الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولكل منهما ) أي الجاعل والعامل ( الفسخ قبل تمام العمل ) ؛ لأنه عقد جائز من جهة الجاعل لتعلق الاستحقاق فيها بشرط كالوصية والعامل ؛ لأن العمل فيها مجهول كالقراض والمراد بفسخ العامل رده لما مر أنه لا يشترط قبوله ثم هو قبل العمل لا يتأتى إلا في المعين وخرج بقبل تمامه بعده فلا أثر للفسخ حينئذ ؛ لأن الجعل قد لزم واستقر ( فإن فسخ ) من المالك أو الملتزم أو العامل المعين القابل للعقد وقد علم العامل الذي لم يفسخ بفسخ الجاعل أو أعلن الجاعل بالفسخ أي أشاعه والعامل غير معين ( قبل الشروع ) في العمل ( أو فسخ العامل بعد الشروع ) فيه ( فلا شيء له ) ، وإن وقع العمل مسلما كأن شرط له جعلا في مقابلة بناء حائط فبنى بعضه بحضرته ؛ لأنه في الأولى لم يعمل شيئا وفي الثانية فوت بفسخه غرض الملتزم باختياره ومن ثم لو كان فسخه فيها لأجل زيادة الجاعل في العمل [ ص: 376 ] قال الإسنوي أو نقصه من الجعل انتهى . وفيه مشاحة لا من حيث الحكم بينها شيخنا استحق أجرة المثل لأن الجاعل هو الذي ألجأه إلى ذلك أما إذا لم يعلم العامل المعين ولم يعلن المالك بالرجوع فيما إذا كان غير معين فإنه يستحق المشروط إذ لا تقصير منه بوجه واكتفي بالإعلان ؛ لأنه لا يمكن مع الإيهام غيره .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لأن العمل فيها مجهول ) قد يكون معلوما كما تقدم ( قوله رده ) هل يأتي على القول بأنها لا ترتد بالرد ( قوله ثم هو ) أي فسخ العامل ( قوله قبل العمل ) يفهم تصوره من غير المعين بعد الشروع في العمل وفي الاعتداد به نظر لعدم ارتباط العقد به ولذا لو سبق غيره ، ولو بعد شروعه لرده استحق دونه فليتأمل ( قوله لا يتأتى إلا في المعين ) بخلاف غيره فلا يتصور فسخه إلا بعد شروعه في العمل والمراد بالفسخ رفع العقد ورده كذا شرح م ر وفي فسخ غير المعين بعد الشروع نظر إذ العقد لم يرتبط به بخصوصه فكيف يرفعه رأسا فإن أريد رفعه بالنسبة له فقط فمحتمل ( قوله القابل للعقد ) لعل المراد القابل ولو معنى كما تقدم أنه لا يشترط القبول أيضا ( قوله فلا شيء له وإن وقع العمل مسلما ) كذا في شرح الروض ثم قال هو والروض وإن خاط [ ص: 376 ] نصف الثوب فاحترق أو بنى بعض الحائط فانهدم أو تركه أو لم يتعلم الصبي لبلادته فلا شيء له ومحله فيما عدا الأخيرة إذا لم يقع العمل مسلما وإلا فله أجرة ما عمل بقسطه من المسمى بقرينة قوله إلخ ا هـ ففيه تصريح باستحقاق القسط مع الترك إذا وقع العمل مسلما وبذلك يعلم الفرق بين فسخ العامل في الأثناء وتركه حينئذ وأنه في الأول لا يستحق القسط وإن وقع العمل مسلما وفي الثاني يستحقه إن وقع العمل مسلما ( قوله أو نقصه من الجعل ) قاله الإسنوي قال في شرح الروض وفيه نظر وإن كان الحكم صحيحا ؛ لأن النقص فسخ كما يأتي وهو فسخ من المالك لا من العامل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإنه يستحق المشروط ) قال في الروض وإن عمل بعد الفسخ ، ولو جاهلا فلا شيء قال في شرحه لكن صرح الماوردي والروياني بأن له المسمى إذا كان جاهلا وهو معين أو لم يعلن المالك بالفسخ واستحسنه البلقيني والتصريح بحكم الجاهل من زيادة المصنف ا هـ فالشارح وافق الماوردي والروياني لكن لا يخفى أن ذلك في فسخ المالك قبل الشروع وهل يقولان به في فسخه بعده بالنسبة لما بعد الفسخ فيه نظر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولكل منهما إلخ ) وينقسم العقد باعتبار لزومه وجوازه إلى ثلاثة أقسام أحدها لازم من الطرفين قطعا كالبيع والإجارة والسلم والصلح والحوالة والمساقاة والهبة لغير الفروع بعد القبض والخلع ولازم من أحدهما قطعا ومن الآخر على الأصح وهو النكاح فإنه لازم من جهة المرأة قطعا ومن جهة الزوج على الأصح وقدرته على الطلاق ليس فسخا ، ثانيها لازم من أحد الطرفين جائز من الآخر قطعا كالكتابة وكذا الرهن وهبة الأصول للفروع بعد القبض والضمان والكفالة ، ثالثها جائز من الطرفين كالشركة والوكالة والعارية الوديعة وكذا الجعالة قبل فراغ العمل ولذا قال ولكل منهما إلخ نهاية ( قوله رده ) أي العقد ( قوله ثم هو ) أي فسخ العامل ( قوله لا يتأتى إلا في المعين ) بخلاف غيره فلا يتصور فسخه إلا بعد شروعه في العمل نهاية ومغني زاد سم ما نصه وفي فسخ غير المعين بعد الشروع نظر إذ العقد لم يرتبط به أي وحده فكيف يرفعه رأسا ، فإن أريد رفعه بالنسبة له فقط فمحتمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بعده ) عبارة النهاية والمغني ما بعده ا هـ قول المتن ( فإن فسخ ) ببناء المفعول نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله من المالك أو الملتزم ) كان الأولى الاقتصار على الملتزم ( قوله القابل للعقد ) لعل المراد القابل ولو معنى لما تقدم أنه لا يشترط القبول ا هـ سم ( قوله أو العامل ) أي وإن كان صبيا كما يأتي ا هـ ع ش ( قوله وقد علم العامل إلخ ) مفهومه قوله أما إذا لم يعلم إلخ وسيأتي ما فيه قول المتن ( أو فسخ العامل ) شمل كلامهم الصبي ا هـ نهاية قال ع ش ولعل المراد بالفسخ منه ترك العمل بعد الشروع وإلا ففسخ الصبي لغو ا هـ وقوله ولعل المراد إلخ سيأتي عن سم عن الروض مع شرحه ما قد يخالفه قول المتن ( فلا شيء له ) ولو فسخ العامل والملتزم معا لم أر من ذكره وينبغي عدم الاستحقاق لاجتماع المقتضي والمانع ا هـ مغني ( قوله وإن وقع ) إلى قوله أما إذا في النهاية والمغني إلا قوله كأن شرط إلى لأنه ( قوله وإن وقع العمل مسلما ) كذا في شرح الروض ثم قال هو والروض [ ص: 376 ] وإن خاط نصف الثوب فاحترق أو تركه أو بنى بعض الحائط فانهدم أو تركه أو لم يتعلم الصبي لبلادته فلا شيء له ومحله فيما عدا الأخيرة إذا لم يقع العمل مسلما وإلا فله أجرة ما عمل بقسطه من المسمى بقرينة قوله إلخ ا هـ ففيه تصريح باستحقاق القسط مع الترك إذا وقع العمل مسلما وبذلك يعلم الفرق بين فسخ العامل في الأثناء وتركه وأنه في الأول لا يستحق القسط .

                                                                                                                              وإن وقع العمل مسلما وفي الثاني يستحقه إن وقع العمل مسلما ا هـ سم وسيأتي ما يتعلق به في مبحث تلف محل العمل ( قوله قال الإسنوي إلخ ) عبارة شرح الروض قال الإسنوي وقياسه كذلك إذا نقص من الجعل ا هـ وفيه نظر وإن كان الحكم صحيحا لأن النقص فسخ كما يأتي وهو فسخ من المالك لا من العامل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإنه يستحق المشروط ) خالفه المغني والنهاية فقالا ولو عمل العامل بعد فسخ المالك شيئا عالما به فلا شيء له أو جاهلا به فكذلك على الأصح وإن صرح الماوردي والروياني بأن له المسمى إذا كان جاهلا به واستحسنه البلقيني ا هـ قال ع ش قوله م ر فكذلك على الأصح أي خلافا لحج ا هـ وقال سم بعد ذكره عن الروض مع شرحه مثل ما مر عن النهاية والمغني آنفا ما نصه فالشارح وافق الماوردي والروياني ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية