الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صور أخرى من الدعاء

ما جاء من صور أخرى في كتب العربية، وسأوردها مرتبة بحسب أوائل المواد التي وردت فيها في تلك المظان:

أثـر

جاء في دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، على الخوارج قوله: (ولا بقي منكم آثر) ، أي مخبر يروي الحديث.

أرب

في حديث عمر - رضي الله عنه :- أنه نقم على رجل قولا قاله، فقال له: أربت عن ذي يديك [1] ، معناه: ذهب ما في يديك حتى تحتاج.

( وخبر ابن مسعود : أن رجلا اعترض النبي صلى الله عليه وسلم فصاح به الناس، فقال صلى الله عليه وسلم : (دعو الرجل أرب ماله ) ، أي سقطت أعضاؤه وأصيبت.

قال: وهي كلمة تقولها العرب ولا يراد بها، إذا قيلت، وقوع الأمر، كما يقال: عقرى وحلقى.

وقولهم: تربت يداك،

قال ابن الأثير : في هـذه اللفظة ثلاث روايات:

إحداها (أرب) بوزن (علم) ومعناه الدعاء عليه، أي أصيبت آرابه وسقطت، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر، كما يقال: تربت يداك، وقاتله [ ص: 89 ] لله، وإنما في معنى التعجب.

قال: وفي هـذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم قولان: أحدهما: تعجبه من حرص السائل ومزاحمته.

والثاني: أنه لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية، فدعا عليه.

وقد قال في غير هـذا الحديث: ( اللهم إنما أنا بشر، فأي المسلمين لعنته، أو سببته، فاجعله له زكاة وأجرا ) (رواه مسلم ) .

أمـت

قال سيبويه : قالوا: أمت في الحجر، لافيك، أي ليكن الأمت في الحجارة لافيك، ومعناه: أبقاك الله، بعد فناء الحجارة، وهي مما يوصف بالخلود والبقاء.

ورفعوه وإن كان فيه معنى الدعاء؛ لأنه ليس بجار على الفعل، وصار كقولك: التراب له، وحسن الابتداء بالنكرة؛ لأنه في قوة الدعاء.

أقول: وفي هـذه العبارة التي تنصرف إلى الدعاء لون من ألوان صلة اللغة وأشكالها الأدبية بالبيئة، ومثل هـذه البيئة البدوية الشيء الكثير، الذي أبقته العربية في أدبها شعرا ونثرا ومثلا وغير ذلك

أوب

ويقال: للداخل: طوبة وأوبة.

بؤس

وقالوا: بؤسا له، في حد الدعاء، وهو مما انتصب على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره.

وقالوا جوسا له وبوسا. والجوس: البجوع، وستأتي.

بـرك

والتبريك: الدعاء للإنسان، أو غيره بالبركة.

يقال: بركت عليه تبريكا، أي قلت له: بارك الله عليك. وبارك الله الشيء، [ ص: 90 ] وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة.

وفي التنزيل العزيز: ( وباركنا عليه ) (الصافات:113) .

ومن هـذا ما هـو جار في اللغة المعاصرة، فهم يقولون دعاء: بارك الله فيك، وبورك يفك، وبوركت.

بجـل

قال طرفة :

ألا أنني شربت أسود حالكا ألا بجلي من الشراب الأبجل

قال: أراد الماء،

وقال شمر : وقيل أراد سقيت سم أسود.

بعد

والبعد: الهلاك، وقد مر في الكلام على لغة التنزيل.

بلـس

ويقال: أرانيك الله على البلس. والبلس غرائر كبار من مسوح يجعل فيها التبن، ويشهر عليها، من ينكل به وينادى عليه.

تبـب

التب والتباب: الهلاك والخسران.

وتبا لك نصب على الدعاء، كما تقول سقيا لك.

وفي حديث أبي لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا.

وقد مر بنا هـذا الدعاء في لغة التنزيل.

تـرب

يقال: تربا له وجندلا، وهذا من الأسماء التي تفيد الذات، أجريت مجرى المصادر المنصوبة على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره في الدعاء.


وكأنه بدل من قولهم:     تربت يداه وجندلت.

[ ص: 91 ]

وفي الحديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. ) (متفق عليه) .

