الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : واصطنعتك لنفسي أي : أخلصتك للتصرف على إرادتي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ولا تنيا في ذكري أي : لا تفترا ، ابن عباس : لا تبطئا ، مجاهد وغيره : لا تضعفا ، ابن زيد : لا تغفلا ، وذلك كله متقارب ، يقال : (ونى في الأمر يني ونيا ، وونيا ) ؛ إذا فتر ؛ ومنه : (التواني ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 302 ] وقوله : فقولا له قولا لينا : قال السدي : (القول اللين ) : أنه قال له : هل لك أن يرد عليك شبابك ومناكحتك ، وإذا مت دخلت الجنة ، وتؤمن بي ؟ فركن فرعون إلى ذلك ، وشاور امرأته ، فآمنت ، وأشارت عليه بالإيمان ، وشاور هامان ، فأشار عليه بألا يفعل ، وقال له : أنا أردك شابا ، فخضب له لحيته بالسواد .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : معنى فقولا له قولا لينا : كنياه ، ويروى : أن كنيته كانت أبا الوليد ، وقيل : كانت كنيته أبا مرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : لعله يتذكر أو يخشى : قال سيبويه : المعنى : اذهبا على رجائكما ، وطمعكما ، ومبلغكما من العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : (لعل ) ههنا بمعنى الاستفهام ؛ والمعنى : فانظرا هل يتذكر ؟ وقيل : هي بمعنى : (كي ) .

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : هو إخبار من الله تعالى عن قول هارون لموسى : لعله يتذكر أو يخشى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : إن (لعل ) و (عسى ) في جميع القرآن لما قد وقع ، وقد تذكر فرعون حين أدركه الغرق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 303 ] وقوله : إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى : معنى {يفرط} : يتقدم بعقاب ، و (الفارط ) : المتقدم أمام القوم إلى الماء .

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : {يفرط} : يعجل ، و {يطغى} : يتعدى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فأتياه فقولا إنا رسولا ربك : في الكلام حذف ؛ والمعنى : فأتياه ، فقالا ذلك ، ودل على الحذف إجابة فرعون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والسلام على من اتبع الهدى أي : من اتبع الهدى سلم .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : (السلام على من اتبع الهدى ) و (لمن اتبع الهدى ) سواء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه : قال ابن عباس : خلق لكل شيء زوجه ، وهداه إلى منكحه ، ومطعمه ، ومشربه ، ومسكنه ، وعنه أيضا : ثم هدى أي : ثم هدى إلى الألفة ، والاجتماع ، والمناكحة .

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : المعنى : تمم لكل شيء خلقه ، ثم هداه لما يصلحه .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : خلق للرجل المرأة ، ولكل ذكر ما يوافقه من الإناث ، ثم هدى الذكر للأنثى ؛ فالتقدير على هذا : أعطى كل شيء مثل خلقه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قال فما بال القرون الأولى أي : ما حالها ؟ فأعلمه أن علمها [ ص: 304 ] عند الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : فما بال القرون الأولى لم تقر بذلك ؟ وقيل : إنما سأله عن أعمال القرون الأولى ، فأعلمه أنها محصاة عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى : لا يضل من قولهم : (أضللت الشيء ) ؛ إذا تركته في موضع فلم تجده فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : المعنى : لا يخطئ ربي ، ولا ينسى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : في كتاب غير ضال عن الله تعالى ؛ أي : غير ذاهب عنه ، ولا ينسى أي : غير ناس الله له ، فهما نعتان لـ {كتاب} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : الكلام عند قوله : في كتاب تام ، ثم ابتدأ : لا يضل ربي ولا ينسى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : الذي جعل لكم الأرض مهدا} أي : يستقر عليها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وسلك لكم فيها سبلا أي : طرقا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنـزل من السماء ماء : هذا آخر كلام موسى ، ثم قال الله تعالى : فأخرجنا به أزواجا ، وقيل : كله من كلام موسى ؛ والمعنى : فأخرجنا به بالحرث والمعالجة ؛ لأن الماء المنزل سبب خروج النبات .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله : {أزواجا} : ضروبا ، وأشباها .

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش : التقدير : أزواجا شتى من نبات ، قال : وقد يكون النبات شتى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 305 ] وقوله : لآيات لأولي النهى أي : العقول ، الواحدة : (نهية ) ، وقيل لهم ذلك ؛ لأنهم ينتهى إلى آرائهم ، وقيل : لأنهم ينهون النفس عن القبائح .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : منها خلقناكم وفيها نعيدكم : روي : أن كل أحد يدفن في الموضع الذي خلق منه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى أي : عدلا بيننا وبينك ، عن مجاهد ، وقتادة ، وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : مكانا مستويا يتبين الناس ما بيننا فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : المعنى : مكانا سوى المكان الذي كانوا فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : معنى مكانا سوى : قصدا ، ومعروف في اللغة : مكانا سوى وسوى ؛ أي : عدل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : قال موعدكم يوم الزينة : قيل : هو يوم عيد كان لهم ، عن قتادة ، والسدي ، وغيرهما .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس : كان يوم عاشوراء .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : كان يوم سوق يتزينون بها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فتولى فرعون فجمع كيده أي : حيله ، وسحره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : فيسحتكم بعذاب أي : فيهلككم ؛ أي : يستأصلكم بالإهلاك ، يقال فيه : (سحت ) ، و (أسحت ) ؛ وأصله من استقصاء الشعر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية