الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثامنة : صلاة الحاجة .

فمن ضاق عليه الأمر ومسته حاجة في صلاح دينه ودنياه إلى أمر تعذر عليه فليصل هذه الصلاة فقد روي عن وهيب بن الورد أنه قال إن من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم الكتاب ، وآية الكرسي ، وقل هو الله أحد ؛ فإذا فرغ خر ساجدا ، ثم قال : سبحان الذي لبس العز ، وقال به : سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به ، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه ، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له ، سبحان ذي المن والفضل سبحان ذي العز والكرم ، سبحان ذي ، الطول ، أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم ، وجدك الأعلى ، وكلماتك التامات العامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد وعلى آل محمد ، ثم يسأل حاجته التي لا معصية فيها فيجاب إن شاء الله عز وجل .

قال وهيب : بلغنا أنه كان يقال : لا تعلموها لسفهائكم فيتعاونون بها على معصية الله عز وجل .

التالي السابق


( الثامنة: صلاة الحاجة) ذكرها غير واحد من العلماء بكيفيات مختلفة في الدعاء، وعدد الركعات؛ ( فمن ضاق صدره) بوارد من هم أو غم ( ومسته الحاجة) ، والاضطرار ( في صلاح دينه أو دنياه إلى أمر تعذر عليه) ، وتعسرت أسبابه الميسرة له ( فليصل هذه الصلاة) الآتي ذكرها؛ ( فقد روي عن) أبي عثمان، ويقال: أبو أمية ( وهيب بن الورد) بن أبي الورد القرشي المكي مولى بني مخزوم، واسمه عبد الوهاب، ووهيب لقب غلب عليه، قال ابن معين والنسائي : ثقة، قال أبو حاتم: كان من العباد المتجردين لترك الدنيا، والمنافسين في طلب الآخرة، وكان إذا تكلم قطرت دموعه من عينه قيل: لم ير ضاحكا قط، وقال سفيان بن عيينة: رأى وهيب قوما يضحكون يوم الفطر فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كانوا لم يتقبل منهم فما هذا فعل الخائفين .

قال أبو حاتم بن [ ص: 470 ] حبان توفي في سنة ثلاث وخمسين ومائة، روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، ( أنه قال) ، وترجمه أبو نعيم في الحلية، فأطال وأطاب، وفيه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد الدورقي، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيبا يقول: ( إن من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة بأم القرآن، وآية الكرسي، وقل هو الله أحد؛ فإذا فرغ خر ساجدا، ثم قال: سبحان الذي لبس العز، وقال به: سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به، سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان ذي المن والفضل، سبحان ذي العز والتكرم، سبحان ذي الطول، أسألك بمعاقد العز من عرشك) ، ونص الحلية: بمقاعد عزك من عرشك، ومعاقد بتقديم العين على القاف، وهي الرواية الصحيحة، والمشهور على الألسنة تقديم القاف على العين، وقد صرح أصحابنا في فروع المذهب بعدم جواز الدعاء بذلك، وكأنه لما في ذلك من إيهام التشبيه، ( ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، ثم يسأل الله حاجته التي لا معصية فيها) ، ونص الحلية: ثم يسأل الله تعالى ما ليس بمعصية، ( فيجاب إن شاء الله عز وجل) ، وسقطت هذه الجملة من الحلية ( قال وهيب: بلغنا أنه كان يقال: لا تعلموها سفهاءكم فيتعاونون بها) ، ونص الحلية: فيتعاونوا بها بإسقاط النون ( على معصية الله عز وجل) أي: فيستجاب لهم، فكأن الذي يعلمه إياهم يعينهم على معصية، وأوردها الحافظ السخاوي في القول البديع، ولفظه: فيقوون بها على معاصي الله عز وجل، وقال: رواه عبد الرزاق الطبسي في الصلاة له من وجهين، والنميري في الأعلام، وابن بشكوال قال: وقد جاء نحوه عن ابن مسعود مرفوعا، وقال العراقي : رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بإسنادين ضعيفين جدا، وفيهما عمر بن هارون البلخي؛ كذبه ابن معين، وفيه علل أخرى. ا هـ .

قلت: عمر بن هارون أبو حفص البلخي الحافظ، روى عنه أبو داود وجماعة، قال الذهبي في الكاشف: قال ابن حبان : مستقيم الحديث، وقد روى له الترمذي وابن ماجه فمثل هذا لا يترك حديثه على أن الذي أورده المصنف من كتاب الحلية سنده قوي محمد بن يزيد بن خنيس راويه عن وهيب، قال أبو حاتم: شيخ صالح كتبنا عنه وأحمد بن إبراهيم الدورقي إمام مشهور وثقه غير واحد، وأحمد بن الحسين بغدادي وثقه الحاكم ثم قال العراقي : وقد وردت صلاة الحاجة ركعتين. رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وقال الترمذي : حديث غريب في إسناده مقال. ا هـ .

قلت: قال الترمذي : حدثنا علي بن عيسى بن يزيد البغدادي، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، عن فائد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين، قال الترمذي : هذا حديث غريب، وفائد يضعف في الحديث، وقال أحمد: متروك ا ه لفظ الترمذي، وفي اللآلئ المصنوعة للحافظ السيوطي عقيب هذا الكلام .

قلت: أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال أبو الورقاء: فائد مستقيم الحديث، وقد أخرجه ابن النجار في تاريخ بغداد من وجه آخر عن فائد، بزيادة في آخره، فقال أخبرنا أبو الفتح محمد بن عيسى بن بركة الجصاص، أخبرنا أبو الحسن علي بن أنوشتكين بن عبد الله الجوهري، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الربسي، أخبرنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن فدويه المعدل، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن أبي السري البكائي، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، حدثنا حسين بن محمد بن شيبة، حدثنا عبد الرحمن بن هارون العناني، حدثنا فائد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحد من بني آدم [ ص: 471 ] فليتوضأ فليحسن وضوءه، ثم ليصل ركعتين، ثم يقول: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم إنى أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا غما إلا كشفته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها، يا أرحم الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتطلب الدنيا والآخرة فإنهما عند الله.

وقال الحافظ ابن حجر : وجدت له شاهدا من حديث أنس، وسنده ضعيف أيضا؛ قال الطبراني في الدعاء، حدثنا جبرون بن عيسى، حدثنا يحيى بن سليمان المغربي، حدثنا أبو معمر عباد بن عبد الصمد، عن أنس بن مالك رفعه: إذا طلبت حاجة فأردت أن تنجح فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.

وأبو معمر ضعيف جدا، قال الحافظ ابن حجر : وللحديث طريق أخرى، عن أنس في مسند الفردوس من رواية شقيق البلخي الزاهد، عن أبي هاشم، عن أنس بمعناه، وأتم منه، لكن أبو هاشم، واسمه كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضعف وأشد قال: وجاء عن أبي الدرداء مختصرا بسند حسن أخرجه أحمد: حدثنا محمد بن بكر، حدثنا ميمون أبو محمد التميمي، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ وضوءه، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا. وأخرجه أحمد أيضا، والبخاري في التاريخ من وجه آخر، عن يوسف بنحوه .

وأخرجه الطبراني من وجه ثالث عنه أتم منه، لكن سنده أضعف ا ه، قال الحافظ السيوطي : وحديث أبي هاشم، عن أنس قال الديلمي: أخبرنا أبي أخبرنا أبو الحسن الهكاري، حدثنا علي بن الحسين بن علي الحسني، وذكر أن له مائة وخمسة وخمسين سنة .

حدثني شيخي شقيق بن إبراهيم البلخي، حدثنا أبو هاشم الأبلي، عن أنس رفعه: من كانت له حاجة إلى الله فليسبغ الوضوء، وليصل ركعتين، يقرأ في الأولى بالفاتحة وآية الكرسي، وفي الثانية بالفاتحة وآمن الرسول، ثم يتشهد ويسلم، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم يا مؤنس كل وحيد، ويا صاحب كل فريد، ويا قريبا غير بعيد، ويا شاهدا غير غائب، ويا غالبا غير مغلوب، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السموات والأرض، أسألك باسمك الرحمن الرحيم الحي القيوم الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات، ووجلت له القلوب من خشيته أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا، وكذا، فإنه تقضى حاجته. ا هـ .

قلت: أبو الحسن الهكاري شيخ والد الديلمي قد تكلم فيه ابن عساكر، وقال: لم يكن موثوقا به كما تقدم في ترجمته في صلاة يوم الاثنين .

وفي كيفية صلاة الحاجة روايات مختلفة، ومنها ما تقدم ذكره المصنف في صلاة ليلة الاثنين، ومنها ما قدمناه في صلاة يوم الجمعة، ومنها ما نقله الحافظ السخاوي في القول البديع، عن عبد الرزاق الطبسي في كتاب الصلاة، عن مقاتل بن حيان في قصة طويلة: من أراد أن يفرج الله كربته، ويكشف غمته، ويبلغه أمله وأمنيته، ويقضي حاجته ودينه، ويشرح صدره، ويقر عينه، فليصل أربع ركعات متى شاء، وإن صلاها في جوف الليل أو ضحوة النهار كان أفضل، يقرأ في كل ركعة الفاتحة، ومعها في الأولى يس، وفي الثانية الم السجدة، وفي الثالثة الدخان، وفي الرابعة تبارك، فإذا فرغ من صلاته وسلم فليستقبل القبلة بوجهه، ويأخذ في قراءة هذا الدعاء، فيقرأ مائة مرة لا يتكلم بينها، فإذا فرغ سجد سجدة فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أهل بيته مرات، ثم يسأل الله حاجته فإنه يرى الإجابة من قريب، ثم ساق الدعاء. اهـ .

وهو مشهور يعرف بدعاء مقاتل بن حيان، ويقال: إن فيه الاسم الأعظم .

ومنها ما نقله أبو العباس الشرجي من متأخري أصحابنا في كتاب الفوائد عن بعضهم قال: من كانت له حاجة فليصل أربع ركعات يقرأ في الأولى الفاتحة وسورة [ ص: 472 ] الإخلاص عشر مرات، وفي الثانية الفاتحة وسورة الإخلاص عشرين مرة، وفي الثالثة الفاتحة وسورة الإخلاص ثلاثين مرة، وفي الرابعة الفاتحة وسورة الإخلاص أربعين مرة، وبعد الفراغ يقول: اللهم بنور وجهك وجلالك، وبهذا الاسم الأعظم، وبنبيك محمد صلى الله عليه وسلم أسألك أن تقضي حاجتي، وتبلغني سؤالي وأملي، ويدعو بهذا الدعاء؛ فإنه يستجاب له، وهو هذا: بسم الله الرحمن الرحيم، الله الله الله، لا إله إلا الله، الأحد الصمد، الله الله الله، لا إله إلا الله، بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، اللهم إني أسألك بأسمائك المطهرات المعروفات المكرمات الميمونات المقدسات التي هي نور على نور، ونور فوق نور، ونور تحت نور، ونور السماوات والأرض، ونور العرش العظيم، أسألك بنور وجهك، وبقوة سلطانك المبين، وجبروتك المتين، الحمد لله الذي لا إله إلا هو بديع السماوات والأرض، ذو الجلال والإكرام، يا الله يا الله يا الله، يا رب يا رب يا رب، يا رباه يا رباه يا رباه، اغفر لي ذنوبي، وانصرني على أعدائي، واقض حاجتي في الدنيا والآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، قال: وعن محمد بن دستوريه، قال: رأيت في كتاب الإمام الشافعي رحمه الله بخطه: صلاة الحاجة لألف حاجة علمها الخضر عليه السلام لبعض العباد، يصلي ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب، والكافرون عشر مرات، وفي الثانية فاتحة الكتاب، والإخلاص عشر مرات، ثم يسجد بعد السلام، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده عشر مرات، ويقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، عشر مرات، ويقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار عشر مرات، ثم يسأل الله حاجته، فإنها تقضى إن شاء الله تعالى .

قال الشيخ أبو القاسم الحكيم: بعثت إلى العابد رسولا يعلمني هذه الصلاة فعلمنيها فصليتها، وسألت الله تعالى الحكمة فأعطانيها، وقضى لي ألف حاجة، فقال الحكيم: من أراد أن يصليها، يغتسل ليلة الجمعة، ويلبس ثيابا طاهرة، ويأتي بها عند السحر، وينوي بها قضاء الحاجة، تقضى إن شاء الله تعالى .



وهذه كيفية أخرى منقولة من كتاب آداب الفقراء للشيخ أبي القاسم القشيري رحمه الله: يتوضأ لها وضوءا جديدا، ثم يصلي أربع ركعات بتشهدين، وتسليمين يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: رب اشرح لي صدري .. الآية عشرا، وفي الثالثة بعد الفاتحة: فستذكرون ما أقول لكم الآية عشرا، وفي الرابعة بعد الفاتحة: ربنا أتمم لنا نورنا الآية عشرا، ثم يسجد بعد الفراغ، ويقول في سجوده: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، إلى آخرها إحدى وأربعين مرة، ثم يسأل الله حاجته تقضى بإذن الله تعالى .

وأخرج البيهقي في الدلائل، والنسائي في اليوم والليلة، والنميري من طريق أبي أمامة، عن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة، فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، قال عثمان بن حنيف: فشكا ذلك إليه فقال: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي، واذكر حاجتك، ثم رح حتى أروح؛ فانطلق الرجل فصنع ذلك، ثم أتى باب عثمان بن عفان، فجاءه البواب فأخذ بيده، وأدخله على عثمان، فأجلسه معه على الطنفسة، فقال: حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما فهمت حاجتك حتى كان الساعة، وما كانت لك من حاجة فسل، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيرا، ما كان ينظر إلى حاجتي، ولا يلتفت إلي حتى كلمته، فقال له عثمان بن حنيف: ما كلمته ولا كلمني، ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتاه رجل ضرير البصر، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ائت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتجلي لي عن بصري، اللهم شفعه في، وشفعني في نفسي، قال عثمان: فوالله ما تفرقنا إلا وطال بنا الحديث، حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضرر، ورواه أيضا الترمذي والنسائي وابن ماجه؛ قال الترمذي : حسن صحيح غريب. وأحمد، وابن خزيمة [ ص: 473 ] والحاكم، وصححه من طريق عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف نحوه، والله أعلم .




الخدمات العلمية