الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1344 14 - حدثنا عبد الله بن منير ، سمع أبا النضر قال : حدثنا عبد الرحمن هو ابن عبد الله بن دينار ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه ، حتى تكون مثل الجبل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " من كسب طيب " .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة : الأول : عبد الله بن منير بضم الميم وكسر النون ، مر في باب الغسل والوضوء في المخضب . الثاني : أبو النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ، اسمه سالم بن أبي أمية ، مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القريشي التيمي . الثالث : عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر ، مر في باب المسح على الخفين . الرابع : أبوه عبد الله بن دينار . الخامس : أبو صالح ذكوان الزيات السمان . السادس : أبو هريرة - رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه : التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه السماع ، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ، وفيه أن رواته كلهم مدنيون ، وفيه رواية الابن ، عن الأب ، وفيه اثنان مذكوران بالكنية ، وفيه رواية التابعي ، عن التابعي ، عن الصحابي .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر من أخرجه غيره ) أخرجه مسلم في الزكاة أيضا ، عن أحمد بن عثمان بن حكيم ، عن خالد بن مخلد به .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله : " بعدل تمرة " بكسر العين هو ما عادل الشيء من غير جنسه ، وبالفتح : ما عادله من جنسه ، تقول : عندي عدل دراهمك من الثياب ، وعدل دراهمك من الدراهم ، وقال البصريون : العدل والعدل لغتان ، وقال الخطابي : بعدل تمرة ، أي : قيمة تمرة ، يقال : هذا عدله بفتح العين ، أي مثله في القيمة ، وبكسرها ، أي : مثله في المنظر ، وزعم ابن قتيبة أن العدل بالفتح المثل ، واحتج بقوله تعالى : أو عدل ذلك صياما والعدل بالكسر القيمة ، وزعم ابن التين أنه على هذا جماعة من أهل اللغة ، وفي [ ص: 270 ] المحكم : العدل والعديل ، والعدل النظير والمثل . وقيل : هو المثل وليس بالنظير عينه ، والجمع أعدال وعدلاء . وقيل : ضبط هاهنا بالفتح عند الأكثرين ، قوله : " من كسب طيب " ، أي : حلال ، وهي صفة مميزة لعدل تمرة ليمتاز الكسب الخبيث الحرام ، قوله : " ولا يقبل الله إلا الطيب " جملة معترضة واردة على سبيل الحصر بين الشرط والجزاء تأكيدا وتقريرا للمطلوب في النفقة .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية سليمان بن بلال الآتي ذكرها " ولا يصعد إلى الله إلا الطيب " وزاد سهيل في روايته الآتي ذكرها " فيضعها في حقها " قوله : " بيمينه " قال الخطابي : جرى ذكر اليمين ليدل به على حسن القبول ; لأن في عرف الناس أن أيمانهم مرصدة لما عز من الأمور . وقيل : المراد سرعة القبول ، وقال الطيبي : ولما قيد الكسب بالطيب أتبعه اليمين لمناسبة بينهما في الشرف ، ومن ثمة كانت يده اليمنى - صلى الله عليه وسلم - للطهور .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية سهيل : إلا أخذها بيمينه .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية مسلم بن أبي مريم الآتي ذكرها : فيقبضها .

                                                                                                                                                                                  وفي حديث عائشة عند البزار : " فيتلقاها الرحمن بيده " ، ويقال : لما كانت الشمال عادة تنقص عن اليمين بطشا وقوة ، عرفنا الشارع بقوله : وكلتا يديه يمين ، فانتفى النقص تعالى عنه ، والجارحة على الرب محال ، قوله : " فلوه " بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو ، وهو المهر ; لأنه يعلى ، أي : يعظم ، والأنثى : فلوة ، مثال عدوة ، والجمع : أفلاء مثل أعداء ، وقال الداودي : يقال للمهر فلو ، وللجحش ولد الحمار فلوة بكسر الفاء ، وقال الجوهري ، عن أبي زيد : إذا فتحت الفاء شددت الواو ، وإذا كسرت خففت ، فقلت : فلو مثل جرو .

                                                                                                                                                                                  وفي المخصص إذا بلغ سنة ، يعني : ولد الجحش ، فهو فلو ، وعن سيبويه ، والجمع أفلاء ، ولم يكسر على فعل كراهية الإخلال ، ولا كسروه على فعلان كراهية الكسرة قبل الواو ، وإن كان بينهما حاجز ; لأن الساكن ليس بحاجز حصين ، وعن الأعرابي : الفلو كالتلو ، وخص أبو عبيد به فلو الأتان ، والجمع كالجمع إلا أنه لا يحوج إلى الاعتذار من فعلان ، وقد فلى مهره إذا فصله من أمه وأفلاه ، وعن ابن السكيت : فلوته عن أمه وافتليته : فصلته عنها ، وعن ابن دريد : فلوت المهر : نحيته ، وعن أبي عبيد : فلوت المهر عن أمه فهو فلو ، وفرس مفل ومفلية ذات فلو . وفي المحكم : فلوت الصبي والمهر والجحش فلوا .

                                                                                                                                                                                  وفي الجامع زاد القزاز : الجمع أفلاء وفلاء ، وقول العامة فلو خطأ ، وجمع الفلوة فلاوى مثل خطايا .

                                                                                                                                                                                  وفي المنتخب : لكراع يصف أولاد الخيل ، ولا يقع عليه اسم الفلو حتى يفتلى من أمه ، أي : يفطم ثم هو فلو حتى يحول عليه الحول ثم هو حولي حتى يتجاذع .

                                                                                                                                                                                  وفي المغيث لأبي موسى ، والجمع فلو بضم الفاء .

                                                                                                                                                                                  وفي كتاب الفرق لأبي حاتم السجستاني قالوا في ولد الخيل العراب والبراذين للذكران مهر وللأنثى مهرة ، فإذا كانت له سبعة أشهر أو ثمانية يقال له الخروف ، والجمع خرف ، فإذا كانت له سنة ، فهو فلو والأنثى فلوة ، ولا يقال فلو ، ولا فلوة كما يقول من لا يعلم من العوام ، وقد أولعوا بذلك .

                                                                                                                                                                                  وفي كتاب الوحوش : يقال لولد الحمار مهر وتولب وتالب ، وهي المهار والفلاء ، قال : وحمر الوحوش على هذه الصفة ، وقوله : " كما يربي أحدكم فلوه " ضرب المثل ; لأنه يزيد زيادة بينة فكذلك الصدقة نتاج العمل ، فإذا كانت من حلال لا يزال نظر الله إليها حتى تنتهي بالتضعيف إلى أن تصير التمرة كالجبل ، وهو معنى قوله : " حتى تكون مثل الجبل " قال الداودي : أي كمن تصدق بمثل الجبل وتربية الصدقات مضاعفة الأجر عليها وإن أريد به الزيادة في كمية عينها ، ليكون أثقل في الميزان لم ينكر ذلك .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية مسلم رحمه الله تعالى من طريق سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - : حتى تكون أعظم من الجبل .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية ابن جرير من وجه آخر ، عن القاسم : حتى يوافي بها يوم القيامة ، وهي أعظم من أحد .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية القاسم عند الترمذي بلفظ : حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية