الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت امرأة العنين والخصي والمجبوب إذا علمت به ثم تركته فلم ترفعه إلى السلطان وأمكنته من نفسها ثم بدا لها فرفعته إلى السلطان ؟ قال : أما امرأة الخصي والمجبوب فلا خيار لها إذا أقامت معه ورضيت بذلك فلا خيار لها عند مالك ، وأما العنين فإن لها أن تقول اضربوا له أجلا سنة ; لأن الرجل ربما تزوج المرأة فاعترض له دونها ثم يفرق بينهما ثم يتزوج أخرى فيصيبها فتلد منه فنقول هذه تركته وأنا أرجو ; لأن الرجال بحال ما وصفت لك فذلك لها إلا أن يكون قد أخبرها أنه لا يجامع وتقدمت على ذلك فلا قول لها بعد ذلك قلت : ويكون فراقه تطليقة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ابن وهب عن مالك والليث أن يحيى بن سعيد حدثهما أن ابن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : أيما رجل نكح امرأة بها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها بما استحل منها من فرجها وكان ذلك لزوجها غرم على وليها قال مالك : وإنما يكون ذلك لزوجها غرم على وليها إذا كان وليها أنكحها أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها ، فأما إن كان الذي أنكحها ابن عم أو مولى أو من العشيرة أو السلطان ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه فيها غرم وترد المرأة ما أخذت من صداقها ويترك لها قدر ما يستحل به .

                                                                                                                                                                                      قال الليث قال يحيى وأشك في الجنون والعفل ، غير أنه ذكر أحدهما ابن وهب عن عامر بن مرة عن ربيعة أنه قال : أما هو إذا علم بدائها ثم وطئها بعد ذلك فقد وجبت له وأما ما ترد به المرأة على الزوج فما قطع عن الزوج منها اللذة مما يكون من داء النساء في أرحامهن والوجع المعضل من الجنون والجذام والبرص وكل ذلك جائز عليه إذا بلغته المسألة وبلغ [ ص: 145 ] عنه الخبر وكان ظاهرا إلا أن يرد من ذلك ، إلا الشيء الخفي الذي لا يعلمه إلا المرأة وأولياؤها وترد على المغرور الذي تزوجها صداقها إلا أن تعاض المرأة من ذلك بشيء .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب وأخبرني الثقة أن علي بن أبي طالب قال : يرد من النكاح الجنون والجذام والبرص والقرن قال ابن وهب وقال عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس مثله .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن عبد الأعلى بن سعيد الجيشاني أن محمد بن عكرمة المهدي حدثه أنه تزوج امرأة فدخل بها يوما وعليها ملحفة فنزعها عنها فإذا هو يرى بباطن فخذها وضحا من بياض فقال : خذي عليك ملحفتك ، ثم كلم عبد الله بن يزيد بن حرام فكتب له إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عمر أن استحلفه بالله في المسجد أنه ما تلذذ منها بشيء منذ رأى ذلك بها وأحلف إخوتها أنهم لا يعلمون الذي كان بها قبل أن يزوجوها فإن حلفوا فأعط المرأة من صداقها ربعه مالك بن أنس قال : بلغني عن ابن المسيب أنه قال أيما رجل تزوج امرأة وبه جنون أو ضرر فإنها تخير فإن شاءت قرت وإن شاءت فارقت

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن مخرمة عن أبيه عن ابن المسيب وابن شهاب مثله ، قال مالك : فأرى الضرر الذي أراد ابن المسيب هذه الأشياء التي ترد المرأة منها ابن وهب عن عميرة بن أبي ناجية ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد مثل قول ابن المسيب ابن شهاب أنها تخير إن شاءت والله تعالى أعلم بالحال وإليه المرجع والمآل

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية