الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وفي اشتراط كونه من غير ذوي القربى وجهان ، الأشهر لا . قال صاحب المحرر وغيره : هو ظاهر المذهب ، كقرابة رب المال من والد وولد ، والأظهر بلى ( ش ) .

                                                                                                          وقال الشيخ : إن أخذ أجرته من غيرها جاز ، وقيل : إن منع من الخمس جاز ( م 8 ) ولا يشترط حريته ( هـ ش ) [ ص: 606 ] ولا فقره ( و ) وذكره صاحب المحرر ( ع ) فيه ، وفيهما وجه ، وقيل : يشترط إسلامه وحريته في عمالة تفويض لا تنفيذ وقال في الأحكام السلطانية : يجوز أن يكون الكافر عاملا في زكاة خاصة عرف قدرها ، وإلا فلا . وقيل للقاضي في تعليقه : من شرط العامل الفقه ؟ فقال : من شرطه معرفة ما تجب فيه الزكاة وجنسه ، كما يحتاج الشاهد معرفة كيف يتحمل الشهادة . وفي الأحكام السلطانية : يشترط علمه بأحكام الزكاة إن كان من عمال التفويض ، وإن كان منفذا فقد عين له الإمام ما يأخذه جاز أن لا يكون عالما ، وأطلق غيره أنه لا يشترط إذا كتب له ما يأخذه ، كسعاة النبي صلى الله عليه وسلم . والظاهر أن مرادهم والله أعلم بالأمانة العدالة ، وجزم باشتراطها في الأحكام السلطانية ، وسبق قولهم إنها ولاية . وذكر الشيخ وغيره أن الوكيل لا يوكل إلا أمينا ، وأن الفسق [ ص: 607 ] ينافي ذلك ، ويتوجه من جواز كونه كافرا كونه فاسقا مع الأمانة ، ولعله مرادهم ، وإلا فلا يتوجه اعتبار العدالة مع الأمانة دون الإسلام ، ويجوز أن يكون الراعي والحمال ونحوهما كافرا أو عبدا وغيرهما ; لأن ما يأخذه أجرة لعمله لا لعمالته . وذكر أبو المعالي أنه يشترط كونه كافيا وهو مراد غيره ، وظاهر ما سبق لا يشترط ذكوريته ، وهذا متوجه ، ومن وكل من يفرق زكاته لم يدفع إليه من سهم العامل ، وما يأخذه العامل أجرة في المنصوص ( و ) وذكره ابن عبد البر ( ع ) وعنه : الثمن مما يجيبه . قال صاحب المحرر : فعليها إن جاوزت أجرته الثمن أعطيه من مال المصالح [ ( ش ) ] ويقدم بأجرته على غيره ، وله الأخذ وإن تطوع بعمله ، ; لأنه عليه السلام { أمر لعمر رضي الله عنه بعمالة فقال : إنما عملت لله . فقال إذا أعطيت شيئا من غير تسآل فكل وتصدق } متفق عليه .

                                                                                                          وعن بريدة مرفوعا { من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول } إسناده جيد رواه أبو داود ، قال صاحب المحرر : فيه تنبيه على جواز أخذ العامل حقه من تحت يده ، فيقبض من نفسه ، وما قاله متوجه ، ولا يعارض ما رواه مسلم عن عدي بن عميرة مرفوعا { من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره ، فما أوتي منه أخذ ، وما نهي عنه انتهى } وعن رافع بن خديج مرفوعا { العامل على الصدقة بالحق كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته } [ ص: 608 ] رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، والترمذي ، وحسنه وإسناده جيد .

                                                                                                          وفيه ابن إسحاق وقد صرح بالسماع ، وعن أبي موسى مرفوعا { إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملا موفرا طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له أحد المتصدقين } متفق عليه ، وسبق في مانع الزكاة { المتعدي في الصدقة كمانعها } وعن جرير { أن ناسا من الأعراب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن ناسا من المصدقين يأتونا فيظلموننا ، فقال أرضوا مصدقكم } رواه مسلم وأبو داود وزاد : { قالوا يا رسول الله : وإن ظلمونا ؟ قال : وإن ظلمتم } وهذا يدل أن بعض الظلم لا يفسق ، وإلا لانعزل ولم يجزئ الدفع . وفي شرح مسلم : قد يكون الظلم بغير معصية ، كذا قال ، ولأبي داود بإسناد جيد عن بشير بن الخصاصية : { قلنا : يا رسول الله ، إن قوما من أصحاب الصدقة يعتدون ، علينا ، أفنتكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا ؟ فقال : لا } وتأتي مسألة الظفر آخر طريق الحكم .

                                                                                                          [ ص: 605 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 605 ] مسألة 8 ) قوله : وفي اشتراط كونه من غير ذوي القربى وجهان ، الأشهر لا ، قال صاحب المحرر وغيره : وهو ظاهر المذهب ، كقرابة رب المال من والد وولد ، والأظهر بلى .

                                                                                                          وقال الشيخ : إن أعطي أجرته من غيرها جاز ، وقيل : إن منع من الخمس جاز . انتهى ، وأطلقهما في الفائق ، إحداهما يشترط كونه من غير ذوي القربى ، وهو الصحيح ، على ما اصطلحته في الخطبة ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في المغني والشرح ونصراه ، وابن تميم في مختصره ، وغيرهم ، واختاره الشيخ الموفق والمجد المسدد والشارح والناظم وغيرهم ، قال المصنف هنا : وهو الأظهر ، قال ابن منجى في شرحه [ ص: 606 ] هذا المذهب ، والوجه الثاني لا يشترط ، وعليه الأكثر ، قال المصنف : وهو الأشهر ، قال الشيخ في المغني وتبعه الشارح : قاله أصحابنا ، قال الزركشي : هذا المشهور والمختار لجمهور الأصحاب ، قال المجد في شرحه : هذا ظاهر المذهب ، قال في تجريد العناية : هذا الأظهر ، وجزم به في الهداية وعقود ابن البناء والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والتلخيص والبلغة وغيرهم ، وهو ظاهر كلامه في الخلاصة والهادي والمحرر والإفادات وإدراك الغاية وشرح ابن رزين وغيرهم ، لعدم ذكرهم له في الشروط ، وقدمه في الرعايتين والحاويين ونظم المفردات وغيرهم .

                                                                                                          وقال الشيخ الموفق أيضا : إن أخذ أجرته من غيرها جاز وإلا فلا ، وتابعه الشارح وابن تميم على ذلك .




                                                                                                          الخدمات العلمية