الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء

      وكلف الله الرسول المجتبى قتال من عنه تولى وأبى     حتى يكون الدين خالصا له
      سرا وجهرا دقه وجله     وهكذا أمته قد كلفوا
      بذا وفي نص الكتاب وصفوا

      ( وكلف الله ) تعالى أي أمر أمر افتراض ( الرسول المجتبى ) نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( قتال ) مفعول كلف الثاني ( من عنه ) عن التوحيد ( تولى وأبى ) أي أعرض وامتنع ( حتى ) غاية للقتال ( يكون الدين خالصا له ) أي لله عز وجل سرا وجهرا لا معارض له ولا مشاق ( دقه وجله ) أي قليل العبادة وكثيرها وصغيرها وكبيرها . قال الله تبارك وتعالى : ( ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) ( التوبة : 73 ) الآية . وقال تعالى : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) ( النساء : 84 ) وقال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) ( البقرة : 193 ) وقال تعالى : [ ص: 409 ] ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير ) ( الأنفال : 38 - 40 ) .

      وقال تعالى : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا ) ( التوبة : 5 ) يعني رجعوا عن الشرك بالتوحيد ( وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ) وغير ذلك من الآيات في البقرة وآل عمران والنساء والأنفال والتوبة والقتال والحديد والصف وغيرها ، وقال صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل " الحديث في الصحيح . ولو ذهبنا نذكر آيات الجهاد وأحاديثه لطال الفصل وليس هذا موضع بسطها .

      ( وهكذا ) كما كلف صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار ( أمته ) المستجيبون له ( قد كلفوا بذا ) أي الذي كلف به ( وفي نص الكتاب ) القرآن ( وصفوا ) أي بذلك ; كما قال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا ) ( الفتح : 29 ) الآية . وقال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) ( المائدة : 54 ) والآيات قبلها وبعدها ، ولو لم يكن في ذلك إلا قول ربي عز وجل : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) ( التوبة : 111 ) [ ص: 410 ] لكانت هذه الآية كافية في نعش القلوب وتهييج النفوس وتشويقها وحملها على تلك البيعة الرابحة التي لا خطر لها ولا يحاط بعظم فضلها ، والله المستعان .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية