الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقضي بين مسلم وذمي فيها بحكمنا .

التالي السابق


( وقضي ) بضم فكسر ( بين ) شخص ( مسلم و ) شخص ( ذمي ) بكسر الذال المعجمة والميم مثقلة منسوب للذمة ، أي العهد بالتزام أحكام الإسلام ( فيها ) أي هبة الثواب من أحدهما للآخر ( بحكمنا ) معشر المسلمين .

فيها يقضى بين المسلم والذمي في الهبات بحكم المسلمين وإن كانا ذميين فامتنع الواهب من دفع الهبة فلا أعرض لهما ، وليس هذا من النظام الذي أمنعهم منه ; لأن كل أمر يكون بين مسلم وذمي ، فإنما يحكم فيه بحكم الإسلام . عياض بعض شيوخنا معناه إن لم يترافعا إلينا ولو ترافعا إلينا لحكمت بينهما بحكم الإسلام . وقيل بل معناه وإن ترافعا إلينا فلا نحكم بينهم ; لأن هباتهم ليست من التظالم وهو ظاهر لفظه هنا لقوله ليست بمنزلة أخذ ماله . تت هذه إحدى المسائل الخمس التي لا يحكم بينهم فيها والنكاح والطلاق والعتق والزنا . وفيها كلها خلاف معروف في محله . طفي عدم الحكم والاختلاف فيها عند الترافع . عياض وقد . [ ص: 222 ] اختلف في الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا في العتق والطلاق والنكاح والزنا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .



( خاتمة في العدة )

ابن عرفة العدة إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل ، فيدخل الوعد بالحمالة وغيرها والوفاء بها مطلوب اتفاقا . ابن رشد في لزوم القضاء بها مطلقا وإن كانت على سبب ولو لم يدخل بسببها في السبب أو بشرط دخوله بسببها فيه ، رابعها لا يقضى بها مطلقا لعمر بن عبد العزيز وأصبغ مع مالك وابن القاسم في هذا السماع ولسماع القرينين وصوب ابن الحاج في نوازله ثانيها فعلى قول ابن القاسم قوله لمدين أنا أقضي عنك دينك لا يلزمه ، وقوله لرب الدين أقضيك الدين الذي لك يلزمه لإدخاله إياه في التوثق ، وفي نكاحها الأول مما هو حمل لا حمالة ، قوله بع فلانا فرسك وثمنه علي ، فإن هلك الأول فذلك في ماله ، فإن لم يدع شيئا فلا شيء على المبتاع ، وكذا من وهب لرجل مالا فقال لرجل قبل دفعه له بع فرسك لفلان بالذي وهبته له وأنا ضامن لك حتى أدفع لك فقبض الفرس فالثمن على الواهب ، فإن لم يقبض البائع الثمن حتى مات الواهب ولا مال له فلا رجوع للبائع على الموهوب له بشيء . عبد الحق لم يبين إن مات الواهب عديما قبل قبض المبتاع الفرس هل له قبضه دون غرم ثمنه أم لا ، وفيه قولان لغير الشيخ ، وله ثم قال وسمع القرينان من قال لبيعه بعد البيع بع ولا نقص عليك قولا عازما بينا لزمه ، ويصدق المبتاع فيما يدعي من نقص إن أشبه . ابن رشد ; لأن المعروف على مذهب مالك وأصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه يقضى به عليه ما لم يمت أو يفلس ، وقوله ذلك قبل انتقاده كقوله بعده إلا أن يقول له انقدني وبع ولا نقص عليك فلا يجوز ; لأنه بيع وسلف . وفي سماع عيسى ; لأنه يكون فيه عيوب وخصومات ، فإن باع بنقص لزمه أن يرد له إن كان انتقد ، وإن كان لم يغبن في البيع غبنا بينا وباع بالقرب ، فإن أخرت حتى حالت الأسواق فلا شيء له ; لأنه فرط . يقبل قوله بيمينه في النقص فيما يشبه ; لأنه ائتمنه .

[ ص: 223 ] وفي سماع عيسى إن كان عبدا فأبق أو مات فقال أصبغ فيه اختلاف ، والذي أقوله إنه موضوع عن المشتري ولا يقبل قوله في الثوب إلا ببينة أنه ذهب وإن كانت أمة فلا يحل للمشتري وطؤها إن قبل الشرط . ابن القاسم فإن وطئها لزمته بجميع الثمن ; لأنه بوطئه ترك ما جعل له . ابن رشد له أنه موضوع عنه هو قول ابن القاسم ، وفي السماع المذكور لو باع منه على أن لا نقص عليه فقال الإمام مالك " رضي الله عنه " ليس بيعا ، فإن باع فله إجارته . ابن رشد البيع على هذا لا يجوز اتفاقا ، وفي كونه إجارة فاسدة أو بيعا فاسدا قولان في هذا السماع مع الموطإ وفي غيرهما والقولان لابن القاسم في الواضحة وفي السماع فعلى الأول الضمان من البائع ولا فوت للمبيع ولو بعيب مفسد ، وللمبتاع أجر مثله فلو فوتها بعطية أو عتق أو حمل ، ففي مضيه بالقيمة يوم الإعطاء والإعتاق والإحبال لرعي القول بأنه بيع فاسد أو بالثمن ; لأن ذلك رضا منه في قولا مالك وابن القاسم في هذا السماع ، وعلى الثاني فعليه القيمة يوم القبض كبيع فاسد اتفاقا . وسمع أصبغ أشهب من أجاب من ابتاع منه كرما فخاف الوضيعة بقوله بع وأنا أرضيك إن باعه برأس ماله فأكثر فلا شيء له وأنا فعليه أن يرضيه ، فإن زعم أنه أراد شيئا سماه فهو ما أراد ، وإن لم يرد شيئا أرضاه بما شاء ، وحلف ما أراد أكثر منه يوم قال ذلك . وقال ابن وهب عليه أن يرضيه بما يشبه تلك السلعة والوضيعة . فيها أصبغ هذا أحب إلي . ابن رشد قول أشهب إن زعم أنه أراد شيئا سماه فهو ما أراد يريد مع يمينه ، ومعناه أنه لم يسم شيئا يسيرا لا يشبه أن يكون إرضاءه ، وعلى قول ابن وهب إن قال لم يرض بما يقول الناس أنه إرضاء فلا يصدق ، ولو حلف ليرضينه فلا يبر إلا بما يقوله الناس وبما يرضيه ا هـ . قلت هذا على تقديم ظاهر اللفظ على العرف في الأيمان والمشهور خلافه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية