الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1804 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا علي بن معبد ، قال: ثنا عبيد الله بن موسى العبسي ، قال: ثنا طلحة بن يحيى ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: " أن معاوية أرسل إلى أم سلمة يسألها عن الركعتين اللتين ركعهما رسول الله - عليه السلام - بعد العصر، فقالت: نعم، صلى رسول الله - عليه السلام - عندي ركعتين بعد العصر، فقلت: أمرت بهما؟ قال: لا ولكني كنت أصليهما بعد الظهر فشغلت عنهما فصليتهما الآن". .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج أكثر العلماء فيما ذهبوا إليه من كراهة الركعتين بعد العصر بحديث أم سلمة - رضي الله عنها -.

                                                أخرجه بإسناد صحيح عن علي بن معبد بن شداد العبدي المصري ، عن عبيد الله بن موسى بن أبي المختار العبسي -بالباء الموحدة - روى له الجماعة، عن طلحة بن يحيى بن طلحة المدني نزيل الكوفة روى له الجماعة سوى البخاري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبي عبد الله المدني الفقيه الأعمى أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، روى له الجماعة ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" : ثنا ابن نمير، قال: ثنا طلحة بن يحيى،

                                                [ ص: 154 ] قال: زعم لي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "أن معاوية أرسل إلى عائشة يسألها هل صلى النبي - عليه السلام - بعد العصر شيئا؟ قالت: أما عندي فلا، ولكن أم سلمة أخبرتني أنه فعل ذلك، فأرسل إليها فاسألها، فأرسل إلى أم سلمة، فقالت: نعم، دخل علي بعد العصر فصلى سجدتين، قلت: يا نبي الله أنزل عليك في هاتين السجدتين؟ قال: لا، ولكني صليت الظهر فشغلت فاستدركتهما بعد العصر".

                                                وجه استدلال الجمهور بذلك أنه - عليه السلام - قال: "ما أمرت بهما" لما قالت أم سلمة: أمرت بهما؟ "ولكنني كنت أصليهما ... " إلى آخره.

                                                فدل ذلك أنه من خصائصه - عليه السلام -، والدليل على ذلك ما جاء في رواية أخرى عن أم سلمة قالت: "قلت: يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: لا" على ما يجيء إن شاء الله تعالى.

                                                وبهذا يبطل ما قال بعض الشافعية: إن الأصل الاقتداء به - عليه السلام - وعدم التخصيص حتى يقوم دليل به، ولا دليل أعظم من هذا، وهنا شيء آخر يلزمهم وهو أنه - عليه السلام - كان يداوم عليهما، وهم لا يقولون به في الصحيح الأشهر، فإن عورضوا يقولون: هذا من خصائص النبي - عليه السلام -؟

                                                ثم في الاستدلال بالحديث يقولون: الأصل عدم التخصيص وهذا كما يقال: فلان مثل الظليم يستحمل عند الاستطارة ويستطير عند الاستحمال، وقد قال بعضهم: إنه صلى بعد العصر تبيينا لأمته أن نهيه - عليه السلام - عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر على وجه الكراهة لا على التحريم.

                                                وقال بعضهم: الأصل فيه أنه صلاهما يوما قضاء لفائت ركعتي الظهر، وكان - عليه السلام - فعل فعلا واظب عليه ولم يقطعه فيما بعد.

                                                وقال أكثرهم: إنه مخصوص بذلك، وهذا هو الأشهر كما سنبينه إن شاء الله تعالى.




                                                الخدمات العلمية