛ لأنه يغتفر هنا ما لا يغتفر ثم وقضية الحد صحتها في إن حفظت مالي من متعد عليه فلك كذا وهو متجه إن عين له قدر المال وزمن الحفظ وإلا فلا ؛ لأن الظاهر أن المالك يريد الحفظ على الدوام وهذا لا غاية له فلم يبعد فساده بالنسبة للمسمى فتجب له أجرة المثل لما حفظه ( و ) علم من مثاله الذي دل به على حدها كما تقرر أنه ( يشترط ) فيها لتتحقق ( صيغة ) من الناطق الذي لم يرد الكتابة ( تدل على العمل ) أي الإذن فيه كما بأصله .

                                                                                                                              ( بعوض ) معلوم مقصود ( ملتزم ) لأنها معاوضة أما الأخرس فتكفي إشارته المفهمة لذلك وأما الناطق إذا كتب ذلك ونواه فإنه يصح منه ( فلو عمل بلا إذن ) أو بإذن من غير ذكر عوض أو بعد الإذن لكنه لم يعلم به سواء المعين وقاصد العوض وغيرهما ( أو أذن لشخص فعمل غيره فلا شيء له ) ؛ لأنه لم يلتزم له عوضا فوقع عمله تبرعا وإن عرف برد الضوال بعوض . نعم رد قن المقول له كرده لأن يده كيده كذا قالاه وقيده السبكي بما إذا أذن له وأيده الأذرعي بقول القاضي فإن رده بنفسه أو [ ص: 367 ] بعبده استحق وتنزيلهم فعل قنه منزلة فعله يؤيد الأول وقولهم المذكور لا يخالفه ؛ لأنه لما تنزل فعله كفعله صح أن يقال رده بعبده ، وإن لم يأذن له ، ولو قال من رد عبدي من سامعي ندائي فرده من علمه ولم يسمعه لم يستحق ولمن سمع النداء العام التوكيل كهو في تملك المباح وكذا الخاص لكن إن لم يحسنه أو لم يلق به أو عجز عنه وعلم به القائل وإلا فلا ، وإن طرأ له نحو مرض نظير ما مر في الوكيل فعلم أن من جوعل على الزيارة لا يستنيب فيها إلا إن عذر وعلمه المجاعل حال الجعالة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله واستفيد من قوله إلخ ) ما وجه استفادة أو مأذونه ( قوله قدرته على الرد بنفسه ) لعل المراد عند الرد وإن لم يكن قادرا عند النداء لكن قد ينافي ذلك ما يأتي أنه يجوز لغير المعين التوكيل وقضيته مع ما قابله به في المعين الجواز سواء كان قادرا أو عاجزا إلا أن تكون المقابلة بالنظر للمجموع فليتأمل ( قوله وهذا لا ينافي ما يأتي إلخ ) كان وجه ذلك أن العقد عند الإطلاق [ ص: 366 ] إنما يتناول القادر وإذا تناوله جاز له أن يوكل .

                                                                                                                              ( قوله فيصح من صبي ومجنون إلخ ) فيه تصريح بصحة عقد الجعالة معهما ( قوله في المتن ويشترط صيغة ) قال في شرح الروض فلو عمل أحد بلا صيغة فلا شيء له وإن كان معروفا برد الضوال لعدم الالتزام له فوقع عمله تبرعا ودخل العبد في ضمانه كما جزم به الماوردي ، وقال الإمام فيه الوجهان في الأخذ من الغاصب بقصد الرد إلى المالك والأصح فيه الضمان ا هـ ولقائل أن يقول كان ينبغي عدم الضمان كما لو أخذه ممن لا يضمن كالحربي بجامع أنه ليس في يد ضامنة وقوله ولا يلزم إلخ يدل على جواز الرد فليراجع ما قدمه في أول باب الغصب مما يتعلق بذلك وقد يؤيد الجواز ما يأتي في جواب إشكال ابن الرفعة ( قوله نعم رد قن المقول له ) أي بعد علم المقول له كما في شرح الروض وفيه نظر وظاهر أن مكاتبه [ ص: 367 ] ومبعضه في نوبته كالأجنبي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وتنزيلهم فعل قنه إلخ ) قد يقتضي التنزيل المذكور أنه لا يشترط علم القن بالنداء ( قوله وكذا الخاص إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله وعلم به القائل ) أي حال الجعالة أخذا مما يذكره آنفا ( قوله فعلم أن من جوعل على الزيارة إلخ ) وقوله الآتي قبيل قول المتن ، ولو اشترك اثنان إلخ أو على حج وعمرة وزيارة إلخ صريح في صحة الجعالة على الزيارة فلينظر ما المراد بالزيارة فإنه غير السلام والدعاء بدليل أنهم أبطلوا الاستئجار للزيارة وصححوه للسلام والدعاء كما بينه الشارح في مؤلف الزيارة وكان المراد بها مجرد الوقوف عند القبر الشريف .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله واستفيد من قوله إلخ ) ما وجه استفادة أو مأذونه ا هـ سم ( قوله قدرته على الرد بنفسه ) لعل المراد عند الرد وإن لم يكن قادرا عند النداء لكن ينافي ذلك ما يأتي أنه يجوز لغير المعين التوكيل وقضيته مع ما قابله في المعين الجواز سواء كان قادرا أو عاجزا إلا أن تكون المقابلة بالنظر للمجموع فليتأمل ا هـ سم عبارة ع ش قوله م ر أما إذا كان مبهما فيكفي علمه بالنداء إلخ أي دون قدرته على العمل لكن فيه أنه حيث أتى به بانت قدرته إلا أن يقال المراد بالقدرة كونه قادرا بحسب العادة غالبا وهذا لا ينافي وجود العمل مع العجز على خلاف الغالب أو يقال لا تشترط قدرته أصلا ويكفي إذنه لمن يعمل فيستحق بإذنه الجعل ويصرح بهذا قول العباب لو كان العامل معينا ثم وكل غيره ولم يفعل هو شيئا فلا جعل لأحد وإن كان عاما فعلم به شخص ثم وكل استحق الأول ا هـ وهذه صريحة في موافقة القضية المذكورة ( قوله إن كان غير معين ) قال الماوردي هنا لو قال من جاء بآبقي فله دينار فمن جاء به استحق من رجل أو امرأة أو صبي أو عبد عاقل أو مجنون إذا سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم من جاء ا هـ نهاية زاد المغني وهذا هو المعتمد ا هـ قال ع ش قوله م ر قال الماوردي إلخ معتمد ا هـ ( قوله وهذا لا ينافي إلخ ) كان وجه ذلك أن العقد عند الإطلاق إنما يتناول القادر وإذا تناوله جاز له أن يوكل ا هـ سم ( قوله وأنه لا يشترط ) إلى قوله من اضطراب للمتأخرين في المغني وإلى قوله وتنزيلهم في النهاية إلا قوله ولا يقاس إلى وقضية الحد ( قوله لا يشترط فيه ) أي العامل ( بقسميه ) أي المعين والمبهم .

                                                                                                                              [ ص: 366 ] قوله فيصح من صبي ومجنون إلخ ) فيه تصريح بصحة عقد الجعالة معهما ا هـ سم أي فيستحقان المسمى كما هو ظاهر السياق وهو الذي سيأتي عن السبكي والبلقيني ا هـ رشيدي ( قوله قدر المال ) أي الذي يحفظه سواء علمه بمجرد الرؤية أو غيرها ا هـ ع ش ( قوله لأن الظاهر إلخ ) أي ولأن العمل غير معلوم من كل وجه ( قوله دل به ) أي المثال ( قوله لتحقق ) عبارة المغني وأركانها أربعة صيغة إلخ وقد بدأ بالأول معبرا عنه بالشرط كما مر له في غير هذا المحل فقال ويشترط إلخ قول المتن ( صيغة ) قال في شرح الروض أي و المغني فلو عمل أحد بلا صيغة فلا شيء له وإن كان معروفا برد الضوال لعدم الالتزام له فوقع عمله تبرعا ودخل العبد في ضمانه كما جزم به الماوردي وقال الإمام فيه الوجهان في الأخذ من الغاصب بقصد الرد إلى المالك والأصح فيه الضمان انتهى سم على حج وقوله معروفا برد الضوال إلخ منه رد الوالي وشيوخ العرب مثلا له فلا أجرة لهم فيدخل المردود في ضمانهم حيث لم يأذن مالكه في الرد ولا يمنع من ذلك التزامهم من الحاكم غفر تلك المحلة وحفظ ما فيها ما لم تدل قرينة على رضا المالك برد ما أخذ ا هـ ع ش أي وإلا فلا ضمان كما يأتي .

                                                                                                                              ( قوله من الناطق الذي إلخ ) قيد بما ذكر لأنه حمل الصيغة على اللفظ وجعل الإشارة والكتابة قائمتين مقام الصيغة والظاهر أن ما سلكه غير متعين لإمكان حمل الصيغة على ما يشمل ذلك ا هـ ع ش عبارة السيد عمر قد يقال مرادهم بالصيغة ما يدل على المقصود لفظا أو كتابة أو إشارة من أخرس ولهذا صرحوا في بعض الأبواب بأن الكتابة كناية وأن الإشارة تكون صريحا وكناية ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله معلوم ) إلى قوله كذا قاله في المغني إلا قوله وأما الناطق إلى المتن ( قوله لذلك ) أي الإذن في العمل بعوض معلوم إلخ أو عقد الجعالة وكذا الإشارة والضمير في قوله ذلك ونواه إلخ قول المتن ( فلو عمل بلا إذن إلخ ) من ذلك ما جرت به العادة في قرى مصرنا من أن جماعة اعتادوا حراسة الجرين نهارا وجماعة اعتادوا حراسته ليلا فإن اتفقت معاقدتهم على شيء مع أهل الجرين أو مع بعضهم بإذن الباقين لهم في العقد استحق الحارسون ما شرط لهم إن كانت الجعالة صحيحة وإلا فأجرة المثل وأما إن باشروا الحراسة بلا إذن من أحد اعتمادا على ما سبق من دفع أرباب الزرع للحارس سهما معلوما لم يستحقوا شيئا ا هـ ع ش أقول أخذا من قول المصنف الآتي ولو قال أجنبي إلخ أن قوله مع أهل الجرين إلخ ليس بقيد كما يشير إليه قوله بلا إذن من أحد ( قوله من غير ذكر عوض ) أي أو بذكر عوض غير مقصود كالدم ا هـ مغني ( قوله لأنه لم يلتزم إلخ ) عبارة المغني أي لواحد ممن ذكر أما العامل فلما مر أي أنه عمل متبرعا وأما المعين فلم يعمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن عرف برد الضوال إلخ ) ودخل العبد مثلا في ضمانه كما جزم به الماوردي أسنى ومغني تقدم ويأتي عن ع ش تقييده بما إذا لم تدل قرينة على رضا المالك برد ما أخذ ( قوله نعم إلخ ) عبارة المغني نعم إن كان الغير رقيق المأذون له ورد بعد علم سيده بالالتزام استحق المأذون له الجعل لأن يد رقيقه كيده ا هـ وعبارة سم قوله رد قن المقول له إلخ أي بعد علم المقول له كما في شرح الروض وفيه وظاهر أن مكاتبه ومبعضه في نوبته كالأجنبي انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كذا قاله ) جرى عليه المغني والأسنى كما مر آنفا ( قوله وأيده الأذرعي إلخ ) عبارة النهاية قال الأذرعي وقول القاضي فإن رده بنفسه أو بعبده استحق يفهم عدم الاستحقاق إذا استقل العبد بالرد ا هـ قال ع ش قوله عدم الاستحقاق هذا هو المعتمد خلافا لابن حج أي - [ ص: 367 ] والأسنى والمغني ( قوله وتنزيلهم ) مبتدأ خبره قوله يؤيد الأول ( قوله وقولهم ) أي القاضي ومن تبعه ( المذكور ) وهو فإن رده بنفسه أو بعبده إلخ ( قوله لا يخالفه ) أي الأول وهو قول الشيخين ( قوله ولو قال من رد ) إلى قوله فعلم في المغني وإلى قول المتن وإن قال في النهاية إلا قوله وإن نازع فيهالسبكي وقوله غالبا ومسألة الوكيل ( قوله وعلم به القائل ) أي حالة الجعالة أخذا مما يذكره آنفا ا هـ سم ( قوله على الزيارة ) كان المراد بها مجرد الوقوف عند القبر الشريف ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية