الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في طلاق المريض أيضا قلت : أرأيت المريض إذا طلق امرأته في مرضه قبل البناء بها ثم تزوجها في مرضه ذلك قال لا أرى له نكاحا إلا أن يدخل بها فيكون بمنزلة من نكح وهو مريض ودخل

                                                                                                                                                                                      قال : ابن شهاب فحدثني طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن عاش حتى حلت تماضر وهو حي فورثها عثمان بن عفان من عبد الرحمن بعدما حلت للأزواج قال ابن شهاب وحدثني طلحة أنه قال : لعثمان بن عفان بم ورثتها من عبد الرحمن بن عوف وقد عرفت أن عبد الرحمن لم يطلقها ضرارا ولا فرارا من كتاب الله قال : عثمان أردت أن تكون سنة يهاب الناس الفرار من كتاب الله قال : ابن شهاب وبلغنا أن عثمان أمير المؤمنين قد كان ورث أم حكيم بنت قارظ من عبد الله بن مكمل وطلقها في وجعه ثم توفي بعدما حلت مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وكان أعلمهم بذلك وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن طلق امرأته وهو مريض فورثها عثمان بعد انقضاء عدتها مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنها كانت آخر ما بقي له من الطلاق عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد بذلك قال : قيل لعثمان أتتهم أبا محمد قال : لا ، ولكن أخاف أن يستن به . رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وربيعة وابن شهاب بذلك قال ربيعة : وإن نكحت بعده عشرة أزواج ورثتهم جميعا وورثته أيضا

                                                                                                                                                                                      سفيان بن سعيد عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن الخطاب قال : في الرجل يطلق امرأته وهو مريض قال : ترثه ولا يرثها ، وقال : ربيعة مثله والليث أيضا مثله يزيد بن عياض عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مجاهد بن جبير أنه كان يقول : إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها ميراثها منه وليس لها إلا نصف الصداق .

                                                                                                                                                                                      مخرمة بن بكير عن أبيه قال : يقال إذا طلق [ ص: 90 ] الرجل امرأته ثلاث تطليقات قبل أن يمسها وقد فرض لها فطلقها وهو وجع أنها تأخذ نصف صداقها وترثه .

                                                                                                                                                                                      قال : قال : ربيعة إذا طلق وهو مريض ثم صح صحة يشك فيها ، قال : إن صح صحة حتى يملك ماله انقطع ميراثها وإن تماثل ونكس من مرضه ورثته امرأته .

                                                                                                                                                                                      يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل يكون به مرض لا يعاد منه رمد أو جرب أو ريح أو لقوة أو فتق أيجوز طلاقه ؟ قال ابن شهاب إن بت الطلاق فيما ذكرت من الوجع فإنها لا ترثه . قال يونس ثم قال ربيعة : إنهما يتوارثان إذا كان مرض مخوف .

                                                                                                                                                                                      يونس عن ربيعة أنه قال في رجل أمر امرأته أن تعتد وهو صحيح ، ثم مرض وهي في عدتها ثم مات قبل أن يصح وقد انقضت عدتها قبل أن يموت وكيف إن أحدث لها طلاقا في مرضه أو لم يحدث أترثه وتعتد منه ؟ قال : لا ميراث ، لها إلا أن يكون راجعها ثم طلقها ، فإن راجعها ثم طلقها في مرضه ، فلها الميراث ، وإن انقضت عدتها إذا مات من ذلك المرض وليس عليها عدة إلا ما حلت منه من الطلاق

                                                                                                                                                                                      وقال عبد الرحمن بن القاسم : بلغني عن بعض أهل العلم في رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم تزوج أخرى فلم يدخل بها فطلق إحداهما تطليقة ، ثم هلك الرجل قبل أن تنقضي عدتها ولم يعلم أيتهما المطلقة المدخول بها أم التي لم يدخل بها قال : أما التي قد دخل بها فصداقها لها كاملا ولها ثلاثة أرباع الميراث ، وأما التي لم يدخل بها فلها ثلاثة أرباع الصداق وربع الميراث ; لأنها إن كانت التي لم يدخل بها هي المطلقة فلها نصف الصداق ثم تقاسم الورثة النصف الصداق الآخر بالشك ; لأنها تقول صاحبتي المطلقة ويقول الورثة بل أنت المطلقة فتنازعا النصف الباقي فلا بد من أن يقتسما بينهما ، وأما الميراث فإن التي قد دخل بها تقول لصاحبتها أرأيت لو كنت أنا المطلقة حقا واحدة ألم يكن لي نصف الميراث فأسلميه إلي فيسلم إليها ، ثم يكون النصف الباقي بينهما نصفين ; لأنه لا يدري أيتهما طالق ، ولأنهما يتنازعانه بينهما فلا بد من أن يقسم بينهما ، وإن كان طلقها ألبتة فإنه يكون للتي قد دخل بها الصداق كاملا ونصف الميراث ، ويكون للأخرى التي لم يدخل بها ثلاثة أرباع الصداق ونصف الميراث ; لأن الميراث إنما وقع بطلاق ألبتة ، وقالت كل واحدة منهما هو لي وأنت المطلقة ، ولم تكن للورثة الحجة عليها ; لأن الميراث أيتهما حلت به فهو لها كله وكانت أحق به من الورثة فلا بد من أن يقسم بينهما ، وأما الصداق فإن التي قد دخل بها قد استوجبت ، صداقها كلها وأما التي لم يدخل بها فلها النصف إن كانت هي المطلقة لا شك فيه وتقاسم الورثة الباقي بالشك ، فكلما يرد عليك من هذا الوجه فقسه على هذا وهو كله رأيي ، وإن طلقها واحدة فانقضت عدتها التي دخل بها قبل أن يموت فهو مثل ما وصفت لك في ألبتة .

                                                                                                                                                                                      [ ص: 91 ] قلت : أرأيت إن تزوج امرأة وأمها في عقدة مفترقة ولا يعلم أيتهما أول وقد دخل بهما أو لم يدخل بهما حتى مات ولا يعلم أيتهما أول قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان قد دخل بهما فلا بد من الصداق الذي سمى لكل واحدة منهما ولا ميراث لهما وإن كان لم يدخل بهما فلا بد من صداق واحدة فيما بينهما يتوازعانه بينهما ، والميراث فيما بينهما ، وإن كان صداقهما الذي سمى مختلفا صداق واحدة أكثر من صداق أخرى لم يعط النساء أقل من الصداقين ولا أكثر الصداقين ، ولكن النصف من صداق كل واحدة الذي سمى لها ; لأن المنازعة في الأقل من الصداقين أو الأكثر من الصداقين صار بين النساء وبين الورثة قلت : وكذلك إن مات وترك خمس نسوة ولا يعلم أيتهن الخامسة قال : نعم

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية