الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثاني والعشرون : " الألف واللام " : فإن كانت اسما فلا عموم فيها على ما سبق ، وإنما الكلام في الحرفية ، والذي تدخل عليه أقسام :

                                                      أحدها : الجمع سواء كان سالما أو مكسرا للقلة أو الكثرة ، وسواء كان له واحد من لفظه أم لا ، كالزيدين ، والعالمين والأرجل والرجال والأبابيل ومدلول كل منهما الآحاد المجتمعة دالا عليها دلالة تكرار الواحد . قاله بدر الدين بن مالك في أول " شرح الخلاصة " ، ودلالة الجمع على كل واحد من أفراده مطابقة ، ولهذا منعوا أن يقال : جاء رجل ورجل ورجل في [ ص: 115 ] القياس إذ لا فائدة في التكرار ، لإغناء لفظ الجمع عنه فلو كانت دلالته على رجل بالتضمن ، لكان قولنا : رجل ورجل ورجل مشتملا على فائدة جديدة

                                                      الثاني : اسم الجمع سواء كان له واحد من لفظه أم لا ، كركب وصحب وقوم ورهط . وما قيل : إن قوما جمع قائم ، كصوم وصائم وهم ، قال ابن عصفور : هذا النوع لا يدرك بالقياس ; بل هو محفوظ وقال ابن مالك : هو موضع لمجموع الآحاد ، أي لا لكل واحد على الانفراد ، وكذا قال بعض الحنفية . قال : وحيث تثبت الآحاد فلدخولها في المجموع ، حتى لو قال : الرهط أو القوم الذي يدخل الحصن فله كذا ، فدخله جماعة كان النفل لمجموعهم ، ولو دخله واحد لم يستحق شيئا .

                                                      فإن قلت : إذا لم يتناول كل واحد ، فكيف يصح استثناء الواحد منه في مثل جاءني القوم إلا زيدا ، والاستثناء يخرج ما يجب اندراجه لولاه ؟ قلت : من حيث إن مجيء المجموع لا يتصور بدون كل واحد ، حتى لو كان الحكم متعلقا بالمجموع من حيث هو مجموع من غير أن يثبت لكل فرد لم يصح الاستثناء مثل : يطيق رفع هذا الحجر القوم إلا زيدا ، وهذا كما يصح : عندي عشرة إلا واحدا ، ولا يصح العشرة زوج إلا واحدا ، إذ ليس الحكم على الآحاد ، بل على المجموع .

                                                      الثالث : اسم الجنس الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء ، وليس [ ص: 116 ] مصدرا ولا مشتقا منه ، كتمر وشجرة ، وهذا هو المشهور أعني كونه اسم جنس ، والغزالي يسميه جمعا ، وابن مالك يسميه اسم جمع ، فإنه عده في أسماء الجموع لكن سماه في شرح الكافية اسم جنس ، واختلف في مدلوله على أقوال :

                                                      أصحها : أنه يصلح للواحد والتثنية والجمع لأنه اسم جنس ، والجنس موجود مع كل من الثلاثة ، وحكى الكسائي عن العرب إطلاقه على الواحد ، وقال به الكوفيون ، سواء كان الواحد مذكرا أو مؤنثا .

                                                      قال الراغب في مفرداته : " النحل يطلق على الواحد والجمع " .

                                                      والثاني : أنه لا يطلق على أقل من ثلاثة ، قاله ابن جني ، وتبعه ابن مالك .

                                                      والثالث : أنه لا يطلق إلا على جمع الكثرة : ونقل ذلك عن الشلوبين وابن عصفور ، وهو مقتضى كلام ابن مالك في باب أمثلة الجمع . ولأجل ذلك أورده شراح سيبويه على قوله : باب علم ما الكلم من العربية ، وقالوا : إنما هي اسم وفعل وحرف ، ثم أجابوا بأن تحت كل نوع منها أنواعا .

                                                      والرابع : المثنى ، نحو الزيدان والرجلان وما ألحق به ، ودلالته على كل منهما كدلالة الجمع على أفراده .

                                                      الخامس : الدال على الحقيقة وأفراده متميزة ، وليس له مؤنث بالتاء ، كرجل وفرس . والقصد به الجنس مع الوحدة ما لم تقترن بما يزيلها من تثنية أو جمع أو عموم ، وبه جزم الغزالي في " المستصفى " ، والسكاكي والقرافي ، ويشهد له تثنيته وجمعه ، وصحة قولك : ما عندي رجل بل رجلان . [ ص: 117 ]

                                                      السادس : الاسم الدال على الحقيقة ، وأفراده متميزة وهو مؤنث ، لإطباقهم على أن اسم الجنس ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء .

                                                      السابع : الاسم الدال على الحقيقة من حيث هي هي ولا يتميز بعضها عن بعض ، وليس لها مؤنث ، فلا إشكال أنه لا دلالة فيه على وحدة ولا تعدد ، كالماء والعسل في الأعيان ، والضرب والنوم في المصادر .

                                                      الثامن : ما كان كذلك إلا أن فيه التاء لا من أصل الوضع ، كضربة ، فمدلوله الواحدة .

                                                      التاسع : ما كان عددا كالثلاثة ، فهو نص في مدلوله ، وهو موضوع لمجموعها ، ودلالته على أحدها بالتضمن .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية