الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6366 ) مسألة قال : ( وإن كانت آيسا ، فبثلاثة أشهر ) وهذا المشهور عن أحمد أيضا . وهو قول الحسن ، وابن سيرين ، والنخعي ، وأبي قلابة ، وأحد قولي الشافعي . وسأل عمر بن عبد العزيز أهل المدينة والقوابل ، فقالوا : لا تستبرأ الحبلى في أقل من ثلاثة أشهر . فأعجبه قولهم . وعن أحمد ، [ ص: 115 ] رواية أخرى ، أنها تستبرأ بشهر .

                                                                                                                                            وهو قول ثان للشافعي ; لأن الشهر قائم مقام القرء في حق الحرة والأمة المطلقة ، فكذلك في الاستبراء . وذكر القاضي رواية ثالثة ، أنها تستبرأ بشهرين . كعدة الأمة المطلقة . ولم أر لذلك وجها ، ولو كان استبراؤها بشهرين ، لكان استبراء ذات القرء بقرأين ، ولم نعلم به قائلا . وقال سعيد بن المسيب ، وعطاء ، والضحاك ، والحكم ، في الأمة التي لا تحيض : تستبرأ بشهر ونصف . ورواه حنبل عن أحمد ، فإنه قال : قال عطاء : إن كانت لا تحيض ، فخمس وأربعون ليلة . قال عمي : كذلك أذهب ; لأن عدة الأمة المطلقة الآيسة كذلك . والمشهور عن أحمد الأول .

                                                                                                                                            قال أحمد بن القاسم : قلت لأبي عبد الله : كيف جعلت ثلاثة أشهر مكان حيضة ، وإنما جعل الله في القرآن مكان كل حيضة شهرا ؟ فقال : إنما قلنا بثلاثة أشهر من أجل الحمل ، فإنه لا يتبين في أقل من ذلك ، فإن عمر بن عبد العزيز سأل عن ذلك ، وجمع أهل العلم والقوابل ، فأخبروه أن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر ، فأعجبه ذلك . ثم قال : ألا تسمع قول ابن مسعود : إن النطفة أربعين يوما ، ثم علقة أربعين يوما ، ثم مضغة بعد ذلك . قال أبو عبد الله : فإذا خرجت الثمانون ، صار بعدها مضغة ، وهي لحم ، فتبين حينئذ . وقال لي : هذا معروف عند النساء . فأما شهر ، فلا معنى فيه ، ولا نعلم به قائلا . ووجه استبرائها بشهر ، أن الله تعالى جعل الشهر مكان الحيضة ، ولذلك اختلفت الشهور باختلاف الحيضات ، فكانت عدة الحرة الآيسة ثلاثة أشهر ، مكان ثلاثة قروء ، وعدة الأمة شهرين ، مكان قرأين ، وللأمة المستبرأة التي ارتفع حيضها عشرة أشهر ; تسعة للحمل ، وشهر مكان الحيضة ، فيجب أن يكون مكان الحيضة هاهنا شهر ، كما في حق من ارتفع حيضها .

                                                                                                                                            فإن قيل : فقد وجد ثم ما دل على البراءة ، وهو تربص تسعة أشهر . قلنا : وهاهنا ما يدل على البراءة ، وهو الإياس ، فاستويا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية