الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الجنائز

7304 - قال الله عز وجل: ( كل نفس ذائقة الموت ) .

7305 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: قرئ على الشافعي رحمه الله وأنا حاضر: هذا كتاب كتبه محمد بن إدريس بن العباس الشافعي في شعبان سنة ثلاث ومئتين، وأشهد الله عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكفى به جل ثناؤه شهيدا، ثم من سمعه أنه: "يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يزل يدين بذلك - وبه ندين - حتى يتوفاه الله، ويبعثه عليه إن شاء الله، وأنه يوصي نفسه وجماعة من سمع وصيته بإحلال ما أحل الله تبارك وتعالى في كتابه، ثم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وتحريم ما حرم الله في الكتاب، ثم في السنة، ولا يجاوزون من ذلك إلى غيره، فإن مجاوزته ترك فرض الله عز وجل، وترك ما خالف الكتاب والسنة، وهما من المحدثات، والمحافظة على أداء فرائض الله في القول والعمل، والكف عن محارمه خوفا لله، وكثرة ذكر الوقوف بين يدي ربه عز وجل، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا، وأن ينزل الدنيا حيث أنزلها الله، وأنه لم يجعلها دار مقام إلا مقام مدة عاجلة الانقطاع، وإنما جعلها دار عمل، وجعل الآخرة دار قرار، وجزاء بما عمل في الدنيا من خير أو شر، إن لم يغفر جل ثناؤه وألا يحال أحد إلا أحد أحاله الله ممن يفعل الخلة في الله تبارك وتعالى ويرجى منه إفادة علم في دين، وحسن أدب في الدنيا، وأن يعرف المرء زمانه، ويرغب إلى الله عز وجل في [ ص: 212 ] الخلاص من شر نفسه فيه، ويمسك الإسراف بقول أو فعل في أمر لا يلزمه وأن يخلص النية لله فيما قال وعمل، فإن الله يكفي مما سواه، ولا يكفي منه شيء غيره، ثم ذكر وصيته".

7306 - ثم قال في آخره: ومحمد - يعني نفسه - يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلي على محمد عبده ورسوله، وأن يرحمه فإنه فقير إلى رحمته، وأنه يجيره من النار، فإنه غني عن عذابه، وأن يخلفه في جميع ما خلف بأفضل ما خلف به أحدا من المؤمنين، وأن يكفيهم فقده، ويجر مصيبتهم بعده، وأن يقيهم معاصيه، وإتيان ما يقبح بهم، والحاجة إلى أحد من خلقه بقدرته.

[ ص: 213 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية