الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : هل يحل للزوج أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها في الخلع ؟ قال : قال مالك : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : لم أزل أسمع من أهل العلم - وهو الأمر المجتمع عليه عندنا - أن الرجل إذا لم يصل للمرأة ولم يأت إليها ولم تؤت المرأة من قبله وأحبت فراقه فإنه يحل له أن يقبل منها ما افتدت به . وقد فعل ذلك النبي بامرأة ثابت بن قيس بن شماس حين جاءت فقالت : لا أنا ولا ثابت لزوجها ، وقالت يا رسول الله كل ما أعطاني عندي وافر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " خذ منها " فأخذ منها وترك ، وفي حديث آخر ذكره ابن نبهان { حين تحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتردين إليه حديقته ؟ قالت : نعم ، وأزيده فأعاد ذلك ثلاث مرات ، فقال عند الرابعة : ردي عليه حديقته وزيديه } .

                                                                                                                                                                                      وذكر أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين قال : جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب تشتكي زوجها فحبست في بيت فيه زبل فباتت فلما أصبحت بعث إليها فقال : كيف بت الليلة ؟ فقالت : ما بت ليلة أكون فيها أقر عينا من الليلة ، فسألها عن زوجها فأثنت عليه خيرا وقالت إنه وإنه ولكن لا أملك غير هذا ، فأذن لها عمر في الفداء . سفيان الثوري والحارث عن أيوب بن أبي تميمة عن كثير مولى سمرة نحو هذا الحديث وقد قال عمر لزوجها اخلعها ولو من قرطها .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن تفتدي المرأة بأكثر من صداقها ، وقد قال الله : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : وإن مولاة لصفية اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر . وقال ربيعة وأبو الزناد لا جناح عليه أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها وقال مالك في التي تفتدي من زوجها إنه إذا علم أن زوجها أضر بها أو ضيق عليها وأنه لها ظالم مضى عليه الطلاق ورد عليها مالها ، وهذا الذي كنت أسمع والذي [ ص: 246 ] عليه الأمر عندنا . يونس عن ابن شهاب أنه قال : إن كانت الإساءة من قبلها فله شرطه وإن كانت من قبله فقد فارقها ولا شرط له . مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول : إذا لم تؤت المرأة من قبل زوجها حل له أن يقبل منها الفداء .

                                                                                                                                                                                      عمرو بن الحارث عن ابن شهاب أنه قال : نرى أن من الحدود التي قال الله أن يكون في العشرة بين المرأة وزوجها إذا استخفت بحق زوجها فنشزت عليه وأساءت عشرته وأحنثت قسمه أو خرجت بغير إذنه أو أذنت في بيته لمن يكره أو أظهرت له البغض ، فنرى أن ذلك مما يحل به الخلع ولا يصلح لزوجها خلعها حتى يؤتى من قبلها ، فإذا كانت هي تؤتى من قبله فلا نرى خلعها يجوز . ابن لهيعة عن ابن الأشج أنه قال : لا بأس بما صالحت عليه المرأة إذا كانت ناشزا ، قال بكير : ولا أرى امرأة أبت أن تخرج مع زوجها إلى بلد إلا ناشزة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية