الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6571 19 - حدثنا عبيد بن إسماعيل ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء ، ويحب العسل ، وكان إذا صلى العصر أجاز على نسائه فيدنو منهن ، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فسألت عن ذلك. فقال لي: أهدت امرأة من قومها عكة عسل ، فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شربة. فقلت: أما والله لنحتالن له [ ص: 119 ] فذكرت ذلك لسودة ، قلت: إذا دخل عليك فإنه سيدنو منك فقولي له: يا رسول الله أكلت مغافير ، فإنه سيقول لا ؟ فقولي له: ما هذه الريح ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح ، فإنه سيقول: سقتني حفصة شربة عسل. فقولي له: جرست نحله العرفط ، وسأقول ذلك ، وقوليه أنت يا صفية ، فلما دخل على سودة قلت: تقول سودة والذي لا إله إلا هو لقد كدت أن أبادره بالذي قلت لي ، وإنه لعلى الباب فرقا منك ، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله أكلت مغافير ؟ قال: لا. قلت: فما هذه الريح ؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل. قلت: جرست نحله العرفط. فلما دخل علي قلت له مثل ذلك ، ودخل على صفية ، فقالت له مثل ذلك ، فلما دخل على حفصة قالت له: يا رسول الله ألا أسقيك منه ؟ قال: لا حاجة لي به. قالت: تقول سودة: سبحان الله لقد حرمناه قالت: قلت لها اسكتي.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: والله لنحتالن له.

                                                                                                                                                                                  وأبو أسامة: حماد بن أسامة ، وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة بن الزبير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في الأطعمة عن إسحاق بن إبراهيم ، وفي الأشربة عن عبد الله بن أبي شيبة ، وفيه وفي الطب عن علي بن عبد الله ، وهنا عن عبيد بن إسماعيل أربعتهم عن أبي أسامة ، وأخرجه بقية الجماعة ، وقد ذكرناه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " الحلواء " بمد وبقصر ، قال الداودي : يريد التمر وشبهه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أجاز " أي تمم النهار وأنفده ، يقال: جاز الوادي جوازا وأجازه إذا قطعه ، وقال الأصمعي : جاز: مشى فيه ، وأجازه: قطعه ، وذكره ابن التين بلفظ جاز قال: كذا وقع في المجمل ، وقال الضحاك : جزت الموضع: سرت فيه ، وأجزته: خلفته وقطعته.

                                                                                                                                                                                  قوله: " عكة " بالضم: الآنية من الجلد.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم شربة " يعني حفصة . قال صاحب التوضيح: هذا غلط ؛ لأن حفصة هي التي تظاهرت مع عائشة في هذه القصة ، وإنما شربه عند صفية بنت حيي ، وقيل: عند زينب ، والأصح أنها زينب ، وقال الكرماني : تقدم في كتاب الطلاق أنه شرب في بيت زينب ، والمتظاهرتان على هذا القول عائشة وحفصة ، ثم قال: لعله شرب في بيتهما فهما قضيتان.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لنحتالن " من الاحتيال ، فإن قلت: كيف جاز على أزواجه - صلى الله عليه وسلم - الاحتيال ؟ قلت: هذه من مقتضيات الطبيعة للنساء ، وقد عفي عنهن.

                                                                                                                                                                                  قوله: " مغافير " جمع مغفور بالغين المعجمة وبالفاء والواو والراء ، وهو صمغ كالعسل له رائحة كريهة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " جرست " بالجيم والراء وبالسين المهملة ، أي لحست باللسان وأكلت.

                                                                                                                                                                                  قوله: " العرفط " بضم العين المهملة والفاء وإسكان الراء وبالطاء المهملة ، وهو شجر خبيث الثمر ، وقيل: العرفط موضع ، وقيل: شجر من العضاه وثمرته بيضاء مدحرجة ، وقال الجوهري : ثمرة كل العضاه صفراء ، إلا أن العرفط ثمرته بيضاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أن أبادره " من المبادرة ، ويروى: أن أبادئه بالباء الموحدة ، من المبادأة ، يقال: أبادئهم أمرهم ، أي أظهره ، ويروى: أن أناديه بالنون موضع الباء.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ألا أسقيك " بضم الهمزة وفتحها ، وفي الصحاح: سقيته وأسقيته.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حرمناه " أي منعناه من العسل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية