الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : فيها كان مهلك

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير عبد الوهاب بن بخت

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهو مع البطال عبد الله بأرض الروم . قتل شهيدا ، وهذه ترجمته :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 66 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      هو عبد الوهاب بن بخت أبو عبيدة ويقال : أبو بكر . مولى آل مروان ، مكي سكن الشام ثم تحول إلى المدينة روى عن ابن عمر ، وأنس وأبي هريرة وجماعة من التابعين . وعنه خلق منهم أيوب ، ومالك بن أنس ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعبيد الله العمري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديثه عن أنس مرفوعا : " نضر الله امرأ سمع مقالتي هذه فوعاها ، ثم بلغها غيره ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغل عليهن صدر مؤمن ; إخلاص العمل لله ، ومناصحة أولي الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ثم لقيه ، فليسلم عليه . وقد وثق عبد الوهاب هذا جماعات من أئمة العلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال مالك : كان كثير الحج والعمرة والغزو حتى استشهد ، ولم يكن أحق بما في رحله من رفقائه . وكان سمحا جوادا ، استشهد ببلاد الروم مع الأمير [ ص: 67 ] أبي محمد عبد الله البطال ودفن هناك ، رحمه الله تعالى . وكانت وفاته في هذه السنة . قاله خليفة وغيره . وذلك أنه لقي العدو ، ففر بعض المسلمين ، فجعل ينادي ويركض فرسه نحو العدو ; أن هلموا إلى الجنة ، ويحكم ! أتفرون من الجنة؟ ! ثم قاتل حتى قتل ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مكحول الشامي ،

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تابعي جليل ، كبير القدر ، إمام أهل الشام في زمانه ، وكان مولى لامرأة من هذيل وقيل : مولى امرأة من آل سعيد بن العاص . وكان نوبيا . وقيل : من سبي كابل . وقيل : كان من الأبناء ، من سلالة الأكاسرة . وقد ذكرنا نسبه في كتابنا " التكميل " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال محمد بن إسحاق : سمعته يقول : طفت الأرض كلها في طلب العلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزهري : العلماء أربعة سعيد بن المسيب بالحجاز والحسن البصري بالبصرة والشعبي بالكوفة ومكحول بالشام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعضهم : كان لا يستطيع أن يقول : قل . وإنما يقول : كل . وكان له وجاهة عند الناس ، مهما أمر به من شيء يفعل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال سعيد بن عبد العزيز : كان أفقه أهل الشام وكان أفقه من الزهري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 68 ] وقال غير واحد : توفي في هذه السنة . وقيل : بعدها . فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 69 ]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية