الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6455 38 - حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه أعرابي، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: فأنى كان ذلك؟ قال: أراه عرق نزعه، قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرق .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: "غلاما أسود" ومعناه أنا أبيض، وهو أسود، فهو ليس مني، وأمه زانية .

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل هو ابن أبي أويس ، والحديث مضى في الطلاق عن يحيى بن قزعة ، ومضى الكلام فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله: "هل لك من إبل؟ " إنما سأله عن ألوان الإبل لأن الحيوانات تجري طباع بعضها على مشاكلة بعض في اللون، والخلقة، ثم قد يندر منها الشيء لعارض، فكذلك الآدمي يختلف بحسب نوادر الطباع، ونوادر العروق .

                                                                                                                                                                                  قوله: "هل فيها من أورق" الأورق من الإبل: ما في لونه بياض إلى سواد كالرماد، وقال ابن التين : الأورق الأسمر، ومنه بعير أورق: إذا كان لونه لون الرماد .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فأنى" بفتح الهمزة، وفتح النون المشددة، أي من أين كان ذلك؟ قوله: "أراه" بضم الهمزة، أي أظنه عرق نزعه، قال ابن التين : لعله وقع بالنسبة إلى أحد آبائه .

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي : فيه أن التعريض بالقذف يوجب الحد ، قلت: اختلف العلماء في هذا الباب، فقال قوم: لا حد في التعريض، وإنما يجب بالتصريح البين، وروي هذا عن ابن مسعود ، وبه قال القاسم بن محمد ، والشعبي ، وطاوس ، وحماد ، وابن المسيب في رواية، والحسن البصري ، والحسن بن حيي ، وإليه ذهب الثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، إلا أنهما يوجبان عليه الأدب، والزجر، واحتجوا بحديث الباب، وعليه يدل تبويب البخاري ، وقال آخرون: التعريض كالتصريح، وروي ذلك عن عمر ، وعثمان ، وعروة ، والزهري ، وربيعة ، وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وقال ابن عبد البر : روي عن وجوه أن عمر رضي الله تعالى عنه حد في التعريض بالفاحشة ، وعن ابن جريج : الذي حده عمر رضي الله تعالى عنه في التعريض عكرمة بن عامر بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار ، هجا وهب بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب بن أسد فعرض له في هجائه، وسمعت ابن أبي مليكة يقول ذلك، وروي نحو هذا عن ابن المسيب ، وفيه إثبات الشبهة، وإثبات القياس به، وفيه الزجر عن تحقيق ظن السوء ، وتقديم حكم الفراش على اعتبار المشابهة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية