الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي في هذه السنة من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب وكان عزيزا على عمه الملك الناصر صلاح الدين استنابه بمصر وغيرها من البلاد ثم أقطعه حماة ومدنا كثيرة معها حولها ومن بلاد الجزيرة وكان مع عمه السلطان على عكا ثم استأذنه في الإشراف على بلاده المجاورة للفرات فلما صار إليها اشتغل بها ، وامتدت عينه إلى أخذ غيرها من أيدي الملوك المجاورين لها فقاتلهم فاتفق موته وهو في ذلك والسلطان الناصر صلاح متغضب عليه بسبب اشتغاله بذلك عنه وحملت جنازته حتى دفنت بحماة وله مدرسة هناك هائلة ، وكذلك له بدمشق مدرسة مشهورة وعليها أوقاف كثيرة مبرورة وقام بالملك بعده ولده [ ص: 637 ] المنصور ناصر الدين محمد فأقره الملك صلاح الدين على ذلك بعد جهد جهيد ووعد ووعيد ، ولولا السلطان الملك العادل أبو بكر تشفع فيه لما استقر في مكان أبيه ولكن الله سلم ، وكانت وفاة تقي الدين يوم الجمعة تاسع عشر رمضان من هذه السنة وكان شجاعا باسلا وهماما فاتكا كريما كاملا رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أمه ست الشام بنت أيوب واقفة الشاميتين بدمشق وفي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان أيضا تفجع السلطان بابن أخيه وابن أخته في ليلة واحدة ، وقد كانا من أكبر الأعوان وأعز الإخوان ، ودفن حسام الدين في التربة الحسامية وهي التي أنشأتها أمه بمحلة العوينة وهي الشامية البرانية

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير علم الدين سليمان بن جندر الحلبي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان من أكابر الأمراء في الدولة الصلاحية ، وفي خدمة السلطان حيث كان هو الذى أشار على السلطان بتخريب عسقلان واتفق مرضه بالقدس ، فاستأذن في أن يمرض بدمشق فأذن له فسار حتى وصل إلى غباغب فمات بها في أواخر ذي الحجة . [ ص: 638 ] وفي رجب توفي الأمير الكبير نائب دمشق حرسها الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصفي بن الفائض

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان من أكبر أصحاب السلطان قبل الملك ثم استنابه على دمشق حتى توفي بها في هذه السنة رحمه الله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الأول توفي : الطبيب الماهر الحاذق أسعد بن المطران

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد شرف بالإسلام وشكره على طبه الخاص والعام رحمه الله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ نجم الدين الخبوشاني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الذي بنى تربة الشافعي بمصر بأمر السلطان صلاح الدين ، ووقف عليها الأوقاف السنية وولاه تدريسها ونظرها وقد كان السلطان يحترمه ويكرمه وقد ذكرته في " طبقات الشافعية " وما صنفه في المذهب من " شرح الوسيط " وغيره ولما توفي الخبوشاني طلب التدريس جماعة فشفع الملك العادل عند أخيه لشيخ الشيوخ أبي الحسن محمد بن حمويه فولاه إياها ، ثم عزله عنها بعد موت السلطان واستمرت عليها أيدي بني السلطان واحدا بعد واحد ثم خلصت بعد ذلك وعادت إليها الفقهاء والمدرسون ، والله تعالى أعلم بالصواب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية