الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                705 ص: حدثنا صالح بن عبد الرحمن ، بن عمرو بن الحارث، قال: نا سعيد بن منصور ، قال: نا هشيم ، قال: نا يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن من الحق على المسلم أن يغتسل [ ص: 456 ] يوم الجمعة، وأن يمس من طيب، إن كان عند أهله، فإن لم يكن عندهم طيب، فإن الماء طيب". .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده حسن، ورجاله ثقات.

                                                وأخرجه الترمذي: نا علي بن الحسن الكوفي، قال: نا أبو يحيى إسماعيل بن إبراهيم التيمي ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "حق على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة، وليمس أحدهم من طيب أهله، فإن لم يجد فالماء له طيب".

                                                وقال: حديث البراء حديث حسن.

                                                قوله: "إن من الحق" أي: من بعضه، وكلمة "من" للتبعيض.

                                                قوله: "أن يغتسل" في محل النصب بتأويل المصدر على أنه اسم "إن"، والتقدير: أن غسل يوم الجمعة من الحق.

                                                قوله: "وأن يمس" بالمصدر عطفا على "أن يغتسل"، من: مسست الشيء أمسه مسا: إذا لمسته بيدك.

                                                قوله: "إن كان عند أهله": أي: زوجته، ومنه يقال للمتزوج: الآهل، وشرط فيه التمكن من وجوده، والتأكيد أيضا، فإن طيب المرأة مكروه للرجل، وهو ما ظهر لونه وخفي ريحه فأباحه ها هنا للرجل للضرورة لعدم غيره حتى لو كان عنده من طيب الرجال، وهو ما ظهر ريحه وخفي لونه لا يعدل عنه إلى طيب النساء.

                                                قوله: "فإن الماء طيب" معناه: أنه مطهر مزيل للروائح الكريهة، وأي طيب يكون أشد إزالة للروائح الكريهة منه، والقصد منه أنه إن لم يظفر بطيب، لا يترك الاغتسال بالماء، ليكون ذلك أقوى في النظافة والطهارة.

                                                [ ص: 457 ] وهذا كما رأيت، أخرج الطحاوي هذه الأحاديث عن تسعة من الصحابة، وهم: ابن عباس ، وابن عمر ، وعمر بن الخطاب، وحفصة، وعائشة، ورجل من الأنصار ، وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدري ، والبراء بن عازب .

                                                ولما أخرج الترمذي حديث ابن عمر في باب "ما جاء في الاغتسال يوم الجمعة" قال: وفي الباب عن عمر ، وأبي سعيد ، وجابر ، والبراء، وعائشة، وأبي الدرداء .

                                                قلت: وفي الباب عن أنس ، وبريدة بن الحصيب ، وثوبان ، وسهل بن حبيب ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي أمامة -رضي الله عنه- .

                                                فحديث أبي الدرداء عند الطبراني في "الكبير"، وأحمد في "مسنده": من رواية حرب بن قيس ، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اغتسل يوم الجمعة ثم لبس ثيابه ومس طيبا إن كان عنده، ثم مشى إلى الجمعة وعليه السكينة، ولم يتخط أحدا ، ولم يؤذ، وركع ما قضي له، ثم انتظر حتى ينصرف الإمام، غفر له ما بين الجمعتين".

                                                وحرب بن قيس عن أبي الدرداء: مرسل، قاله أبو حاتم.

                                                وحديث أنس عند ابن عدي في "الكامل" في ترجمة الفضل بن المختار ، عن أبان ، عن أنس، وفي ترجمة أبان أيضا، وفي ترجمة الفضل أيضا عن تمام بن حسان ، عن الحسن ، عن أنس بلفظ: "من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل".

                                                وأبان بن أبي عياش متروك، والفضل بن المختار لا يتابع على حديثه.

                                                [ ص: 458 ] وحديث بريدة عند البزار: من رواية أبي هلال ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه، عن النبي -عليه السلام-، قال: "من أتى الجمعة فليغتسل".

                                                وحديث ثوبان عند البزار أيضا: من رواية يزيد بن ربيعة ، عن أبي الأشعث ، عن أبي عثمان ، عن ثوبان، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "حق على كل مسلم السواك، وغسل الجمعة، وأن يمس من طيب أهله إن كان".

                                                ويزيد بن ربيعة الرحبي: ضعيف، وأبو الأشعث اسمه: شراحيل بن آدة ، وأبو عثمان اسمه: شراحيل بن مرثد .

                                                وحديث سهل بن حنيف عند الطبراني في "الكبير": من رواية يزيد بن عياض ، عن أشعث بن مالك ، عن عثمان بن أبي أمامة ، عن سهل بن حنيف ، عن رسول الله -عليه السلام-: "من حق الجمعة: السواك والغسل، ومن وجد طيبا فليس منه".

                                                ويزيد بن عياض بن جعدبة: ضعيف، قاله ابن المديني وابن معين وغيرهما.

                                                وحديث عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- عند الطبراني أيضا في "الكبير": من رواية إبراهيم بن يزيد ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه، قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "من أتى الجمعة فليغتسل"، وإبراهيم بن يزيد - الظاهر أنه الخوزي - وهو ضعيف.

                                                [ ص: 459 ] وحديث عبد الله بن مسعود عند البزار من رواية وبرة ، عن همام ، عن عبد الله، قال: "من السنة الغسل يوم الجمعة".

                                                وحديث أبي أمامة عند الطبراني في "الأوسط": من رواية يحيى بن الحارث ، عن القاسم ، عن أبي أمامة: "أن رسول الله -عليه السلام- قام في أصحابه، قال: "اغتسلوا يوم الجمعة""، الحديث.




                                                الخدمات العلمية