الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2130 2131 2132 ص: وقد روي ذلك عن رسول الله - عليه السلام -.

                                                حدثنا يونس ، قال: ثنا ابن وهب ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عياض بن عبد الله بن سعد ، عن أبي سعيد ، - رضي الله عنه -: " أن رسول الله - عليه السلام - سجد في (ص) ".

                                                حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا يزيد بن هارون ، قال: أنا العوام بن حوشب ، قال: "سألت مجاهدا عن السجود في ص فقال: سألت عنها عن ابن عباس ، فقال: اسجد في ص فتلا علي هؤلاء الآيات من الأنعام: ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فكان داود - عليه السلام - ممن أمر نبيكم أن يقتدي به".

                                                حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مجاهد ، قال: "سئل ابن عباس عن السجود في (ص) فقال: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ".

                                                فبهذا نأخذ، ونرى السجود في ص اتباعا لما قد روي فيها عن النبي - عليه السلام -، ثم لما قد أوجبه النظر، ونرى أن السجود في المفصل في والنجم و إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك لما قد ثبتت فيه الرواية بالسجود في ذلك عن رسول الله - عليه السلام -، ونرى أن لا سجود في آخر الحج لما قد نفاه ما قد ذكرناه من النظر، ولأنه موضع التعليم لا موضع خبر، ومواضع التعليم لا سجود فيها للتلاوة.

                                                [ ص: 529 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 529 ] ش: أي قد روي السجود في سورة ص عن النبي - عليه السلام -، ثم بين ذلك بقوله: "حدثنا يونس ... " إلى آخره.

                                                فأخرج في ذلك عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك ، وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم -.

                                                أما أثر أبي سعيد فأخرجه بإسناد صحيح: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث المصري ، عن سعيد بن أبي هلال المصري روى له الجماعة، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري روى له الجماعة.

                                                وأخرجه أبو داود بأتم منه: ثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني عمرو ، عن ابن أبي هلال ، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: "قرأ رسول الله - عليه السلام - وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود، فقال رسول الله - عليه السلام -: إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود، فنزل وسجد وسجدوا".

                                                وأخرجه الحكم في "المستدرك" في تفسير سورة ص وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

                                                وقال النووي في "الخلاصة": سنده صحيح على شرط البخاري .

                                                قوله: "تشزن الناس" أي تأهبوا للسجود وتهيئوا له.

                                                قوله: "إنما هي توبة نبي" أراد به داود - عليه السلام -.

                                                [ ص: 530 ] وأما أثر ابن عباس فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                أحدهما: عن علي بن شيبة بن الصلت ، عن يزيد بن هارون ، عن العوام بن حوشب الشيباني الواسطي روى له الجماعة سوى أبي داود ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .

                                                والآخر: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن عمرو ابن مرة ، عن مجاهد ... إلى آخره.

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا هشيم، قال: أنا حصين والعوام ، عن مجاهد، عن ابن عباس: "أنه كان يسجد في ص وتلا هذه الآية أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ".

                                                ثنا وكيع ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال: "فيها سجدة، ثم قرأ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ".

                                                قوله: "سألت عنها عن ابن عباس" وفي بعض النسخ: "سألت عنها ابن عباس" .

                                                قوله: "فقال: السجدة في ص "، وفي رواية فقلت "أتسجد في ص "، وإنما قرأ هذه الآية إشعارا بأن في ص سجدة.

                                                قوله: "فبهذا نأخذ" أي فبوجوب السجدة في ص نأخذ، وذلك من وجهين:

                                                أحدهما: اتباعا لما قد روي عن النبي - عليه السلام -.

                                                والثاني: لإيجاب وجه النظر والقياس ذلك، وقد مر بيان وجه النظر عن قريب.

                                                [ ص: 531 ] قوله: "ونرى أن السجود في المفصل" أي أن السجود واجب في المفصل -وهو السبع السابع- وبين ذلك بقوله: "في والنجم و إذا السماء انشقت و اقرأ باسم ربك " بطريق البدل والبيان عن قوله: "في المفصل".

                                                قوله: "لما قد ثبتت فيه الرواية" اللام فيه للتعليل متعلق بقوله: "ونرى"، والباقي ظاهر.




                                                الخدمات العلمية