الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب يذكر فيه قوله تعالى أياما معدودات إلى آخر الآية.

                                                                                                                                                                                  قوله: أياما " منصوب بفعل محذوف تقديره: صوموا أياما معدودات، يعني: في أيام معدودات، أي موقتا بعدد معلوم، وقيل: منصوب بقوله: "لعلكم تتقون أياما" أي في أيام، وقال الزمخشري: انتصاب "أياما" بالصيام، كقولك: نويت الخروج يوم الجمعة، وقال بعضهم: وللزمخشري في إعرابه كلام متعقب ليس هذا موضعه.

                                                                                                                                                                                  قلت: التعقيب في كلام المتعقب من غير تأمل، وقد سمعت الأساتذة الكبار من علماء العرب والعجم أن من رد على الزمخشري في غير الاعتقاديات فهو رد عليه، والمتعقب هو أبو البقاء، حيث قال: لا يجوز أن ينصب بالصيام؛ لأنه مصدر، وقد فرق بينه وبين أيام بقوله: كما كتب " وما يعمل فيه المصدر كالصلة، ولا يفرق بين الصلة والموصول بأجنبي. انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: قال القاضي أيضا: نصبها ليس بالصيام؛ لوقوع الفصل بينهما، بل بإضمار صوموا.

                                                                                                                                                                                  قلت: للزمخشري فيه دقة نظر، وهو أنه إنما قال: "انتصاب أياما بالصيام" نظرا إلى أن قوله: كما كتب " حال، فلا يكون أجنبيا عن العامل والمعمول، وقال صاحب اللباب: يجوز أن ينتصب بالصيام إذا جعلت كما كتب " حالا، وقال الزجاج: الأجود أن يكون العامل في أياما الصيام، كأن المعنى: كتب عليكم أن تصوموا أياما معدودات، ولقد أجاد من قال:


                                                                                                                                                                                  وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم



                                                                                                                                                                                  قوله: أو على سفر " أي أو راكب سفر.

                                                                                                                                                                                  قوله: فعدة " أي فعليه عدة، وقرئ بالنصب، يعني: فليصم عدة.

                                                                                                                                                                                  قوله: من أيام أخر " وفي قراءة أبي "من أيام أخر متتابعات".

                                                                                                                                                                                  قوله: وعلى الذين يطيقونه " أي الصوم، أي الذين لا عذر لهم إن أفطروا "فدية طعام مسكين" نصف صاع من بر أو صاع من غيره، وكان ذلك في أول الإسلام حين فرض عليهم الصوم ولم يتعودوه، فاشتد عليهم، فرخص لهم في الإفطار والفدية، وقرأ ابن عباس "يطوقونه" أي يكلفونه وعنه "يتطوقونه" يعني يتكلفونه، وهم الشيوخ والعجائز، وحكمهم الإفطار والفدية.

                                                                                                                                                                                  قوله: فمن تطوع خيرا " أي زاد على مقدار الفدية.

                                                                                                                                                                                  قوله: فهو خير له " أي فالتطوع خير له، وقرئ "فمن يطوع" بمعنى يتطوع.

                                                                                                                                                                                  قوله: وأن تصوموا " أي: وصومكم أيها المطيقون خير لكم من الفدية وتطوع الخير، وفي قراءة أبي " والصيام خير لكم ".




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية