الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      صفحة جزء
      [ ص: 629 ] [ الزكاة ]

      وأما الزكاة فقد تقدم ذكرها في نصوص الصلاة وغيرها ، ومما يتعلق بها على انفرادها قوله عز وجل : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ) ( التوبة : 103 ) وقوله في صفات عباده المؤمنين : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) ( المؤمنون : 4 ) وقوله تعالى في ذم الكفار ووعيدهم : ( وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ) ( فصلت : 6 - 7 ) وإن كانت هذه الآية في زكاة النفوس فهي عامة لزكاة الأموال أيضا وقد فسرت بها ، وقوله تعالى في وعيد مانعيها مطلقا : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) ( التوبة : 34 - 35 ) يوضح ذلك الحديث الذي فيه : " ما أديت زكاته فليس بكنز " وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار . قيل : يا رسول الله ، فالإبل ؟ قال : ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ، ومن حقها حلبها يوم وردها . إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطأه بأخفافها [ ص: 630 ] وتعضه بأفواهها ، كلما مر عليه أولاها أعيد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار . وقيل : يا رسول الله ، فالبقر والغنم ؟ قال : ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ولا يفقد منها شيئا ليس فيها عفصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطأه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار " الحديث بطوله .

      وفيه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر تطأه ذات الظلف بظلفها وتنطحه ذات القرن بقرنها ، ليس فيها يومئذ جماء ، ولا مكسورة القرن " الحديث . وفيه : " ولا من صاحب مال لا يؤدي زكاته إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع يتبع صاحبه حيثما ذهب ، وهو يفر منه ويقال : هذا مالك الذي كنت تبخل به . فإذا رأى أنه لا بد منه أدخل يده في فيه فجعل يقضمها كما يقضم الفحل " .

      وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار ، فيقول : يا محمد . فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت . ولا يأتي أحدكم ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول : يا محمد . فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغت " . وفيه عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول : أنا مالك ، أنا كنزك . ثم تلا : ( ولا يحسبن الذين يبخلون ) ( آل عمران : 180 ) الآية .

      [ ص: 631 ] وفيه عن خالد بن أسلم قال : خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، فقال أعرابي : أخبرني عن قول الله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) ( التوبة : 34 ) قال ابن عمر : من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له ، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة ، فلما أنزلت جعلها الله تعالى طهرة للأموال .

      وقد ثبتت البيعة عليها بعد الصلاة كما قال البخاري رحمه الله تعالى " باب البيعة على إيتاء الزكاة " ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) ( التوبة : 11 ) حدثنا ابن نمير قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال : قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم . والنصوص فيها كثيرة وفي ما تقدم كفاية .

      [ حكم مانع الزكاة ] وأما حكم تاركها فإن كان منعه إنكارا لوجوبها فكافر بالإجماع بعد نصوص الكتاب والسنة ، وإن كان مقرا بوجوبها وكانوا جماعة ولهم شوكة قاتلهم الإمام لما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل " فقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، ولو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعرفت أنه الحق . [ ص: 632 ] وفي رواية : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعلمت أنه الحق .

      وهذا الذي استنبطه أبو بكر رضي الله عنه مصرح به في منطوق الأحاديث الصحيحة المرفوعة كحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل " وغيره من الأحاديث .

      وقد جهز النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لغزو بني المصطلق حين بلغه أنهم منعوا الزكاة ولم يكن ما بلغه عنهم حقا ، فروى الإمام أحمد قال : حدثنا محمد بن سابق حدثنا عيسى بن دينار حدثني أبي أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي رضي الله عنه يقول : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت : يا رسول الله ، أرجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته ، وترسل إلي يا رسول الله رسولا إبان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت من الزكاة ، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه ، احتبس عليه الرسول ولم يأته وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا بسروات قومه فقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف ، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة ، فانطلقوا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق - أي خاف - فرجع حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن الحارث قد منعني [ ص: 633 ] الزكاة وأراد قتلي ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث البعث إلى الحارث رضي الله عنه ، وأقبل الحارث بأصحابه ، حتى إذا استقبل البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث ، فلما غشيهم قال لهم : إلى من بعثتم ؟ قالوا : إليك . قال : ولم ؟ قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله . قال رضي الله عنه : لا والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني . فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ قال رضي الله عنه : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني ولا أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خشيت أن يكون كانت سخطة من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . قال فنزلت الحجرات : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) إلى قوله : ( نادمين ) ( الحجرات : 6 ) ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان التمار عن محمد بن سابق به . ورواه الطبراني من حديث محمد بن سابق به .

      وقال ابن جرير رحمه الله تعالى : حدثنا أبو كريب حدثنا جعفر بن عون عن موسى بن عبيدة عن ثابت مولى أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : بعث رسول الله رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة ، فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، قالت فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ، قالت فبلغ القوم رجوعه ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفوا له حين صلى الظهر فقالوا : نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله ، بعثت إلينا رجلا مصدقا فسررنا بذلك وقرت به أعيننا ، ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله تعالى ومن رسوله . فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن لصلاة العصر ، قالت ونزلت : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) [ ص: 634 ] ( الحجرات : 6 ) .

      وروى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات ، وأنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقونه ، رجع الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك غضبا شديدا ، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا : يا رسول الله ، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق ، وإنا خشينا أنما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، وأن النبي استغشهم وعم بهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى عذرهم في الكتاب فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) ( الحجرات : 6 ) إلى آخر الآية .

      وقال مجاهد وقتادة : أرسل رسول الله الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالصدقة ، فرجع فقال : إن بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك - زاد قتادة : وأنهم قد ارتدوا عن الإسلام - فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه إليهم وأمره أن يتثبت ولا يعجل ، فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه ، فلما جاءوا أخبروا خالدا رضي الله عنه أنهم مستمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد رضي الله عنه فرأى الذي يعجبه فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . اهـ . من تفسير الحجرات لابن كثير رحمه الله تعالى .

      [ ص: 635 ] وذكر البغوي رحمه الله تعالى نحو حديث ابن عباس وفيه : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أن يغزوهم فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : يا رسول الله ، سمعنا برسولك فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلناه من حق الله تعالى فبدا له في الرجوع فخشينا أنه إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله ، فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث خالد بن الوليد إليهم خفية في عسكر وأمره أن يخفي عليهم قدوم قومه ، وقال له : انظر فإن رأيت منهم ما يدل على إيمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم ، وإن لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل في الكفار . ففعل ذلك خالد ، ووافاهم فسمع منهم أذان صلاتي المغرب والعشاء فأخذ منهم صدقاتهم ولم ير منهم إلا الطاعة والخير ، فانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر ، فأنزل الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) ( الحجرات : 6 ) الآية .

      وأما إن كان الممتنع عن أداء الزكاة فردا من الأفراد فأجمعوا على أنها تؤخذ منه قهرا ، واختلفوا من ذلك في مسائل :

      إحداها هل يكفر أم لا ؟

      فقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة . وقال أيوب السختياني : ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه . وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق ، وحكى إسحاق عليها إجماع أهل العلم ، وقال محمد بن نصر المروزي : هو قول جمهور أهل الحديث ، وذهب طائفة منهم إلى أن من ترك شيئا من أركان الإسلام الخمس عمدا أنه كافر . وروي ذلك عن سعيد بن جبير ونافع والحكم وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها طائفة من أصحابه وهو قول ابن حبيب من المالكية ، وخرج الدارقطني وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ، الحج في كل عام ؟ قال : " لو قلت نعم لوجب عليكم [ ص: 636 ] ولو وجب عليكم ما أطقتموه ، ولو تركتموه لكفرتم " وعن ابن مسعود أن تارك الزكاة ليس بمسلم ، وعن أحمد رواية أن ترك الصلاة والزكاة كفر دون الصيام والحج . وقال ابن عيينة : المرجئة سموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم ، وليس سواء ; لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال معصية ، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر كفر . وبيان ذلك في أمر إبليس ، وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه .

      المسألة الثانية هي يقتل أم لا ؟

      الأول : هو المشهور عن أحمد رحمه الله تعالى ، ويستدل له بحديث ابن عمر رضي الله عنهما : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله " الحديث . والثاني : لا يقتل ، وهو قول مالك والشافعي ورواية عن أحمد رحمهم الله تعالى . وروى اللالكائي من طريق مؤمل قال : حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك البكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ولا أحسبه إلا رفعه قال : عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام ، شهادة أن لا إله إلا الله ، والصلاة ، وصوم رمضان . من ترك منهن واحدة فهو بها كافر ويحل دمه ، وتجده كثير المال لم يحج ، فلا يزال بذلك كافرا ، ولا يحل بذلك دمه ، وتجده كثير المال ولا يزكي ، فلا يزال بذلك كافرا ولا يحل دمه . ورواه قتيبة بن سعيد عن حماد بن زيد مرفوعا مختصرا ، ورواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد عن عمرو بن مالك بهذا الإسناد مرفوعا ، وقال : من ترك منهن واحدة - يعني الثلاث الأول - فهو بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حل دمه وماله . ولم يذكر ما بعده .

      [ ص: 637 ] المسألة الثالثة : لمن لم ير قتله هل ينكل بأخذ شيء من ماله مع الزكاة ؟

      وقد روي في خصوص المسألة حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون ، لا تفرق إبل عن حسابها ، من أعطاها مؤتجرا بها فله أجرها ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ، لا يحل لآل محمد منها شيء " رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم ، وعلق الشافعي القول به على ثبوته ، فإنه قال : لا يثبته أهل العلم بالحديث ، ولو ثبت لقلنا به .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية