الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6545 5 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فناداهم: يا معشر يهود، أسلموا تسلموا، فقالوا: قد بلغت يابا القاسم ، فقال: ذلك أريد، ثم قالها الثانية، فقالوا: قد بلغت يابا القاسم ، ثم قال الثالثة فقال: اعلموا أن الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة ; لأن الحديث أشبه ببيع المضطر، فإن المكره على البيع هو الذي يحمل على بيع الشيء أراد أو لم يرد، واليهود شحوا على أموالهم، فاختاروا بيعها، فصاروا كأنهم اضطروا إلى بيعها، فصاروا كالمضطر إلى بيع ماله عند تضييق دائنه عليه، فيكون جائزا، ولو أكره عليه لم يجز.

                                                                                                                                                                                  وأجيب بأنه لو كان الإلزام بالبيع من جهة الشرع لجاز، على أنا قد ذكرنا أن المراد بقوله في الترجمة: بيع المكره ونحوه هو المضطر، وقيل: ترجم "بالحق وغيره" ولم يذكر إلا الشق الأول، وأجيب بأن مراده بالحق: الدين، وبغيره: ما عداه مما يكون بيعه لازما ; لأن اليهود أكرهوا على بيع أموالهم لا لدين عليهم.

                                                                                                                                                                                  وعبد العزيز بن عبد الله : ابن يحيى، الأويسي المدني ، يروي عن الليث بن سعد ، عن سعيد المقبري عن أبيه كيسان عن أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الجزية عن عبد الله بن يوسف عن الليث ، وسيجيء في الاعتصام عن قتيبة عن الليث ، وأخرجه مسلم في المغازي، وأبو داود في الخراج والنسائي في السير جميعا عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  قوله: " يهود " غير منصرف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بيت المدراس " بكسر الميم وبالسين المهملة [ ص: 101 ] على وزن مفعال وزن الآلة، وهو الموضع الذي كانوا يقرءون فيه التوراة، وقال ابن الأثير : مفعال غريب في المكان، والظاهر أنه للمبالغة، وقال الكرماني : وإضافة البيت إليه من إضافة العام إلى الخاص نحو: شجر الأراك.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فناداهم" ، وفي رواية الكشميهني : فنادى.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أسلموا" بكسر اللام: أمر، و "تسلموا" من السلامة جوابه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يابا القاسم " أصله: يا أبا القاسم ، حذفت الهمزة للتخفيف.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ذلك أريد " أي بقولي أسلموا، يعني إن اعترفتم أنني بلغتكم سقط عني الحرج.

                                                                                                                                                                                  قوله: "اعلموا أن الأرض" ، وفي رواية الكشميهني : إنما الأرض في الموضعين.

                                                                                                                                                                                  قوله: "لله ورسوله" ، قال الداودي : لله افتتاح كلام، وقوله ورسوله حقيقة، لأنها في ما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، وقال غيره: المراد أن الحكم لله في ذلك وللرسول ; لكونه المبلغ عنه القائم بتنفيذ أوامره.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أجليكم" بضم الهمزة: من الإجلاء، وهو الإخراج عن أرضهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فمن وجد منكم بماله" ، قال الكرماني : الباء فيه للمقابلة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية