الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب القول فيمن يكون مؤمنا بإيمان غيره .

[ 85 ] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب ، حدثنا محمد بن شاذان ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل إنسان تلده أمه على الفطرة ، وأبواه يهودانه ، أو ينصرانه ، أو يمجسانه ، فإن كانا مسلمين فمسلم ، كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها " .

رواه مسلم في الصحيح ، عن قتيبة ، وقد حكينا عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال : " كل مولود يولد على الفطرة .

هي الفطرة التي فطر الله تعالى عليها الخلق ، فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفصحوا بالقول ، فيختاروا أحد القولين : الإيمان ، أو الكفر لا حكم لهم في أنفسهم إنما الحكم [ ص: 184 ] لهم بآبائهم ، فما كان آباؤهم يوم يولدون فهم بحاله إما مؤمن فعلى إيمانه ، وإما كافر فعلى كفره " .

فذهب الشافعي - رحمه الله تعالى - في هذا إلى أن الله تعالى خلق المولود لا حكم له في نفسه ، وإنما هو تبع لوالديه في الدين في حكم الدنيا حتى يعرب عن نفسه بعد البلوغ .

وأما في الآخرة فمنهم من ألحقهم بآبائهم في حكم الآخرة أيضا ، ومنهم من ألحق ذراري المسلمين بهم ، وزعم أن أولاد المشركين خدم أهل الجنة ، ومنهم من توقف في الجميع ، ووكل أمرهم إلى الله عز وجل وهذا أشبه الأقاويل بالسنن الصحيحة ، والله تعالى أعلم . وقد ذكرنا أقاويل السلف في ذلك ، وما احتج به كل فريق منهم في آخر كتاب القدر ، فمن أحب الوقوف عليه رجع إليه إن شاء الله تعالى [ ص: 185 ] ومتى ما أسلم الأبوان ، أو أحدهما صار الولد مسلما بإسلام أبويه ، أو أحدهما وقد ذكرنا في كتاب السنن إسلام من صار مسلما بإسلام أبويه ، أو أحدهما من أولاد الصحابة ، [ ص: 186 ] وإذا سبي الصغير من دار الحرب ، ومعه أبواه أو أحدهما فدينه دين من معه من أبويه ، وإن سبي وحده فدينه دين السابي ؛ لأنه وليه الذي أولى به منه ، فقام في دينه مقام أبويه كما قام في الولاية ، والكفالة مقامهما ، والله تعالى أعلم " .

التالي السابق


الخدمات العلمية