الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله عز وجل:

وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون

استبعد الكفار أن تبعث الأجساد والرمم من القبور، فذكر ذلك عنهم على جهة الرد عليهم. وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير : "أيذا" و "أينا" غير أن أبا عمرو يمد وابن كثير لا يمد، وقرأ عاصم وحمزة : "أئذا" و "أئنا" بهمزة فيهما، وقرأ نافع : "إذا" مكسورة الألف "آينا" ممدوة الألف، وقرأ الباقون: "آئذا" ممدودة "إننا" بنونين وكسر الألف.

ثم ذكر الكفار أن هذه المقالة مما وعدوا بها قبل، وقد ورد ذلك على لسان جميع الأنبياء، وجزموا أن ذلك من أساطير الأولين، ثم وعظهم تبارك وتعالى بحال من عذب وبالحذر أن يصيبهم ما أصاب أولئك، وهذا التحذير يقتضيه المعنى. ثم سلى الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام عنهم، وهذا بحسب ما كان عنده من الحرص عليهم والاهتمام بأمرهم. وقرأ ابن كثير : "في ضيق" بكسر الضاد، ورويت عن نافع ، وقرأ الباقون [ ص: 556 ] بفتحها، والضيق والضيق مصدران بمعنى واحد، وكره أبو علي أن يكون "ضيق" كهين ولين مسهلة من ضيق، قال: لأن ذلك يقتضي أن تقام الصفة مقام الموصوف. ثم ذكر استعجال قريش بأمر الساعة والعذاب.

و "ردف" معناه: قرب وأزف، قاله ابن عباس وغيره، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريبا منه، ولكونه بمعنى هذه الأفعال تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه. وقرأ الجمهور بكسر الدال، وقرأ الأعرج : "ردف" بفتح الدال. وقرأ جمهور الناس: "يكن" من أكن، وقرأ ابن محيصن وابن السميفع من كن: "تكن"، وهما بمعنى واحد.

التالي السابق


الخدمات العلمية