الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 167 ] ذكر ما آل إليه أمر الفرس باليمن

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن هشام : ثم مات وهرز فأمر كسرى ابنه المرزبان بن وهرز على اليمن ، ثم مات المرزبان فأمر كسرى ابنه التينجان ، ثم مات فأمر ابن التينجان ، ثم عزله عن اليمن ، وأمر عليها باذان ، وفي زمنه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن هشام فبلغني عن الزهري أنه قال : كتب كسرى إلى باذان : إنه بلغني أن رجلا من قريش خرج بمكة يزعم أنه نبي فسر إليه فاستتبه فإن تاب ، وإلا فابعث إلي برأسه . فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا من شهر كذا فلما أتى باذان الكتاب وقف لينتظر ، وقال : إن كان نبيا فسيكون ما قال . فقتل الله كسرى في اليوم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : ابن هشام على يدي ابنه شيرويه قلت : وقال بعضهم : بنوه تمالئوا على قتله . وكسرى هذا هو أبرويز بن هرمز بن أنوشروان بن قباز وهو الذي غلب الروم في قوله تعالى الم غلبت الروم في أدنى الأرض [ الروم : 1 - 3 ] كما سيأتي بيانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال السهيلي : وكان قتله ليلة الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الأولى [ ص: 168 ] سنة تسع من الهجرة كان . والله أعلم . لما كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام فغضب ، ومزق كتابه كتب إلى نائبه باليمن يقول له ما قال . وفي بعض الروايات ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لرسول باذان إن ربي قد قتل الليلة ربك فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قتل تلك الليلة بعينها قتله بنوه لظلمه بعد عدله بعدما خلعوه ، وولوا ابنه شيرويه فلم يعش بعد قتله أباه إلا ستة أشهر أو دونها ، وفي هذا يقول خالد بن حق الشيباني


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكسرى إذ تقسمه بنوه بأسياف كما اقتسم اللحام     تمخضت المنون له بيوم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أنى ، ولكل حاملة تمام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الزهري : فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلامه ، وإسلام من معه من الفرس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الرسل : إلى من نحن يا رسول الله ؟ قال أنتم منا ، وإلينا أهل البيت قال الزهري : ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سلمان منا أهل البيت قلت : والظاهر أن هذا كان بعد ما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، ولهذا بعث الأمراء إلى اليمن لتعليم الناس الخير ، ودعوتهم إلى الله عز وجل فبعث أولا خالد بن الوليد ، وعلي بن أبي طالب ، ثم [ ص: 169 ] أتبعهما أبا موسى الأشعري ، ومعاذ بن جبل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية