الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6759 (باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه؛ فإن قضاء الحاكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب يذكر فيه من قضي له على صيغة المجهول.

                                                                                                                                                                                  قوله: " بحق أخيه " إنما ذكر بالأخوة باعتبار الجنسية؛ لأن المراد خصمه، وهو أعم من أن يكون مسلما أو ذميا أو معاهدا أو مرتدا؛ لأن الحكم في الكل سواء. وقيل: يحتمل أن يكون هذا من باب التهييج، وعبر بقوله: بحق أخيه مراعاة للفظ الخبر الذي تقدم في ترك الحيل من طريق الثوري ، عن هشام بن عروة .

                                                                                                                                                                                  قوله: " فإن قضاء الحاكم" إلى آخره هذا الكلام من كلام الشافعي ؛ فإنه لما ذكر هذا الحديث قال: فيه دلالة على أن الأمة إنما كلفوا القضاء على الظاهر. وفيه أن قضاء القاضي لا يحرم حلالا ولا يحل حراما .

                                                                                                                                                                                  وتحرير هذا الكلام أن مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وسائر الظاهرية : أن كل قضاء قضى به الحاكم من تمليك مال أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو من حله بطلاق أو بما أشبه ذلك - أن ذلك كله على حكم الباطن؛ فإن كان ذلك في الباطن كهو في الظاهر وجب ذلك على ما حكم به، وإن كان ذلك في الباطن على خلاف ما شهد به الشاهد أن على خلاف ما حكم به بشهادتهما على الحكم الظاهر لم يكن قضاء القاضي موجبا شيئا من تمليك ولا تحريم ولا تحليل، وهو قول الثوري والأوزاعي ومالك وأبي يوسف أيضا، وقال ابن حزم : لا يحل ما كان حراما قبل قضائه، ولا يحرم ما كان حلالا قبل قضائه، إنما القاضي منفذ على الممتنع فقط، لا مزية له سوى هذا، وقال الشعبي وأبو حنيفة ومحمد : ما كان من تمليك مال فهو على حكم الباطن، وما كان من ذلك من قضاء بطلاق أو نكاح بشهود ظاهرهم العدالة وباطنهم الجراحة، فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم الذي تعبد الله أن يحكم بشهادة مثلهم معه، فذلك يجزئهم في الباطن لكفايته في الظاهر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية