الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل التاسع : في كيفية الرواية :

                                                                                                                إذا قال الصحابي سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أخبرني ، أو شافهني ، فهذا أعلى المراتب .

                                                                                                                وثانيها : أن يقول : قال عليه السلام .

                                                                                                                وثالثها : أمر عليه السلام بكذا ، أو نهى عن كذا ، وهذا كله محمول عند المالكية على أمر النبي عليه الصلاة والسلام خلافا لقوم .

                                                                                                                ورابعها : أن يقول : أمرنا بكذا ، أو نهينا عن كذا ، فعندنا ، وعند الشافعي يحمل على أمره عليه السلام خلافا للكرخي .

                                                                                                                وخامسها : أن يقول : السنة كذا ، فعندنا يحمل على سنته عليه السلام خلافا لقوم .

                                                                                                                وسادسها : أن يقول : عن النبي عليه السلام : قيل يحمل على سماعه هو ، وقيل لا .

                                                                                                                وسابعها : كنا نفعل كذا ، وهو يقتضي كونه شرعا .

                                                                                                                وأما غير الصحابي ، فأعلى مراتبه أن يقول : حدثني ، أو أخبرني ، أو سمعته ، وللسامع منه أن يقول : حدثني ، وأخبرني ، وسمعته يحدث عن فلان ، إن قصد إسماعه خاصة ، أو في جماعة ، وإلا فيقول سمعته يحدث .

                                                                                                                [ ص: 124 ] وثانيها أن يقال له : أسمعت هذا من فلان ؟ فيقول نعم ، أو يقول بعد الفراغ : الأمر كما قرئ ، فالحكم فيه مثل الأول في وجوب العمل ، ورواية السامع .

                                                                                                                وثالثها : أن يكتب إلى غيره سماعه ، فللمكتوب إليه أن يعمل بكتابه إذا تحققه ، أو ظنه ، ولا يقول سمعت ، ولا حدثني ، ويقول أخبرني .

                                                                                                                ورابعها : أن يقال له : هل سمعت هذا ؟ فيشير بأصبعه ، أو برأسه ، فيجب العمل به ، ولا يقول المشار إليه : أخبرني ، ولا حدثني ، ولا سمعته .

                                                                                                                وخامسها : أن يقرأ عليه ، فلا ينكر بإشارة ، ولا عبارة ، ولا يعترف ، فإن غلب على الظن اعترافه لزم العمل ، وعامة الفقهاء جوزوا روايته ، وأنكرها المتكلمون ، وقال بعض المحدثين ليس له أن يقول إلا أخبرني قراءة عليه ، وكذلك الخلاف لو قال القارئ للراوي بعد قراءة الحديث أرويه عنك ؟ قال نعم ، وهو السادس .

                                                                                                                وفي مثل هذا اصطلاح للمحدثين ، وهو من مجاز التشبيه شبه السكوت بالإخبار .

                                                                                                                وسابعها : إذا قال له : حدث عني ما في هذا الكتاب ، ولم يقل له سمعته ، فإنه لا يكون محدثا له به ، وإنما أذن له في التحدث عنه .

                                                                                                                وثامنها : الإجازة : تقتضي أن الشيخ أباح له أن يحدث به ، وذلك إباحة للكذب لكنه في عرف المحدثين معناه : أن ما صح عندك أني سمعته ، فاروه عني .

                                                                                                                والعمل عندنا بالإجازة جائز خلافا لأهل الظاهر في اشتراطهم المناولة . وكذلك إذا كتب إليه أن الكتاب الفلاني رويته ، فاروه عني إذا صح عندك ، فإذا صح عنده جازت له الرواية .

                                                                                                                وكذلك إذا قال له مشافهة : ما صح عندك من حديثي ، فاروه عني .

                                                                                                                [ ص: 125 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية