[ ص: 387 ] قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28902_29680_30454_30532_30539_34513_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين nindex.php?page=treesubj&link=19881_19995_29509_30454_32232_32238_32494_34092_34104_34225_34226_34513_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد
روي أن هذه الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22أفمن شرح الله صدره للإسلام الآية، نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة رضي الله عنهما
وأبي لهب وابنه، هما اللذان كانا من القاسية قلوبهم. وفي الكلام محذوف يدل عليه الظاهر، تقديره: كالقاسي القلب المعرض عن أمر الله، و"شرح الله صدره" استعارة لتحصيله للنظر الجيد والإيمان بالله، و"النور" هداية الله، وهي أشبه شيء بالضوء،
قال nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه: قلنا: يا رسول الله، كيف انشراح الصدر؟ قال: "إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح"، قلنا: وما علامة ذلك؟ قال: "الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت"، و"القسوة": شدة القلب، وهي مأخوذة من قسوة الحجر، شبه قلب الكافر به في صلابته، وقلة انفعاله للوعظ. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار : "ما ضرب العبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب"، ويدل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22فويل للقاسية قلوبهم على المحذوف المقدر.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها يريد به القرآن، وروي
عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن سبب هذه الآية أن قوما من الصحابة قالوا: يا رسول الله، [ ص: 388 ] حدثنا بأحاديث حسان ، وأخبرنا بأخبار الدهر، فنزلت الآية في ذلك، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "متشابها" معناه: مستويا لا تناقض فيه ولا تدافع، بل يشبه بعضه بعضا في رصانة اللفظ، ووثاقة البراهين، وشرف المعاني; إذ هي اليقين في العقائد في الله تعالى وصفاته وأفعاله وشرعه. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "مثاني" معناه: موضع تثنية للقصص والأقضية والمواعظ، تثنى فيه ولا يمل مع ذلك، ولا يعرضها ما يعرض للحديث المعاد، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: يثنى فيه الأمر مرارا. ولا ينصرف "مثاني" لأنه جمع لا نظير له في الواحد.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم عبارة عن وقف شعر الإنسان عند ما يداخله خوف، ولين قلب عند سماع موعظة أو زجر قرآن ونحوه، وهذه علامة وقوع المعنى المخشع في قلب السامع، وفي الحديث
أن nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم فرقت القلوب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اغتنموا الدعاء عند الرقة فإنها رحمة"، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس : قال عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944697 "من اقشعر جلده من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها"، وقالت
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: كان الصحابة تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم عند سماع القرآن، قيل لها: إن أقواما اليوم إذا سمع أحدهم القرآن خر مغشيا عليه، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما: وقد رأى ساقطا عند سماع القرآن: إنا لنخشى الله وما نسقط، هؤلاء يدخل الشيطان في جوف أحدهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين بيننا وبين هؤلاء الذين يصرعون عند قراءة القرآن أن يجعل أحدهم على حائط باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن كله، فإن رمى بنفسه فهو صادق.
[ ص: 389 ] وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23ذلك هدى الله يحتمل أن يشير إلى القرآن، أي: ذلك الذي هذه صفته هدى الله، ويحتمل أن يشير إلى الخشية واقشعرار الجلد، أي: ذلك أمارة هدى الله، ومن جعل
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 [تقشعر] في موضع الصفة لم يقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "مثاني"، ومن جعله مستأنفا وإخبارا منقطعا وقف على "مثاني". وباقي الآية بين.
[ ص: 387 ] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28639_28902_29680_30454_30532_30539_34513_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=treesubj&link=19881_19995_29509_30454_32232_32238_32494_34092_34104_34225_34226_34513_29010nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهُ ذَلِكَ هُدَى اللَّهُ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مَنْ هَادٍ
رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ الْآيَةَ، نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَأَبِي لَهَبٍ وَابْنِهِ، هُمَا اللَّذَانِ كَانَا مِنَ الْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ. وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ، تَقْدِيرُهُ: كَالْقَاسِي الْقَلْبِ الْمُعْرِضِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَ"شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ" اسْتِعَارَةٌ لِتَحْصِيلِهِ لِلنَّظَرِ الْجَيِّدِ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَ"النُّورُ" هِدَايَةُ اللَّهِ، وَهِيَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالضَّوْءِ،
قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ؟ قَالَ: "إِذَا دَخَلَ النُّورُ الْقَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ"، قُلْنَا: وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "الْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالتَّأَهُّبُ لِلْمَوْتِ"، وَ"الْقَسْوَةُ": شِدَّةُ الْقَلْبِ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَسْوَةِ الْحَجَرِ، شَبَّهَ قَلْبَ الْكَافِرِ بِهِ فِي صَلَابَتِهِ، وَقِلَّةِ انْفِعَالِهِ لِلْوَعْظِ. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ : "مَا ضُرِبَ الْعَبْدُ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ"، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=22فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْمَحْذُوفِ الْمُقَدَّرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا يُرِيدُ بِهِ الْقُرْآنَ، وَرُوِيَ
عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، [ ص: 388 ] حَدِّثْنَا بِأَحَادِيثَ حِسَانٍ ، وَأَخْبِرْنَا بِأَخْبَارِ الدَّهْرِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "مُتَشَابِهًا" مَعْنَاهُ: مُسْتَوِيًا لَا تَنَاقُضَ فِيهِ وَلَا تَدَافُعَ، بَلْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي رَصَانَةِ اللَّفْظِ، وَوَثَاقَةِ الْبَرَاهِينِ، وَشَرَفِ الْمَعَانِي; إِذْ هِيَ الْيَقِينُ فِي الْعَقَائِدِ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "مَثَانِيَ" مَعْنَاهُ: مَوْضِعُ تَثْنِيَةٍ لِلْقَصَصِ وَالْأَقْضِيَةِ وَالْمَوَاعِظِ، تُثَنَّى فِيهِ وَلَا يُمَلُّ مَعَ ذَلِكَ، وَلَا يَعْرِضُهَا مَا يَعْرِضُ لِلْحَدِيثِ الْمُعَادِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُثَنَّى فِيهِ الْأَمْرُ مِرَارًا. وَلَا يَنْصَرِفُ "مَثَانِيَ" لِأَنَّهُ جَمْعٌ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ وَقْفِ شَعْرِ الْإِنْسَانِ عِنْدَ مَا يُدَاخِلُهُ خَوْفٌ، وَلِينُ قَلْبٍ عِنْدَ سَمَاعِ مَوْعِظَةٍ أَوْ زَجْرِ قُرْآنٍ وَنَحْوِهُ، وَهَذِهِ عَلَامَةُ وُقُوعِ الْمَعْنَى الْمُخْشِعِ فِي قَلْبِ السَّامِعِ، وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ قَرَأَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَقَّتِ الْقُلُوبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اغْتَنِمُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ الرِّقَّةِ فَإِنَّهَا رَحْمَةٌ"، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ : قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944697 "مَنِ اقْشَعَرَّ جِلْدُهُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ كَمَا يَتَحَاتُّ عَنِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ وَرَقُهَا"، وَقَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=64أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ الصَّحَابَةُ تَدْمَعُ أَعْيُنُهُمْ وَتَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، قِيلَ لَهَا: إِنَّ أَقْوَامًا الْيَوْمَ إِذَا سَمِعَ أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: أُعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَقَدْ رَأَى سَاقِطًا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ: إِنَّا لَنَخْشَى اللَّهَ وَمَا نَسْقُطُ، هَؤُلَاءِ يَدْخُلُ الشَّيْطَانُ فِي جَوْفِ أَحَدِهِمْ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُصْرَعُونَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمْ عَلَى حَائِطٍ بَاسِطًا رِجْلَيْهِ، ثُمَّ يُقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ كُلُّهُ، فَإِنْ رَمَى بِنَفْسِهِ فَهُوَ صَادِقٌ.
[ ص: 389 ] وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى الْقُرْآنِ، أَيْ: ذَلِكَ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ هُدَى اللَّهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى الْخَشْيَةِ وَاقْشِعْرَارِ الْجِلْدِ، أَيْ: ذَلِكَ أَمَارَةُ هُدَى اللَّهِ، وَمَنْ جَعَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 [تَقْشَعِرُّ] فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لَمْ يَقِفْ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23 "مَثَانِيَ"، وَمَنْ جَعَلَهُ مُسْتَأْنَفًا وَإِخْبَارًا مُنْقَطِعًا وَقَفَ عَلَى "مَثَانِيَ". وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.