الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
998 ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت فليس فيه عن النبي -عليه السلام- إلا قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=677300 "لينتهين أقوام، أو لأحرقن عليهم بيوتهم" nindex.php?page=treesubj&link=866وأن النبي -عليه السلام- كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يجتمع معه إلا الصف والصفان ، فأنزل الله هذه الآية، فاستدل هو بذلك على أنها الظهر؛ فهذا قول من nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ولم يروه عن النبي، وليس في هذه الآية عندنا دليل على ذلك؛ لأنه قد يجوز أن تكون هذه الآية أنزلت للمحافظة على الصلوات كلها، الوسطى وغيرها، ومن المحافظة عليها حضورها حيث تصلى، فقال لهم النبي -عليه السلام- في الصلاة التي يفرطون في حضورها: nindex.php?page=hadith&LINKID=677300 "لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم" يريد لينتهين أقوام عن تضييع هذه الصلاة التي قد أمرهم الله بالمحافظة عليها، أو لأحرقن عليهم بيوتهم، وليس في شيء من ذلك دليل على الصلاة الوسطى أي صلاة هي منهن.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون فيما ذهبوا إليه، وهم جماعة كثيرة منقولة في مخالفيهم، أولئك القوم مختلفون أيضا فيما بينهم، على ما يجيء مفصلا إن شاء الله تعالى.
قوله: "فقالوا: أما حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ..." إلى آخره جواب عما احتج به أولئك القوم، ورد لاستدلالهم؛ فإنه لا يصلح لما ذهبوا إليه، ووجه ذلك ظاهر غني عن البيان، وكذلك أثر nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر -رضي الله عنهما- ليس فيه دليل عن أن النبي -عليه السلام- على أن nindex.php?page=treesubj&link=860الصلاة الوسطى هي الظهر ، وإنما هو قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر -رضي الله عنه- وإخباره عما كانوا يتحدثون أنها الصلاة التي توجه فيها رسول الله -عليه السلام- إلى الكعبة شرفها الله، ثم العلماء ذكروا في هذا الباب عشرين قولا:
[ ص: 292 ] الأول: أن nindex.php?page=treesubj&link=880الصلاة الوسطى هي العصر ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=50وأبي أيوب الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة -رضي الله عنهم-.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : ولا يصح عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ولا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة غير هذا أصلا، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ويونس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد والضحاك بن مزاحم وعبيد بن تميم nindex.php?page=showalam&ids=15916وزر بن حبيش ومحمد بن السائب ومقاتل وآخرين، وقال أبو الحسن الماوردي ، وهو مذهب جمهور التابعين.
وقال أبو عمر : هو قول أكثر أهل الأثر.
وقال ابن عطية : عليه جمهور الناس.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر الطبري : الصواب من ذلك ما تظاهرت به الأخبار من أنها العصر.
وقال أبو عمر : وإليه ذهب عبد الملك بن حبيب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : هو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : هذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ؛ لصحة الأحاديث فيه.
قلت: هو أيضا قول nindex.php?page=showalam&ids=15858داود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر .
الثاني: أنها nindex.php?page=treesubj&link=883المغرب ؛ وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب ، قال أبو عمر : هذا لا أعلمه قاله غير nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة .
الثالث: أنها nindex.php?page=treesubj&link=32778_898العشاء الآخرة ؛ وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي في "شرح السنة" أن السلف لم ينقل عن أحد منهم هذا القول، قال: وقد ذكره بعض المتأخرين.
الرابع: أنها الصبح ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - في قول - nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - في قول - nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد والربيع بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - في قول - وقال أبو عمر : وممن قال: nindex.php?page=treesubj&link=859الصلاة الوسطى [ ص: 293 ] صلاة الصبح : nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس وهو أصح ما روي عنه في ذلك، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك وأصحابه.
وفي بعض شروح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ - فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي - nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، قال أبو عمر : ولم يصح عنه ذلك، وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
الخامس: أنها nindex.php?page=treesubj&link=859_880إحدى الصلوات الخمس ولا تعرف بعينها ، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من طريق صحيح؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : سأل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رجل عن الصلاة الوسطى، فقال: هي منهن فحافظوا عليهن كلهن" وبنحوه قال nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع بن خثيم nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت - في رواية - nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح القاضي nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع .
السادس: nindex.php?page=treesubj&link=24589أنها الخمس ؛ إذ هي الوسطى من الدين كما قال -عليه السلام-: nindex.php?page=hadith&LINKID=650007 "بني الإسلام على خمس" قالت جماعة هي الوسطى من الخمس، روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن غنيم فيما ذكره النقاش ، وفي كتاب الحافظ أبي الحسن علي بن الفضل ، قيل: ذلك لأنها وسط الإسلام، أي حياده، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
السابع: أنها هي nindex.php?page=treesubj&link=859_880المحافظة على وقتها مع الصلوات ، وفي كتاب "التفسير" لابن أبي حاتم : ثنا nindex.php?page=showalam&ids=13708أبو سعيد الأشج ، ثنا المحاربي nindex.php?page=showalam&ids=17011وابن فضيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن nindex.php?page=showalam&ids=11870أبي الضحى عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق أنه قال: هي المحافظة على وقتها.
الثامن: nindex.php?page=treesubj&link=880_859أنها مواقيتها وشروطها وأركانها ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل بن حيان : الوسطى: مواقيتها ووضوءها وتلاوة القرآن فيها والتكبير والركوع والسجود والتشهد والصلاة على النبي -عليه السلام-، فمن فعل ذلك فقد أتمها وحافظ عليها.
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم : أنبأنا به nindex.php?page=showalam&ids=16272محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي بن شقيق ، أنا محمد بن مزاحم ، عن بكر بن معروف ، عنه.
[ ص: 294 ] وذكر أبو الليث السمرقندي في "تفسيره" عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نحوه.
التاسع: nindex.php?page=treesubj&link=26391أنها الجمعة خاصة حكاه أبو الحسن الماوردي وغيره؛ لما اختصت به دون غيرها، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده في "المحكم": لأنها أفضل الصلوات، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ، إلا أن يقوله برواية يسندها إلى رسول الله -عليه السلام-.
العاشر: nindex.php?page=treesubj&link=860أنها الجمعة يوم الجمعة، وفي سائر الأيام الظهر ، حكاه أبو جعفر محمد بن مقسم في تفسيره.
الحادي عشر: أنها صلاتان: nindex.php?page=treesubj&link=32778_859الصبح والعشاء ، وعزاه ابن مقسم في تفسيره لأبي الدرداء ؛ لقوله -عليه السلام-: nindex.php?page=hadith&LINKID=33708 "لو تعلمون ما في العتمة والصبح..." الحديث.
الثاني عشر: nindex.php?page=treesubj&link=880_859أنها العصر والصبح ، وهو قول أبي بكر المالكي الأبهري .
الثالث عشر: nindex.php?page=treesubj&link=23459_880_859أنها الجماعة في جميع الصلاة ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
الرابع عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1233أنها الوتر .
الخامس عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1224أنها صلاة الضحى .
السادس عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1119أنها صلاة العيدين .
السابع عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1119أنها صلاة عيد الفطر .
الثامن عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1817أنها صلاة الخوف .
التاسع عشر: nindex.php?page=treesubj&link=1119أنها صلاة عيد الأضحى .
العشرون: nindex.php?page=treesubj&link=880أنها المتوسطة بين الطول والقصر .
وأصحها العصر؛ للأحاديث الصحيحة، والباقي بعضها ضعيف وبعضها غلط، وفي nindex.php?page=treesubj&link=880_859المراد بالصلاة الوسطى ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها أوسط الصلوات مقدارا.
[ ص: 295 ] والثاني: أنها أوسطها محلا.
والثالث: أنها أفضلها، وأوسط كل شيء أفضله فمن قال الوسطى: الفضلى جاز لكل ذي مذهب أن يدعيه، ومن قال: مقدارا فهي المغرب؛ لأن أقلها ركعتين وأكثرها أربع. ومن قال: محلا ذكر كل أحد مناسبة يوجه لها.