الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الرزاق الغزنوي الصوفي ، شيخ رباط عتاب ، حج مرات على التجريد ، مات وله نحو مائة سنة ، ولم يترك كفنا ، وقد قالت له امرأته وهو في الاحتضار : ستفتضح اليوم ; لا يوجد لك كفن ، فقال لها : لو تركت كفنا لافتضحت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعكسه أبو الحسن البسطامي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      شيخ رباط ابن المحلبان ، كان لا يلبس إلا الصوف شتاء وصيفا ، ويظهر الزهد ، وحين توفي وجد له أربعة آلاف دينار مدفونة ، فتعجب الناس من حاليهما ، واتفاق موتهما في هذه السنة ، فرحم الله الأول وسامح الثاني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الوزير عميد الدولة ابن جهير ، محمد بن أبي نصر بن محمد بن جهير الوزير الكبير

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو منصور ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملقب عميد الدولة كان أحد رؤساء الوزراء وسادات الكبراء ، خدم ثلاثة من الخلفاء ووزر لاثنين منهم ، وكان حليما قليل العجلة ; [ ص: 174 ] إلا أنه كان يتكلم فيه بسبب الكبر ، وقد ولي الوزارة مرات ; يعزل ثم يعاد ، ثم كان آخرها هذه المرة ، حبس بدار الخلافة فلم يخرج من السجن إلا ميتا في شوال منها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن جزلة الطبيب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يحيى بن عيسى بن جزلة
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، صاحب " المنهاج " في الطب ، كان نصرانيا وكان يتردد إلى الشيخ أبي علي بن الوليد المعتزلي يشتغل عليه في المنطق ، فكان أبو علي يدعوه إلى الإسلام ويوضح له الدلالات حتى أسلم وحسن إسلامه ، واستخلفه أبو عبد الله الدامغاني قاضي القضاة في كتب السجلات ، ثم كان يطبب الناس بعد ذلك بلا أجرة ، وربما ركب لهم الأدوية من ماله تبرعا ، وقد أوصى بكتبه أن تكون وقفا بمشهد أبي حنيفة ؛ رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية