الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 302 ] ( فصل ) في أحكام زوجات الكافر إذا أسلم على أكثر من مباحة

                                                                                                                            ( إذا ) ( أسلم ) كافر حر ( وتحته أكثر من أربع ) من الزوجات الحرائر ( وأسلمن معه ) ولو قبل وطء ( أو ) أسلمن قبله ثم أسلم هو ، أو عكسه بعد نحو وطء وهن ( في العدة ، أو كن كتابيات ) يحل للمسلم نكاحهن وإن لم يسلمن ( لزمه ) حتما وإن زعم بعضهم أن معناه جواز ذلك له إن تأهل للاختيار لكونه مكلفا ، أو سكران مختارا غير مرتد ولو مع إحرام وعدة شبهة ( اختيار أربع ) ولو ضمنا بأن يختار الفسخ فيما زاد عليهن كما يأتي لحرمة الزائد عليهن لا إمساكهن فله بعد اختيارهن فراقهن ( منهن ) ولو ميتات فيرثهن تقدمن ، أو تأخرن استوفى نكاحهن الشروط ، أو لم يستوفها كأن عقد عليهن معا للخبر الصحيح السابق { أنه صلى الله عليه وسلم أمر من أسلم وتحته عشر نسوة أن يختار أربعا } ولم يفصل له " فدل على العموم كما هو شأن الوقائع القولية ، وحمله على الأوائل يرد رواية الشافعي والبيهقي فيمن تحته خمس اختار أولاهن للفراق .

                                                                                                                            وعلى تجديد العقد مخالف للظاهر من غير دليل ، وإسلام من فيه رق على أكثر من ثنتين كإسلام الحر على أكثر من أربع هنا وفي جميع ما يأتي ، وقد يتصور اختياره لأربع بأن يعتق قبل إسلامه سواء قبل إسلامهن ، أو بعده ، أو معه أو بعد إسلامه وقبل إسلامهن لأن العبرة بوقت الاختيار وهو عنده حر ومن ثم امتنع عليه إمساك الأمة .

                                                                                                                            ولو أسلم معه ، أو في العدة ثنتان ثم عتق ثم أسلمت الباقيات فيها لم يختر إلا ثنتين ولو من المتأخرات لاستيفائه عدد العبيد قبل عتقه ، أما من لم يتأهل كغير مكلف أسلم تبعا فيوقف اختياره لكماله ونفقتهن في ماله وإن كن ألفا لأنهن محبوسات لحقه ( ويندفع ) باختيار الأربع نكاح ( من زاد ) منهن على الأربع المختارة لكن من حين الإسلام إن أسلموا معا وإلا فمن إسلام السابق من الزوج والمندفعة فتحسب [ ص: 303 ] العدة من حينئذ لأنه السبب في الفرقة لا من حين الاختيار وفرقتهن فرقة فسخ لا فرقة طلاق ، ولو أسلمت على أكثر من زوج لم يكن لها اختيار على الأصح أسلموا معه ، أو مرتبا ، ثم إن ترتب النكاحان فهي للأول ، وكذا لو أسلما دونها ، أو الأول وحده وهي كتابية ، فإن مات ثم أسلمت مع الثاني أقرت معه إن اعتقدوا صحته ، وإن وقعا معا لم تقر مع واحد منهما مطلقا ( وإن أسلم ) منهن ( معه قبل دخول ، أو ) أسلم معه ، أو بعده ، أو قبله بعد الدخول ( في العدة أربع فقط ) بأن اجتمع إسلامه وإسلامهن قبل انقضائها وليس تحته كتابية ( تعين ) واندفع نكاح من بقي بتخلفهن مثلا لتعذر إمساكهن بتخلفهن عنه في الأولى وعن العدة في الثانية .

                                                                                                                            وأفهم ما تقرر فيها أنه لو كان تحته ثمان مثلا فأسلم أربع لم يخترهن وأسلم الزائدات ، أو بعضهن في العدة ، أو كانت الزائدات كتابيات لم يتعين الأول ، وأنه لو أسلم أربع ثم انقضت عدتهن أو متن ثم أسلم ثم الباقيات في عدتهن تعينت الأخيرات لاجتماع إسلامهن مع إسلامه قبل انقضاء عدتهن ، ولو أسلم أربع ثم هو قبل انقضاء عدتهن وتخلفت الباقيات حتى انقضت عدتهن من حين إسلامه ، أو متن مشركات تعينت الأوليات لما ذكر ، فإن لم يتخلفن بل أسلمن قبل انقضاء عدتهن من حين إسلامه اختار أربعا كيف شاء لاجتماع إسلامه وإسلام الكل قبل انقضاء عدتهن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 302 ] ( فصل ) في أحكام زوجات الكافر ( قوله : إذا أسلم ) قيد بذلك لأنه لم يذكر جميع أحكام الزوجات هنا ( قوله : إذا أسلم كافر حر ) شامل للمحجور بسفه عند الإسلام ، فقضية ذلك أن له اختيار أربع بل إنه يلزمه ذلك ومؤنة الجميع إلى الاختيار ، وقد يوجه بأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ، وقد يؤيده أن من تحته أربع لو حجر عليه بسفه لم يؤثر في نكاحهن ا هـ سم على حج ( قوله : وإن لم يسلمن ) لو قال ولم يسلمن كفى فإن حكم ما لو أسلمن علم من قوله وأسلمن معه وعليه فالواو للحال ( قوله : اختيار أربع ) كالصريح في أنه لا يجزئ اختيار واحدة لأن نكاح الكفار صحيح فيستمر بعد الإسلام في أربعة فليس له الاقتصار على واحدة خلافا لمن زعم على شيخنا الرملي خلافه م ر ا هـ سم على حج ( قوله : وقد يتصور اختياره ) أي من فيه رق ( قوله : ، أو بعد إسلامه ) قضيته أنه لو تأخر عتقه عن إسلامه وإسلامهن تعين اختيار ثنتين ، وهو مستفاد بالأولى مما ذكره في قوله ولو أسلم معه ، أو في العدة إلخ ، وعليه فقوله لأن العبرة بوقت الاختيار المراد به دخول وقت الاختيار وهو يحصل باجتماع إسلامه وإسلامهن ، فعتقه بعد إنما حصل بعد تعين اختيار الثنتين ( قوله : لاستيفائه ) يؤخذ منه أنه لو أسلم معه ، أو في العدة واحدة ثم عتق ثم أسلمت الباقيات كان له اختيار أربع

                                                                                                                            ( قوله : وإن كن ألفا ) [ ص: 303 ] هذا يستفاد من إطلاق قول المصنف بعد ونفقتهن حتى يختار ( قوله : وإن وقعا معا ) أي النكاحان بقي ما لو علم السابق ونسي ، أو لم يعلم سبق ولا معية ، أو علم السبق ولم يعلم عين السابق ، وينبغي أن يحكم بالوقف فيما لو علم السابق ونسي ورجي بيانه وبالبطلان في الباقي ( قوله : بتخلفهن عنه في الأولى ) هي قول المصنف قبل دخول ( قوله : وعن العدة في الثانية ) هي قوله ، أو أسلم معه ( قوله : وأفهم ما تقرر فيها ) أي الثانية ( قوله : لم يخترهن ) أي لم يتفق أنه اختارهن بعد إسلام الكل ( قوله : وأسلم ) أي والحال ( قوله : تعينت الأخيرات ) راجع وجهه في الثانية فإنه يجوز اختيار الميتات كما تقدم إلا أن يكون موتهن قبل إسلامه بمنزلة انقضاء عدتهن قبله ، ويخص بذلك ما تقدم فيكون قوله السابق ولو ميتات مفروضا فيما إذا متن بعد إسلامه فليراجع ا هـ سم على حج ( قوله : تعينت الأوليات لما ذكر ) أي في قوله لاجتماع إسلامهن إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 302 ] ( فصل ) في أحكام زوجات الكافر ( قوله إن تأهل ) قيد للمتن ( قوله : لا إمساكهن ) معطوف على اختيار أربع ( قوله : ; لأن العبرة بوقت الاختيار ) أي الوقت الذي يدخل به الاختيار وهو بعد إسلام الجميع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية