الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( أو استعمل في رفع حدث ) . فهل يسلب طهوريته ؟ على روايتين ، وأطلقهما في المستوعب ، والكافي ، والشرح ، ونهاية ابن رزين . إحداهما : يسلبه الطهورية . فيصير طاهرا ، وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب ، جزم به الخرقي ، وفي الهداية ، والمحرر والجامع الصغير ، والخصال للقاضي والمبهج ، وخصال ابن البناء ، وتذكرة ابن عقيل ، والعمدة ، والهادي ، والمذهب الأحمد والخلاصة ، والوجيز ، والمنور ، والتسهيل ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع والمحرر ، والتلخيص والرعايتين ، وابن تميم ، والحاويين ، والفائق وغيرهم . واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وصححه الأزجي ، وابن منجا في شرحه ، والناظم ، وابن الجوزي في المذهب ، وابن عقيل في الفصول ، وغيرهم . قال في الكافي : أشهرهما زوال الطهورية .

قال في مجمع البحرين : هذا أظهر الروايات .

قال في البلغة : يكون طاهرا غير مطهر على الأصح ، قال في المغني : ظاهر المذهب ، قال الزركشي : هذا المشهور من المذهب ، وعليه عامة الأصحاب . قال ابن خطيب السلامية في تعليقه : هذه الرواية عليها جادة المذهب ، ونصرها غير واحد من أصحابنا . ثم قال : قلت ولم أجد عن أحمد نصا ظاهرا بهذه الرواية .

انتهى .

تنبيهات

الأول : يستثنى من هذه الرواية : لو غسل رأسه بدل مسحه ، وقلنا يجزئ . فإنه يكون طهورا على الصحيح من المذهب ، ذكره في القواعد الفقهية في القاعدة الثالثة . قال : لأن الغسل مكروه . فلا يكون واجبا . فيعايى بها ، والرواية الثانية : أنه طهور .

قال في مجمع البحرين : سمعت شيخنا يعني [ ص: 36 ] صاحب الشرح يميل إلى طهورية الماء المستعمل .

ورجحها ابن عقيل في مفرداته ، وصححهما ابن رزين ، واختارها أبو البقاء ، والشيخ تقي الدين ، وابن عبدوس في تذكرته ، وصاحب الفائق . قلت : وهو أقوى في النظر . وعنه أنه نجس ، ونص عليه في ثوب المتطهر . قال في الرعاية الكبرى : وفيه بعد . فعليها قطع جماعة بالعفو في بدنه وثوبه . منهم المجد ، وابن حمدان . ولا يستحب غسله على الصحيح من الروايتين ، صححه الأزجي ، والشيخ تقي الدين وابن عبيدان وغيرهم . قلت : فيعايى بها . وعنه يستحب .

وأطلقهما في الفروع . وقال ابن تميم : قال شيخنا أبو الفرج : ظاهر كلام الخرقي : أنه طهور في إزالة الخبث فقط . قال الزركشي : وليس بشيء وهو كما قال وقيل : يجوز التوضؤ به في تجديد الوضوء دون ابتدائه ، اختاره أبو الخطاب في انتصاره ، في جملة حديث { مسح رأسه ببلل لحيته } أنه كان في تجديد الوضوء . وقال ابن تميم : وحكى شيخنا رواية بنجاسة المستعمل في غسل الميت ، وإن قلنا بطهارته في غيره . الثاني : اختلف الأصحاب في إثبات رواية نجاسة الماء . فأثبتها أبو الخطاب في خلافه ، وابن عقيل ، وأبو البقاء في شرحه ، وصاحب المحرر وعامة المتأخرين . وليست في المغني . ونفاها القاضي أبو يعلى والشيخ تقي الدين عن كلام أحمد وتأولاها . ورد عليهم ابن عقيل وغيره .

الثالث : مراد المصنف وغيره ممن أطلق الخلاف : ما إذا كان الماء الرافع للحدث دون القلتين . فأما إن كان قلتين فصاعدا : فهو طهور ، صرح به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والوجيز ، والفروع ، والرعايتين ، وغيرهم ، وظاهر كلام ابن تميم وغيره : الإطلاق كالمصنف . وإنما أرادوا في الغالب . [ ص: 37 ]

ويأتي في عشرة النساء : هل المستعمل في غسل جنابة الذمية أو حيضها أو نفاسها طاهر أو طهور ؟ ويأتي في باب الوضوء : هل يجب نية لغسل الذمية من الحيض ؟ قوله ( أو طهارة مشروعة ) . فهل يسلب طهوريته ؟ على روايتين ، يعني إذا استعمل في طهارة مشروعة ، وقلنا : إن المستعمل في رفع الحدث تسلب طهوريته . وأطلقهما في الهداية ، وتذكرة ابن عقيل ، وخصال ابن البنا ، و المبهج ، والمذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والهادي ، والشرح ، والتلخيص ، والبلغة ، والخلاصة ، والمذهب الأحمد ، وابن منجا في شرحه والزركشي ، والفائق ، والفروع ، وغيرهم . إحداهما : لا يسلبه الطهورية ، وهو المذهب وعليه الجمهور . وصححه في التصحيح ، والنظم ، والحاوي الكبير ، وابن عبيدان ، وغيرهم . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . قال الشارح : أظهرهما طهوريته . قال في مجمع البحرين : طهور في أصح الروايتين ، قال الزركشي : اختارها أبو البركات ، وهو ظاهر ما جزم به في الإرشاد ، والعمدة ، والوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم ، وجزم به في الإفادات ، وقدمه في الكافي ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وابن رزين ، وابن تميم ، وغيرهم .

والرواية الثانية : يسلبه الطهورية . وهي ظاهر كلام الخرقي ، وجزم به في التسهيل ، والمجرد ، واختاره ابن عبدوس المتقدم . وقدمه في إدراك الغاية ، والحاوي الكبير ، وابن تميم .

تنبيه : ظاهر كلامه : أنه لو استعمل في طهارة غير مشروعة : أنه طهور بلا نزاع . وهو كذلك . ومثله الغسلة الرابعة في الوضوء أو الغسل . صرح به في الرعاية وغيره . قال في الرعاية : وكذا ما انفصل من غسلة زائدة على العدد المعتبر في إزالة النجاسة بعد طهارة محلها . وفي الأصح : كل غسلة في وجوبها خلاف [ ص: 38 ] كالثامنة في غسل الولوغ ، والرابعة في غسل نجاسة غيره ، وإن قلنا : تجزئ الثلاث . وعلى مرة واحدة منقية ، إن قلنا : تجزئ . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية