الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 284 ] وقوله : " بالجر " عطف على قوله " صدقة العلانية " ، وهو أيضا من الترجمة ، وقد سقطت في رواية المستملي ، وثبتت لغيره ، وقد اختلفوا في سبب نزول هذه الآية الكريمة فذكر الواحدي : أنها نزلت في أصحاب الخيل ، وهو قول أبي أمامة وأبي الدرداء ومكحول والأوزاعي ، عن رباح ، ورواه ابن غريب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : روى ابن أبي حاتم من حديث أبي أمامة : أنها نزلت في أصحاب الخيل الذين يربطونها في سبيل الله ، وقال مجاهد والكلبي وابن عباس : نزلت في علي بن أبي طالب ، كان عنده أربعة دراهم ، فأنفق بالليل واحدا وبالنهار واحدا ، وفي السر واحدا ، وفي العلانية واحدا ، زاد الكلبي : فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما حملك على هذا ؟ قال : حملني أن أستوجب على الله تعالى الذي وعدني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا إن ذلك لك ، فأنزل الله هذه الآية " ورواه عبد الرزاق أيضا بإسناد فيه ضعف إلى ابن عباس ، ورواه أيضا ابن جرير من طريق عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه نحوه ، ورواه ابن مردويه من وجه آخر ، عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                  وفي الكشاف نزلت في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - : إذا أنفق أربعين ألف دينار وعشرة آلاف سرا ، وعشرة آلاف جهرا ، وعشرة آلاف ليلا ، وعشرة آلاف نهارا ، وقال الطبري : قال آخرون : عنى بالآية قوما أنفقوا في سبيل الله في غير إسراف ، ولا تقتير ، وقال قتادة : نزلت فيمن أنفق ماله في سبيل الله ، لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا ، عن يمينه وشماله ، وقليل ما هم ، هؤلاء قوم أنفقوا في سبيل الله في غير سرف ، ولا إملاق ، ولا تبذير ، ولا فساد " . قوله : " إلى قوله ولا هم يحزنون " أراد تمام الآية ، وهو قوله تعالى : فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون أي : لهم أجرهم يوم القيامة على ما فعلوا من الإنفاق في الطاعات ، فلا خوف عليهم عند الموت ، ولا هم يحزنون يوم القيامة .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية