قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_31771_34264_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين nindex.php?page=treesubj&link=31766_31771_32405_34264_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قال فاخرج منها فإنك رجيم nindex.php?page=treesubj&link=30291_31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين nindex.php?page=treesubj&link=30337_31769_34513_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قال فإنك من المنظرين nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إلى يوم الوقت المعلوم
القائل لإبليس هو الله عز وجل، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75ما منعك تقرير وتوبيخ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم والجحدري: "لما خلقت" بفتح اللام من (لما) وشد الميم، وقرأ جمهور الناس:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75 "بيدي" بالتثنية، وقرأت فرقة: "بيدي" بفتح الياء، وقد جاء في كتاب الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مما عملت أيدينا بالجمع، وهذه كلها عبارة عن القدرة والقوة، وعبر عن هذا المعنى بذكر اليد تقريبا على السامعين; إذ المعتاد عند البشر أن القوة والبطش والاقتدار إنما هو باليد، وقد كانت جهالة العرب بالله تعالى تقتضي أن تنكر نفوسها أن يكون خلق بغير مماسة ونحو هذا من المعاني المعقولة. وذهب
القاضي ابن الطيب إلى أن اليد والعين والوجه صفات ذات زائدة على القدرة والعلم وغير ذلك من متقرر صفاته تعالى، وذلك قول مرغوب عنه، ويسميها الصفات الخبرية. وروي في بعض الآثار أن الله تعالى خلق أربعة أشياء بيده، وهي: العرش، والقلم، وجنة عدن،
وآدم، وسائر المخلوقات بقوله: كن، وهذا - إن صح - فإنما ذكر على جهة التشريف للأربعة والتنبيه منها، وإلا فإذا حقق النظر فكل مخلوق فهو بالقدرة التي بها يقع الإيجاد بعد العدم.
وقرأت فرقة: "استكبرت" بصلة الألف، على الخبر عن إبليس، وتكون "أم" بنية
[ ص: 365 ] الانقطاع لا معادلة لها، وقرأت فرقة: "أستكبرت" بقطع الألف، على الاستفهام، فـ"أم" - على هذا - معادلة للألف، وذهب كثير من النحويين إلى أن "أم" لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين، وإنما تكون معادلة إذا أدخلتا على فعل واحد، كقولك; أزيد قام أم عمرو ؟ وقالوا: وإذا اختلف الفعلان كهذه الآية فليست أم معادلة. ومعنى الآية: أحدث لك الاستكبار الآن أم كنت قديما ممن لا يليق أن تكلف مثل هذا لعلو مكانك؟ وهذا على جهة التوبيخ.
وقول إبليس:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أنا خير منه قياس أخطأ فيه، وذلك أنه لما توهم أن النار أفضل من الطين قاس أن ما يخلق من الأفضل فهو أفضل من الذي يخلق من المفضول، ولم يدر أن الفضائل تخصيصات من الله تعالى يسم بها من يشاء، وفي قوله رد على حكمة الله تعالى وتجوير، وذلك بين في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62أرأيتك هذا الذي كرمت ، ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أنا خير منه ، وعند هذه المقالة اقترن كفر إبليس به، إما عنادا - على قول من يجيزه -، وإما بأن سلب المعرفة، وظاهر أمره أنه كفر عنادا; لأن الله تعالى قد حكم عليه بأنه كافر، ونحن نجده خلال القصة يقول: "يا رب، وبعزتك، وإلى يوم يبعثون"، فهذا كله يقتضي المعرفة، وإن كان للتأويل فيه مزاحم، فتأمله.
ثم أمر الله تعالى إبليس بالخروج على جهة الدخور له، فقالت فرقة: أمره بالخروج من الجنة، وقالت فرقة: من السماء. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية أن قوله تعالى: "منها" يريد تعالى: من الخلقة التي أنت فيها، ومن صفات الكرامة التي كانت له، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : ورجعت له أضدادها، وعلى القول الأول فإنما أمره أمرا يقتضي بعده عن السماء، ولا خلاف أنه أهبط إلى الأرض.
[ ص: 366 ] و"الرجيم": المرجوم بالقول السيء، و"اللعنة": الإبعاد. و"يوم الدين": يوم القيامة. و"الدين": الجزاء.
وإنما حد له اللعنة بيوم الدين، ولعنته إنما هي مخلدة، ليحصر له أمد التوبة; لأن امتناع توبته بعد يوم القيامة بين; إذ ليست الآخرة دار عمل.
ثم إن إبليس سأل النظرة وتأخير الأجل إلى يوم بعث الأجساد من القبور، فأعطاه الله تعالى الإبقاء إلى يوم الوقت المعلوم، واختلف الناس في تأويل ذلك، فقال الجمهور: أسعفه الله في طلبته وأخره إلى يوم القيامة، وهو الآن حي مغو مضل - وهذا هو الأصح من القولين -، وقالت فرقة: لم يسعف بطلبته، وإنما أسعف إلى الوقت الذي سبق من الله تبارك وتعالى أن يموت إبليس فيه. وقال بعض هذه الفرقة: مات إبليس يوم
بدر.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_31771_34264_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31766_31771_32405_34264_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=30291_31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=treesubj&link=30337_31769_34513_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31769_29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ
الْقَائِلُ لِإِبْلِيسَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75مَا مَنَعَكَ تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ وَالْجَحْدَرِيُّ: "لَمَّا خَلَقْتُ" بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ (لَمَّا) وَشَدِّ الْمِيمِ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75 "بِيَدَيَّ" بِالتَّثْنِيَةِ، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "بِيَدِيَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَقَدْ جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا بِالْجَمْعِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِذِكْرِ الْيَدِ تَقْرِيبًا عَلَى السَّامِعِينَ; إِذِ الْمُعْتَادُ عِنْدَ الْبَشَرِ أَنَّ الْقُوَّةَ وَالْبَطْشَ وَالِاقْتِدَارَ إِنَّمَا هُوَ بِالْيَدِ، وَقَدْ كَانَتْ جَهَالَةُ الْعَرَبِ بِاللَّهِ تَعَالَى تَقْتَضِي أَنْ تُنْكِرَ نُفُوسُهَا أَنْ يَكُونَ خَلْقٌ بِغَيْرِ مُمَاسَّةٍ وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ. وَذَهَبَ
الْقَاضِي ابْنُ الطَّيِّبِ إِلَى أَنَّ الْيَدَ وَالْعَيْنَ وَالْوَجْهَ صِفَاتُ ذَاتٍ زَائِدَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُتَقَرَّرِ صِفَاتِهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ قَوْلٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، وَيُسَمِّيهَا الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ. وَرُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ، وَهِيَ: الْعَرْشُ، وَالْقَلَمُ، وَجَنَّةُ عَدْنٍ،
وَآدَمُ، وَسَائِرَ الْمَخْلُوقَاتِ بِقَوْلِهِ: كُنْ، وَهَذَا - إِنْ صَحَّ - فَإِنَّمَا ذُكِرَ عَلَى جِهَةِ التَّشْرِيفِ لِلْأَرْبَعَةِ وَالتَّنْبِيهِ مِنْهَا، وَإِلَّا فَإِذَا حُقِّقَ النَّظَرُ فَكُلُّ مَخْلُوقٍ فَهُوَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي بِهَا يَقَعُ الْإِيجَادُ بَعْدَ الْعَدَمِ.
وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "اسْتَكْبَرْتَ" بِصِلَةِ الْأَلِفِ، عَلَى الْخَبَرِ عَنْ إِبْلِيسَ، وَتَكُونُ "أَمْ" بِنِيَّةِ
[ ص: 365 ] الِانْقِطَاعِ لَا مُعَادِلَةً لَهَا، وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ: "أَسْتَكْبَرْتَ" بِقَطْعِ الْأَلِفِ، عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، فَـ"أَمْ" - عَلَى هَذَا - مُعَادِلَةٌ لِلْأَلِفِ، وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّ "أَمْ" لَا تَكُونُ مُعَادِلَةً لِلْأَلِفِ مَعَ اخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ مُعَادِلَةً إِذَا أُدْخِلَتَا عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِكَ; أَزَيْدٌ قَامَ أَمْ عَمْرٌو ؟ وَقَالُوا: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْفِعْلَانِ كَهَذِهِ الْآيَةِ فَلَيْسَتْ أَمْ مُعَادِلَةً. وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَحَدَثَ لَكَ الِاسْتِكْبَارُ الْآنَ أَمْ كُنْتَ قَدِيمًا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ أَنَّ تُكَلَّفَ مِثْلَ هَذَا لِعُلُوِّ مَكَانِكَ؟ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ التَّوْبِيخِ.
وَقَوْلُ إِبْلِيسَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ قِيَاسٌ أَخْطَأَ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا تَوَهَّمَ أَنَّ النَّارَ أَفْضَلُ مِنَ الطِّينِ قَاسَ أَنَّ مَا يُخْلَقُ مِنَ الْأَفْضَلِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي يُخْلَقُ مِنَ الْمَفْضُولِ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْفَضَائِلَ تَخْصِيصَاتٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى يَسِمُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، وَفِي قَوْلِهِ رَدٌّ عَلَى حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَجْوِيرٌ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=62أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ ، ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ، وَعِنْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ اقْتَرَنَ كُفْرُ إِبْلِيسَ بِهِ، إِمَّا عِنَادًا - عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُهُ -، وَإِمَّا بِأَنْ سُلِبَ الْمَعْرِفَةَ، وَظَاهِرُ أَمْرِهِ أَنَّهُ كَفَرَ عِنَادًا; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ، وَنَحْنُ نَجِدُهُ خِلَالَ الْقِصَّةِ يَقُولُ: "يَا رَبِّ، وَبِعِزَّتِكَ، وَإِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"، فَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي الْمَعْرِفَةَ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّأْوِيلِ فِيهِ مُزَاحَمٌ، فَتَأَمَّلْهُ.
ثُمَّ أَمْرَ اللَّهَ تَعَالَى إِبْلِيسَ بِالْخُرُوجِ عَلَى جِهَةِ الدُّخُورِ لَهُ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مِنَ السَّمَاءِ. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثَّعْلَبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: "مِنْهَا" يُرِيدُ تَعَالَى: مِنَ الْخِلْقَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، وَمِنْ صِفَاتِ الْكَرَامَةِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : وَرَجَعَتْ لَهُ أَضْدَادُهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَمْرًا يَقْتَضِي بُعْدَهُ عَنِ السَّمَاءِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أُهْبِطُ إِلَى الْأَرْضِ.
[ ص: 366 ] وَ"الرَّجِيمُ": الْمَرْجُومُ بِالْقَوْلِ السَّيِّءِ، وَ"اللَّعْنَةُ": الْإِبْعَادُ. وَ"يَوْمُ الدِّينِ": يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَ"الدِّينِ": الْجَزَاءُ.
وَإِنَّمَا حَدَّ لَهُ اللَّعْنَةَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَلَعْنَتُهُ إِنَّمَا هِيَ مُخَلَّدَةٌ، لِيَحْصُرَ لَهُ أَمَدَ التَّوْبَةِ; لِأَنَّ امْتِنَاعَ تَوْبَتِهِ بَعْدَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بَيِّنٌ; إِذْ لَيْسَتِ الْآخِرَةُ دَارَ عَمَلٍ.
ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ سَأَلَ النَّظِرَةَ وَتَأْخِيرَ الْأَجَلِ إِلَى يَوْمِ بَعْثِ الْأَجْسَادِ مِنَ الْقُبُورِ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْإِبْقَاءَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: أَسْعَفَهُ اللَّهُ فِي طِلْبَتِهِ وَأَخَّرَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ الْآنَ حَيٌّ مُغْوٍ مُضِلٌّ - وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ -، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: لَمْ يُسْعَفْ بِطِلْبَتِهِ، وَإِنَّمَا أُسْعِفَ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي سَبَقَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَمُوتَ إِبْلِيسُ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ: مَاتَ إِبْلِيسُ يَوْمَ
بَدْرٍ.