الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1528 (باب إغماض الميت والدعاء له إذا حضر)

                                                                                                                              وذكره النووي في: (كتاب الجنائز) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 222 - 223 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أم سلمة. قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه. ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر" فضج ناس من أهله. فقال: "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون".

                                                                                                                              ثم قال: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين. واغفر لنا وله يا رب العالمين! وافسح له في قبره. ونور له فيه"
                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أم سلمة ) رضي الله عنها، (قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى [ ص: 293 ] أبي سلمة، وقد شق بصره) .

                                                                                                                              بفتح الشين، ورفع "بصره". وهو فاعل "شق". هكذا ضبطناه. وهو المشهور.

                                                                                                                              وضبطه بعضهم: "بصره" بالنصب. وهو صحيح أيضا. والشين مفتوحة بلا خلاف.

                                                                                                                              قال عياض : قال (صاحب الأفعال) : يقال: شق بصر الميت، وشق الميت بصره. ومعناه: "شخص". كما في الرواية الأخرى.

                                                                                                                              وقال ابن السكيت في "الإصلاح"، والجوهري حكاية عنه: يقال: شق بصر الميت.

                                                                                                                              ولا تقل: شق الميت بصره. وهو الذي حضره الموت. وصار ينظر إلى الشيء، لا يرتد إليه طرفه. (فأغمضه) .

                                                                                                                              فيه: دليل على استحباب إغماض الميت.

                                                                                                                              قال النووي : وأجمع المسلمون على ذلك.

                                                                                                                              قالوا: والحكمة فيه: أن لا يقبح منظره، لو ترك إغماضه.

                                                                                                                              (ثم قال: إن الروح إذا قبض، تبعه البصر) .

                                                                                                                              أي: إذا خرج من الجسد، يتبعه البصر، ناظرة إلى أين يذهب.

                                                                                                                              وفي حديث أبي هريرة : (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم تروا الإنسان إذا مات، شخص به) .

                                                                                                                              أي: ارتفع، ولم يرتد.

                                                                                                                              [ ص: 294 ] (قالوا: بلى. قال: " فذلك حين يتبع بصره نفسه) .

                                                                                                                              المراد هنا بالنفس: الروح.

                                                                                                                              وفيه: أن الموت ليس بإفناء، وإعدام. وإنما هو انتقال، وتغيير حال، وإعدام الجسد دون الروح، إلا ما استثني من عجب الذنب.

                                                                                                                              قال عياض : وفيه حجة لمن يقول: الروح والنفس، بمعنى. انتهى.

                                                                                                                              وفي "الروح" لغتان: التذكير، والتأنيث. وهذا الحديث دليل للتذكير.

                                                                                                                              وفيه: دليل لمن يقول: إن الروح أجسام لطيفة، متخللة في البدن، وتذهب الحياة من الجسد بذهابها. وليس عرضا كما قاله آخرون. وفي ذلك كلام متشعب للمتكلمين.

                                                                                                                              ولعلنا قد تكلمنا عليه، في (ثمار التنكيت) ، و (موائد العوائد) ، وغيرهما.

                                                                                                                              (فضج ناس من أهله. فقال: "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون". ثم قال: " اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه") .

                                                                                                                              فيه: استحباب الدعاء للميت عند موته، ولأهله وذريته، بأمور الآخرة والدنيا..

                                                                                                                              [ ص: 295 ] وفي رواية أخرى: ("واخلفه في تركته". وقال: "اللهم! أوسع له في قبره") .




                                                                                                                              الخدمات العلمية