قال أبو عبيد : قوله: تربت يداك، يقال للرجل إذا قل ماله: قد ترب أي افتقر، حتى لصق بالتراب.

ومنه قوله تعالى: ( أو مسكينا ذا متربة ) (البلد:16) .

قال: ويرون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر، ولكنها كلمة جارية على ألسن العرب، يقولونها، وهم لا يريدون بها الدعاء على المخاطب، ولا وقوع الأمر بها.

وقيل: معناها لله درك، وقيل: أراد به المثل، ليرى المأمور بذلك الجد، وأنه إن خالفه فقد أساء.

وقيل: هـو دعاء على الحقيقة، فإنه قد قال لعائشة رضي الله عنها :

( تربت يمينك ) (رواه مسلم ) ، لأنه رأى الحاجة خيرا لها.

كثيرا ما ترد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم، وإنما يريدون بها المدح، كقولهم: لا أب لك، ولا أم لك، وهوت أمه، ولا أرض لك، ونحو ذلك.

وقال بعض الناس: إن قولهم: تربت يداك يريد به استغنت يداك.

قال: وهذا خطأ لا يجوز في الكلام، ولو كان قال، لقال: أتربت يداك.

تـرك

والتريك: العذق إذا نفض فلم يبق فيه شيء، ولا بارك الله فيه، ولا تارك ولا دارك كله اتباع. [ ص: 92 ]

وجاء في أراجيزهم المشهورة في شواهد العربية:

لقد رأيت عجبا مذ أمسا


عجائزا مثل السعالى خمسا


يأكلن ما في رحلهن هـمسا


لا ترك الله لهن ضرسا


ولا لقين الدهر إلا تعسا



تعس

لقد مر بنا في قوله تعالى: ( فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) (محمد:8) .

وأصل التعس العثر.

وقال الشاعر:

وأرماحهم ينهزنهم نهز جمة     يقلن للمن أدركن تعسا ولا لعا

على أن استعمال (التعس) وإرادة الدعاء فيه، قد بقي في اللغة المعاصرة، وإن جهل المعربون أنه دعاء، فيقال مثلا: تعسا لك.

ويقال: تعسا له، ونكسا.

والنكس والنكاس: العود في المرض.

وفي حديث أبي هـريرة : ( تعس عبد الدينار وعبد الدرهم... تعس وانتكس ) (رواه البخاري ) أي انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة.

توس

ويقال: توسا لك، مثل قولهم: بوسا لك، وقد مر بنا ذلك.

توب

التماس التوبة في أحاديث الدعاء كثير، كقولهم: اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتب علينا...

وفي دعاء السفر: يقال: توبا لربنا أوبا، أي توبا راجعا مكررا. [ ص: 93 ]

ثكل

يقال في الدعاء على رجل: ثكلتك أمك.

والثكل: الموت والهلاك. والأم ثاكل وثكول وثكلى.

وفي الحديث أنه قال لبعض أصحابه: ( ثكلتك أمك... ) ( الإمام أحمد ، الترمذي ، الحاكم ) أي فقدتك، والثكل فقد الولد.. ولا يقل: ثكلك أبوك.

على أنه يقال في الدعاء: لا أب لك، كما يقال لا أم لك.

وقال أبو علي : (لا أبا لك) كلام جرى مجرى المثل، وذلك أنك إذا قلت هـذه، فإنك لا تنفي في الحقيقة أباه، وإنما تخرجه مخرج الدعاء عليه، أي أنت عندي ممن يستحق أن يدعى عليه بفقد أبيه، وأنشد توكيدا لما أراد من هـذا المعنى قوله: ويترك أخرى فردة لا أخا لها.

ولم يقل: لا أخت لها، ولكن لما جرى هـذا الكلام على أفواههم: لا أبا لك، قيل مع المؤنث، على حد ما يكون عليه مع المذكر، فجرى هـذا نحوا من قولهم لكل أحد من ذكر وأنثى، أو اثنين، أو جماعة:

الصيف ضيعت اللبن.

ويؤكد عندك خروج هـذا الكلام مخرج المثل، كثرته في الشعر، وأنه يقال لمن له أب ولمن لا أب له؛ لأنه إذا كان لا أب له، لم ينجز أن يدعى عليه بما هـو فيه لا محالة، ألا ترى أنك لا تقول للفقير: أفقره الله؟ فكما لا يقول لمن لا أب له: أفقدك الله أباك، كذلك تعلم أن قولهم لمن لا أب له: (لا أبا لك) ، لا حقيقة لمعناه مطابقة للفظه، وإنما هـي خارجة مخرج المثل على ما فسره أبو علي، قال عنترة :

فاقني حياءك لا أبا لك!     واعلمي أني امرؤ سأموت، إن لم أقتل

وقال المتلمس :

الق الصحيفة، لا أبا لك، أنه     يخشى عليك من الجباء النقرس

[ ص: 94 ]

ويدلك على أن هـذا ليس بحقيقة قول جرير :

ياتيم تيم عدي لا أبا لكم     لا يلقينكم في سوءة عمر

فهذا أقوى دليل على أن هـذا القول مثل، لا حقيقة له، ألا ترى أنه لا يجوز أن يكون للتيم كلها أب واحد، ولكنكم أهل للدعاء عليه والإغلاظ له؟

وروي عن النضر بن شميل : أنه سأل الخليل عن قول العرب:

لا أبا لك، فقال: معناه لا كافي لك.

وقال الفراء : قولهم: (لا أبا لك) ، كلمة تفصل بها العرب كلامها..

أقول: ومقالة الفراء ذات قيمة، ولو أنك قرأت قول زهير :

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا، لا أبا لك، يسأم

أحسست أن قوله: (لا أبا لك) كلام معترض لا يدل على خصوصية معنوية، بل هـو تعبير جميل، استحسنوه فاستعملوه كثيرا، وأقيم به الوزن في البيت.

ألا ترى أن قولهم في الشعر: هـديت، ووقيت، ونحوها، شيء يتم به الوزن وليس من إرادة للدعاء؟

أما قولهم: لا أم لك؟ فقد ورد في حديث ابن عباس أنه قال لرجل: (لا أم لك) قال: هـو ذم وسب، أي أنت لقيط لا تعرف لك أم، وقيل قد يقع مدحا بمعنى التعجب منه.

أقول: وهذا الشيء الأخير، وهو أن عبارة الذم الدعائية يراد بها المدح، جارية في الألسن العامية الدارجة، ألا تراهم يقولون: يخرب بيتك أو انهجم بيتك، أو الله يلعنك، إرادة المدح على طريقة التعجب؟

ثلب

والإثلب أو الإتلب: التراب. [ ص: 95 ]

وقالوا: بفيه الإثلب، على الدعاء، كأنهم قالوا: بفيه التراب أو الحجر.

وقالوا: الإثلب لك والتراب، والنصب على الدعاء كأنه مصدر.

وهكذا نرى أن (التراب) وما في معناه، أو يقرب منه، قد دخل في اللغة القديمة في السب والشتم والذم، فخرج على الدعاء، وقدر مر بنا قولهم: تربت يداك.

جحد:

والجحد: القلة من كل شيء.

ونكدا له وجحدا، ودعاء عليه.

جرب

والعرب تقول في دعائها على الإنسان: وما له حرب وجرب.

والحرب كالكلب، وقوم حربى كلبى، والفعل كالفعل.

والجرب معروف.

جندل

انظر: تربا وجندلا، الذي مر بنا قبل صفحات.

جوس

انظر (بؤس) .

حرب

انظر جرب:

حرر

تقول العرب: ماله أحر الله صدره، وذلك في الدعاء على الإنسان.

ويقولون أيضا: رماه الله بالحرة والقرة، أي بالعطش والبرد.

حلق

ومما يدعى على المرأة قولهم: عقرى حلقى، وعقرا حلقا، أي عقرها الله [ ص: 96 ] وحلقها، أي حلق شعرها، أو أصابها وجع في حلقها.

حوب

قالوا: إليك أرفع حوبتي، أي حاجتي، وفي رواية: نرفع حوبتنا إليك.

وفي الدعاء على الإنسان:

ألحق الله بك الحوبة، أي الحاجة والمسكنة والفقر.

حوج

يقال للعاثر: حوجا لك أي سلامة، وقد مر بنا هـذا.

خضر

ويقال في الدعاء: أباد الله خضراءهم، أي سوادهم ومعظمهم، وقيل: خصبهم وسعتهم.

وقالوا أيضا: رمى الله في عيني فلان بالأخضر، وهو داء يأخذ العين.

خطأ

في حديث ابن عباس: إنه سئل عن رجل جعل أمر امرأته بيدها فقالت: أنت طالق ثلاثا. فقال: خطأ الله نوأها ألا طلقت نفسها.

ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح: أخطأ نوؤك، أراد الله نوأها مخطئا لا يصيبها مطره.

ويروى: خطى الله نواها، بلا هـمز.

خير

ومن دعائهم في النكاح: على يدي الخير واليمن.

ذرأ

وجاء: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ.

رفأ

قالوا: بالرفاء والبنين في الدعاء للمملك، وقد مر بنا، انظرها قبل صفحات. [ ص: 97 ]

رفح

انظر الموضوع نفسه (رفأ) .

رقأ

وروى المنذري عن أبي طالب في قولهم: لا أرقأ الله دمعته، قال: معناه لا رفع الله دمعته.

وفي " حديث عائشة رضي الله عنها : فبت ليلتي لا يرقأ لي دمع " .

ورقأت الدمعة ترقأ ورقوءا: جفت وانقطعت.

سحق

ويقال: سحقا لهم أي هـلاكا، وانظر ما جاء من هـذا في لغة التنزيل مما أفاد الدعاء، وقد ذكر قبل صفحات.

سلم

مر بنا حديث (السلام) ودلالته في الدعاء، في جملة آيات كريمة.

طمس

مر بنا الكلام على ما في القرآن من الدعاء.

طوب

سبق الكلام على (طوبى لهم) .

ظبي

قولهم: به لا بظبي، يراد به الهلكة، كما ورد في قول الفرزدق يخاطب مسكينا الدارمي ، وكان قد رثى زياد بن أبيه فقال:

أمسكين، أبكى الله عينك إنما     جرى في الضلال دمعها فتحدرا
أقول له لما أتاني نعيه     به لا بظبي بالصريمة أعفرا
أتبكي امرءا من آل ميسان كافرا     ككسرى على عدانه أو كقيصرا

[ ص: 98 ]

عثج

وجاء في تلبية بعض العرب في الجاهلية:

لا هـم لولا أن بكرا دونكا


يعبدك الناس ويفجرونكا


ما زال منا عثج يأتونكا

والعثج، بفتحتين: الجماعة من الناس.

عقر

انظر (حلق) .

وجاء أيضا:

" وقالت أم سلمة لعائشة رضي الله عنهما عند خروجها إلى البصرة :

سكن الله عقيراك فلا تصحريها " ، أي أسكنك الله بيتك وعقارك، وسترك فيه، فلا تبرزيه.

عمي

قالوا: وإذا أرشدك إنسان الطريق فقل: لا يعم عليك الرشد.

وهو دعاء له بالخير والهدى.

عمر

وعمره الله وعمره أي أبقاه، على الدعاء.

غبط

وجاء في الدعاء: اللهم غبطا لا هـبطا، أي نسألك الغبطة، ونعوذ بك أن نهبط عن حالنا.

غرب

وجاء في دعاء ابن هـبيرة:

أعوذ بك من كل شيطان مستغرب وكل نبطي مستعرب. [ ص: 99 ]

غضر

ويقال أباد الله غضراءهم، أي سعتهم، وخصبهم.

غفر

غفار! غفر الله لها.

قال ابن الأثير : يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة، أو إخبارا أن الله تعالى قد غفر لها.

غور

وقالوا: غارهم الله بخير أي أصابهم بخصب وغيث.

وفي الدعاء: اللهم غرنا منك بغيث وبخير.

فدي

ويقال: فدى لك أهلي، على الدعاء أي يفديك أهلي.

ويقال: فداك أبي كما يقال: فديت.

وكثيرا ما نقرأ: جعلت فداك.

وأنشد الأصمعي للنابغة :

مهلا! فداء لك الأقوام كلهم     وما أثمروا من مال ومن ولد

ومنه قول نفيلة الأكبر الأشجعي (أزر) :

ألا أبلغ أبا حفص رسولا     فدى لك من أخي ثقة إزاري



قتل

انظر ما جاء من أسلوب الدعاء في أدب القرآن الكريم.

قذي

وجاء قول جميل :

رمى الله في عيني بثنية بالقذى     وفي الغر من أنيابها بالقوادح



قرر

ويقال: أقر الله عينه، من المقرور وهو الماء البارد. [ ص: 100 ]

كثكث

وروي عن صفوان بن أمية أنه قال يوم حنين عند الجولة التي كانت من المسلمين، فقال أبو سفيان : غلبت والله هـوازن، فأجابه صفوان وقال:

بفيك الكثكث؛ لأن يربني رجل من قريش ، أحب إلي من أن يربني رجل من هـوازن .

كلأ

وقال الشاعر:

إن سليمى والله يكلؤها     ضنت بزاد ما كان يرزؤها



لحي

وفي حديث لقمان: فلحيا لصاحبنا لحيا، أي لوما وعذلا، وهو نصب على المصدر كسقيا ورعيا.

وقال عنترة :

ألم تعلم لحاك الله أني     أجم إذا لقيت ذوي الرماح



لقي

انظر (ترك) .

نفس

وجاء في الدعاء: اللهم نفس عني، أي فرج عني، ووسع علي.

نكد

انظر (جحد) .

هبل

الهبل: الثكل، وهبلته أمه بمعنى ثكلته.

وهبلتك أمك على الدعاء. [ ص: 101 ]

وفي " حديث عمر رضي الله عنه ، حين فضل الوادعي سهمان الخيل، على المقاريف، فأعجبه فقال: هـبلت الوادعي أمه، لقد أذكرت به! "

فالثكل هـو الأصل في المعنى، ثم يستعمل في المدح والإعجاب، يعنى: ما أعلمه وما أصوب رأيه.

وفي حديث الشعبي: فقيل لأمك الهبل.

هنأ

وقالوا: هـنئت ولا تنكأ، أي هـناك الله بما نلت، ولا أصابك وجع.

وقالوا: لا هـناك المرتع، أي لا أصبت خيرا.

هوي

وقال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه:

هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا     وماذا يؤدي الليل حتى يئوب

ومعنى هـوت أمه أي هـلكت أمه.

ومازال هـذا الدعاء معروفا لدى الأمهات في العراق، في لغتهن الدارجة حين يعلمن بوفاة شاب يقلن: ماتت أمه.

ويب

كلمة مثل ويل، يراد بها التعجب.

وويبا لهذا الأمر، أى عجبا.

وويبا لزيد، مثل وويلا لزيد.

ومنه قول كعب بن زهير :

ألا أبلغا عني بجيرا رسالة     على أي شيء ويب غيرك دلكا؟

[ ص: 102 ]

ويل

كلمة مثل ويح، إلا أنها كلمة عذاب، ومن هـنا وردت في أسلوب الدعاء في قوله تعالى:

( ويل للمطففين ... ) (المطففين:1) .

وقوله: ( ويل لكل هـمزة لمزة ) (الهمزة:1) . وفي آيات أخرى.

وقالوا: ويلمه، والأصل: ويل لأمه، فحذف اللام ثم الهمزة، وركبت الكلمتان على طريقة النحت.

ومن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ويلمه مسعر حرب ) (أخرجه البخاري ) .

أقول: هـذه نماذج، بل شذرات من العربية، مما استقريته من (لسان العرب) وغيره تشتمل على أسلوب الدعاء في العربية.

وعندي أن الألفاظ التي تقدم، بين يدي الملك، والأمير والرئيس والعالم الجليل وغير هـؤلاء من أهل الشأن، ضرب من أسلوب الدعاء، في العربية المعاصرة نحو:

جلالة الملك.

ومعالي الوزير.

وسيادة الرئيس، أو فخامته.

وسعادة الأمير.

وسماحة العالم، ونيافة الحبر.

وبعد، ألم يتوصل النابغة الذبياني إلى النعمان مخاطبا بقوله:

أتاني أبيت اللعن أنك لمتني     وتلك التي تستك منها المسامع

ثم أني قد وجدت من فيض العربية السمحة ما يحق للمرء أن يملأ ماضغيه فخرا إذا قرأ مستمتعا بعض ما ورد من بيان التوحيد في (إشاراته الإلهية) فوجد من مادة الدعاء أعلاق العربية النفيسة.

اللهم إني قد خدمت كتابك الكريم، واللغة العلية، التي جاءت فيه، فاكتبني مع الصالحين. [ ص: 103 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية