الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير إيتامش بن عبد الله

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد أمراء الخليفة الناصر ، كان من سادات الأمراء دينا وعقلا ونزاهة وعفة ، سقاه بعض الكتاب من النصارى سما ، فمات [ ص: 760 ] ؛ رحمه الله . وكان اسم الذي سقاه : ابن ساوى ، فلما اطلع الخليفة على الحال سلم ابن ساوى إلى غلمان إيتامش فشفع فيه ابن مهدي الوزير ، وقال : إن النصارى قد بذلوا فيه خمسين ألف دينار ، فكتب الخليفة على رأس الورقة :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إن الأسود أسود الغاب همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فتسلمه غلمان إيتامش فقتلوه وحرقوه ، وقبض الخليفة بعد ذلك على ابن مهدي الوزير ، كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الرصافي الحنبلي ،

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      المكبر بجامع المهدي ، راوي " مسند الإمام أحمد " عن ابن الحصين ، عن ابن المذهب عن ابن مالك ، عن عبد الله ، عن أبيه . عمر تسعين سنة ، وخرج من بغداد فأسمعه بإربل ، واستقدمه ملوك دمشق إليها ، فسمع الناس بها عليه المسند ، وكان المعظم يكرمه ، ويأكل عنده على السماط من الطيبات ، فتصيبه التخمة كثيرا ; لأنه كان ضيق الحال ، خشن العيش ببغداد ، وكان الكندي إذا دخل على المعظم يسأل عن حنبل فيقول المعظم : هو متخوم ، فيقول : أطعمه العدس . فيضحك المعظم ، ثم أعطاه المعظم مالا جزيلا ، ورده إلى بغداد فتوفي بها في هذه السنة ، وكان مولده سنة عشر وخمسمائة ، وكان معه ابن طبرزد ، فتأخرت وفاته عنه إلى سنة سبع وستمائة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الرحمن بن عيسى بن أبي الحسن البزوري الواعظ البغدادي ،

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 761 ] سمع من ابن أبي الوقت وغيره ، واشتغل على ابن الجوزي بالوعظ ، ثم حدثته نفسه بمضاهاته وشمخت نفسه ، واجتمع عليه طائفة من أهل باب النصيرة ، ثم تزوج في آخر عمره - وقد قارب السبعين - بصبية ، فاغتسل في يوم بارد ، فانتفخ ذكره ، فمات في هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير زين الدين قراجا الصلاحي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب صرخد كانت له دار عند باب الصغير عند قناة الزلاقة وتربته بالسفح في قبة على جادة الطريق عند تربة ابن تميرك ، وأقر العادل ولده يعقوب على صرخد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد العزيز الطبيب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      توفي فجأة ، وهو والد سعد الدين الطبيب الأشرفي ، وفيه يقول ابن عنين :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فرادى ولا خلف الخطيب جماعة     وموت ولا عبد العزيز طبيب



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      العفيف ابن الدرجي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إمام مقصورة الحنفية الغربية بجامع بني أمية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 762 ] أبو محمد جعفر بن محمد بن محمود بن هبة الله بن أحمد بن يوسف الإربلي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان فاضلا في علوم كثيرة ، في الفقه على مذهب الشافعي ، والحساب والفرائض والهندسة والأدب والنحو ، وما يتعلق بعلوم القرآن العزيز وغير ذلك . ومن شعره الحسن الجيد ، قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لا يدفع المرء ما يأتي به القدر     وفي الخطوب إذا فكرت معتبر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فليس ينجي من الأقدار إن نزلت     رأي وحزم ولا خوف ولا حذر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فاستعمل الصبر في كل الأمور ولا     تجزع لشيء فعقبى صبرك الظفر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كم مسنا مرة عسر فصرفه     صرف الزمان ووالى بعده يسر
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لا ييأس المرء من روح الإله     فما ييأس منه إلا عصبة كفروا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إني لأعلم أن الدهر ذو دول     وأن يوميه ذا أمن وذا خطر



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية