الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في قوله عز وجل وأذان من الله إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله وأذان من الله أي إعلام من الله ورسوله وإنذار إلى الناس، وارتفاع "أذان" عطفا على "براءة" وقال الزمخشري: وارتفاعه كارتفاع "براءة" على الوجهين.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى الناس) أي لجميعهم.

                                                                                                                                                                                  قوله يوم الحج الأكبر وهو اليوم الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا، وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق: سألت أبا جحيفة عن يوم الحج الأكبر قال: يوم عرفة. وروى عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج عن عطاء قال: يوم الحج الأكبر يوم عرفة. وهكذا روي عن ابن عباس، وعبد الله بن الزبير، ومجاهد، وعكرمة، وطاوس أنهم قالوا: يوم عرفة هو يوم الحج الأكبر. وقد ورد في ذلك حديث مرسل رواه ابن جريج: أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة: " أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خطب يوم عرفة فقال: هذا يوم الحج الأكبر".

                                                                                                                                                                                  وقال هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر. وروي عن علي من وجوه أخر كذلك. وقال عبد الرزاق: حدثنا سفيان وشعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن أبي أوفى، أنه قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر. وكذا روي عن المغيرة بن شعبة أنه خطب يوم الأضحى على بعير فقال: هذا يوم الأضحى، وهذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر. وروى عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: الحج الأكبر يوم النحر. وكذا روي عن ابن أبي جحيفة، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، وأبي جعفر الباقر، والزهري، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، أنهم قالوا: يوم الحج الأكبر يوم النحر.

                                                                                                                                                                                  وروى ابن جرير بإسناده، عن نافع، عن ابن عمر قال: "وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع وقال: هذا يوم الحج الأكبر"وكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه من حديث أبي جابر واسمه محمد بن عبد الملك به، وعن سعيد بن المسيب أنه قال: يوم الحج الأكبر اليوم الثاني من يوم النحر. رواه ابن أبي حاتم، وقال مجاهد أيضا: يوم الحج الأكبر أيام الحج كلها. وكذا قال أبو عبيد، وقال سهل السراج: سئل الحسن البصري عن يوم الحج الأكبر فقال: ما لكم وللحج الأكبر؟ ذاك عام حج فيه أبو بكر رضي الله تعالى عنه، الذي استخلفه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فحج بالناس. رواه ابن أبي حاتم، وقال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا أبو أسامة، عن ابن عوف، سألت محمدا -يعني ابن سيرين- عن يوم الحج الأكبر قال: كان يوما وافق فيه حج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحج أهل الوبر.

                                                                                                                                                                                  قوله أن الله بريء من المشركين أي: ليعلم الناس بعضهم بعضا (أن الله) وقرئ (إن الله) بالكسر؛ لأن الإيذان في معنى القول.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ورسوله) فيه قراءتان الرفع وهي القراءة المشهورة ومعناه: ورسوله أيضا بريء من المشركين، والنصب ومعناه: وأن رسول الله بريء من المشركين وهي قراءة شاذة، وقال الزمخشري: "ورسوله" عطف على المنوي في "بريء" أي بريء هو، أو على محل إن المكسورة واسمها، وقرئ بالنصب عطفا على اسم أن، أو لأن الواو بمعنى مع أي: بريء معه منهم، وبالجر على الجوار، وقيل على القسم، كقولك: لعمرك.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فإن تبتم) أي من الغدر والكفر فهو خير لكم وإن توليتم عن التوبة أو ثبتم على التولي والإعراض عن الإسلام والوفاء فاعلموا أنكم غير سابقين الله ولا فائتين أخذه وعقابه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلا الذين) استثناء من "بريء" وقيل: [ ص: 262 ] منقطع أي أن الله بريء منهم، ولكن الذين عاهدتم فثبتوا على العهد فكفوا عنهم بقية المدة.

                                                                                                                                                                                  قوله ثم لم ينقصوكم شيئا أي من شروط العهد، وقرئ بالضاد المعجمة.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ولم يظاهروا) أي ولم يعاونوا عليكم أحدا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى مدتهم) أي إلى انقضاء مدتهم.

                                                                                                                                                                                  قوله إن الله يحب المتقين أي الموفين بعهدهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية