الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن طولون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو العباس
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أمير الديار المصرية ، وباني الجامع بها ، المنسوب إليه ، وقد ملك دمشق والعواصم والثغور مدة طويلة ، وقد كان أبوه طولون من الأتراك الذين أهداهم نوح بن أسد بن سامان الساماني ، عامل بخارى إلى المأمون في سنة مائتين ، ويقال : إلى الرشيد في سنة تسعين ومائة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد أحمد هذا في سنة أربع عشرة ، وقيل : في سنة عشرين ومائتين . [ ص: 588 ] ومات أبوه طولون في سنة ثلاثين ، وقيل : في سنة أربعين ومائتين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحكى ابن خلكان أنه لم يكن ابنه وإنما تبناه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحكى ابن عساكر أنه من جارية تركية اسمها هاشم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ونشأ أحمد هذا في صيانة وعفاف ودراسة للقرآن العظيم ، مع حسن الصوت ، وكان يعيب على أولاد الترك ما يرتكبونه من المحرمات والأشياء المنكرات ، وكانت أمه جارية اسمها هاشم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحكى الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " عن بعض مشايخ مصر أن طولون لم يكن أباه ، وإنما كان قد تبناه ، وأنه كان ظاهر النجابة من صغره ، وأنه اتفق أن بعثه طولون في حاجة ليأتيه بها من قصر الإمارة ، فذهب ، فإذا حظية من حظايا أبيه مع بعض الخدم في فاحشة ، فأخذ حاجته التي أمره بها ، وكر راجعا إليه سريعا ، ولم يخبره بشيء مما رأى من ذلك ، فتوهمت الحظية أن يكون أحمد قد أخبر طولون بما رأى ، فجاءت إلى طولون فقالت : إن أحمد [ ص: 589 ] جاءني الآن إلى المكان الفلاني وراودني عن نفسي ، وانصرفت إلى قصرها ، فوقع في نفسه صدقها ، فاستدعى أحمد ، وكتب معه كتابا ، وختمه إلى بعض الأمراء : أن إذا وصل إليك حامل هذا الكتاب فاضرب عنقه ، وابعث برأسه سريعا إلي . فذهب أحمد وهو لا يدري ما في الكتاب ، فاجتاز في طريقه بقصر تلك الحظية ، فاستدعته إليها ، فقال : إني مشغول بهذا الكتاب لأوصله إلى فلان . فقالت : هلم ، فلي إليك حاجة - وأرادت أن تحبسه عندها ; ليكتب لها كتابا ، لتحقق في ذهن الملك ما ذكرته من أمره ، وأرسلت بذلك الكتاب مع الخادم الذي كانت هي وإياه على الفاحشة وجلس أحمد يكتب لها الكتاب ، وذهب ذلك الخادم إلى ذلك الأمير بالكتاب ، فلما قرأه أمر بضرب عنقه ، وأرسل برأسه إلى الملك طولون ، فتعجب الملك وقال : أين أحمد ؟ فطلب له ، فقال : ويحك ، أخبرني كيف صنعت منذ خرجت من بين يدي ؟ فأخبره بما جرى من الأمر ، ولما سمعت تلك الحظية بأن رأس الخادم قد أتي به إلى الملك سقط في يديها ، وتوهمت أن الملك قد تحقق الحال ، فقامت إليه [ ص: 590 ] تعتذر وتستغفر مما وقع منها مع الخادم ، واعترفت بالحق وبرأت ساحة أحمد ، فحظي عنده ، وأوصى له بالملك من بعده .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم ولي نيابة الديار المصرية للمعتز ، فدخلها يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين ، فأحسن إلى أهلها إحسانا كثيرا ، وأنفق فيهم من بيت المال ومن صدقاته ، واستغل الديار المصرية في بعض السنين أربعة آلاف ألف دينار ، وبنى بها الجامع ، وغرم عليه مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار ، وكان فراغه في سنة تسع وخمسين ، وقيل : في سنة ست وستين . وكانت له مائدة في كل يوم يحضرها الخاص والعام ، وكان يتصدق في كل شهر من خالص ماله بألف دينار . وقال له وكيله يوما : إنه تأتيني المرأة وعليها الإزار وبذلة وهيئة فتسألني أفأعطيها ؟ فقال : من مد يده إليك فأعطه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان من أحفظ الناس لتلاوة القرآن ، ومن أطيبهم صوتا به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قيل - فيما حكاه ابن خلكان : إنه قتل صبرا نحوا من ثمانية عشر ألف نفس . والله أعلم . وبنى البيمارستان ، فغرم عليه ستين ألف دينار ، وعلى الميدان مائة وخمسين ألفا ، وكان له صدقات كثيرة جدا ، وإحسان زائد ، ثم ملك دمشق بعد أميرها أماجور في سنة أربع وستين ومائتين ، فأحسن إليهم أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 591 ] واتفق أنه وقع بها حريق عند كنيسة مريم ، فنهض بنفسه إليه ومعه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الحافظ الدمشقي ، وكاتبه أبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي ، ثم أمر كاتبه أن يخرج من مال الأمير سبعين ألف دينار تصرف إلى أهل الدور والأموال التي أحرقت ، فصرف إليهم جميع قيمة ما ذكروه ، وبقي أربعة عشر ألف دينار ، فأمر بها أن توزع عليهم على قدر حصصهم ، ثم أمر بمال عظيم يفرق على فقراء دمشق وغوطتها ، فأقل ما حصل للفقير دينار ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم خرج إلى أنطاكية فحاصر بها صاحبها سيما حتى قتله ، وتسلم البلد - كما ذكرنا ذلك فيما تقدم - ثم كانت وفاته بمصر في أوائل ذي القعدة من هذه السنة من علة أصابته من أكل لبن الجواميس ، فأصابه ذرب ، فداواه الأطباء ، فلم يقبل منهم ، فكان يأكل منه في الخفية ، فمات . رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ترك من الأموال والأثاث والدواب شيئا كثيرا جدا ; من ذلك عشرة آلاف ألف دينار ، وكان له ثلاثة وثلاثون ولدا ; منهم سبعة عشر ذكرا ، فقام [ ص: 592 ] بالأمر من بعده ولده خمارويه ، وسيأتي ما كان من أمره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان له من الغلمان أربعة وعشرون ألف غلام ، ومن الموالى سبعة آلاف مولى ، ومن البغال والخيل والجمال شيء كثير جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن خلكان : وإنما تغلب على البلاد لاشتغال الموفق طلحة ابن المتوكل عنه بحرب صاحب الزنج وقد كان الموفق نائب أخيه المعتمد على الله - وهو والد المعتضد - رحمهم الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأحمد بن محمد بن عبد الكريم بن سهل الكاتب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب كتاب " الخراج " ، قاله ابن خلكان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأحمد بن عبد الله بن البرقي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأسيد بن عاصم الجمال .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبكار بن قتيبة المصري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في ذي الحجة من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 593 ] والحسن بن زيد العلوي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب طبرستان في رجب من هذه السنة ، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وستة أيام ، وقام بالأمر من بعده أخوه محمد بن زيد ، وكان الحسن بن زيد كريما جوادا ممدحا يعرف الفقه والعربية ، قال له شاعر في جملة قصيدة مدحه بها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الله فرد وابن زيد فرد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقال : ويلك ، لا تقل ، هلا قلت :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الله فرد وابن زيد عبد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم نزل عن سريره ، وخر ساجدا لله - عز وجل - وألصق خده بالتراب ، ولم يعط ذلك الشاعر شيئا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وامتدحه بعضهم فقال في أول قصيدته :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لا تقل بشرى ولكن بشريان     عزة الداعي ويوم المهرجان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقال له الحسن بن زيد : لو ابتدأت بالمصراع الثاني لكان أحسن ، وأبعد لك أن تبتدئ شعرك بحرف " لا " . فقال له الشاعر : ليس في الدنيا كلمة أجل من قول : لا إله إلا الله . فقال : أصبت . وأمر له بجائزة سنية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 594 ] والحسن بن علي بن عفان العامري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وداود بن علي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأصبهاني
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم البغدادي الفقيه الظاهري ، إمام أهل الظاهر ، روى عن أبي ثور ، وإبراهيم بن خالد ، وإسحاق بن راهويه ، وسليمان بن حرب ، وعبد الله بن سلمة القعنبي ، ومسدد بن مسرهد ، وغير واحد ، وروى عنه ابنه الفقيه أبو بكر بن داود ، وزكريا بن يحيى الساجي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الخطيب : كان فقيها زاهدا وفي كتبه حديث كثير ، والرواية عنه عزيزة جدا ، وكانت وفاته ببغداد في هذه السنة ، وكان مولده في سنة مائتين ، وقيل : في سنة ثنتين ومائتين . وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في " طبقاته " أن أصله من أصبهان وولد بالكوفة ، ونشأ ببغداد وأنه انتهت إليه رياسة العلم بها ، وكان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب [ ص: 595 ] طيلسان أخضر ، وكان من المتعصبين للشافعي ، وصنف مناقبه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره : كان حسن الصلاة والتواضع .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال الأزدي : ترك حديثه . ولم يتابع الأزدي على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لكن روي عن الإمام أحمد أنه تكلم فيه بسبب كلامه في القرآن ، وأن لفظه به مخلوق ، كما نسب إلى الإمام البخاري ، رحمه الله . قلت : وقد كان من الفقهاء المشهورين ، ولكن حصر نفسه بنفيه القياس الصحيح ، فضاق بذلك ذرعه في أماكن كثيرة من الفقه ، فلزمه القول بأشياء قطعية صار إليها بسبب اتباعه الظاهر المجرد من غير تفهم لمعنى النص .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد اختلف الفقهاء القياسيون بعده في الاعتداد بخلافه ، وأنه هل ينعقد الإجماع بدونه مع خلافه أم لا ؟ على أقوال ليس هذا موضع بسطها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الربيع بن سليمان المرادي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب الشافعي وقد ترجمناه في " طبقات الشافعية "

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والقاضي بكار بن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحاكم بالديار المصرية من سنة ست [ ص: 596 ] وأربعين ومائتين إلى أن توفي مسجونا في حبس أحمد بن طولون ; لكونه لم يخلع الموفق في سنة سبعين ، وكان عالما عابدا زاهدا كثير التلاوة والمحاسبة لنفسه ، وقد شغر منصب القضاء بعده بمصر ثلاث سنين وقد بسط ابن خلكان ترجمته في الوفيات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن قتيبة الدينوري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاضيها ، النحوي اللغوي صاحب المصنفات البديعة المفيدة المحتوية على علوم جمة نافعة ، اشتغل ببغداد ، وسمع بها الحديث على إسحاق بن راهويه وطبقته ، وأخذ اللغة عن أبي حاتم السجستاني وذويه ، وصنف وجمع وألف الكتب الكثيرة ; فمن ذلك كتاب " المعارف " " وأدب الكاتب " الذي شرحه أبو محمد بن السيد البطليوسي ، وكتاب " مشكل القرآن والحديث " ، " وغريب القرآن والحديث " ، " وعيون الأخبار " ، " وإصلاح الغلط " ، وكتاب " الخيل " ، وكتاب " الأنواء " ، وكتاب " المسائل والجوابات " ، وكتاب " الميسر والقداح " ، وغير ذلك . وكانت وفاته في هذه السنة ، وقيل : في التي بعدها . ومولده في سنة ثلاث عشرة ومائتين ، ولم يجاوز الستين ، وروى عنه ولده أحمد جميع [ ص: 597 ] مصنفاته . وقد ولي ولده أحمد قضاء مصر سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة . وتوفي بها بعد سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومحمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومحمد بن مسلم بن وارة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومصعب بن أحمد أبو أحمد الصوفي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان من أقران الجنيد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي ملك الروم ابن الصقلبية ، لعنه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ابتدأ إسماعيل بن موسى ببناء مدينة لاردة من بلاد الأندلس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية