الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
فائدة

ذكر الإمام شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية في كتابه الجواب الصحيح ما نصه : لما كان حلول اللاهوت في البشر واتحاده به مذهبا ضل به طوائف كثيرون من بني آدم : النصارى وغيرهم ، وكان المسيح الدجال يأتي بخوارق عظيمة ، والنصارى احتجوا على إلاهية المسيح بمثل ذلك ، ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - من علامات كذبه أمورا ظاهرة لا يحتاج فيها إلى بيان موارد النزاع التي ضل فيها خلق كثير من الآدميين ، فإن كثيرا من الناس ، بل أكثرهم تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر في إمكان دعواه ، وإذا صدقوه صدقوا النصارى في دعوى إلاهية المسيح ، وصدقوا أيضا من ادعى الحلول والاتحاد في بعض المشايخ أو بعض أهل البيت أو غيرهم من أهل الإفك والفجور .

قال شيخ الإسلام - روح الله روحه - وبهذا يظهر الجواب عما أورده بعض أهل الكلام كالرازي على هذا الحديث ، حيث قالوا : دلائل كون الدجال ليس هو الله ظاهرة ، فكيف يحتج النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك بقوله : إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ؟ قال شيخ الإسلام : وهذا السؤال يدل على جهل قائله بما يقع فيه بنو آدم من إضلال الأدلة البينة التي تبين فساد الأقوال الباطلة ، وإلا فإذا كان بنو إسرائيل في عهد موسى - عليه السلام - ظنوا أن العجل هو إله موسى ، فقالوا : هذا إلهكم وإله موسى ، وظنوا أن موسى نسيه ، والنصارى مع كثرتهم يقولون : إن المسيح هو الله ، وفي المنتسبين إلى القبلة خلق كثير يقولون ذلك في كثير من المشايخ أو أهل البيت ، حتى إن كثيرا من أكابر شيوخ المعرفة أو التصوف يجعلون هذا نهاية التحقيق والتوحيد ، وهو أن يكون الموحد هو الموحد فكيف يستبعد مع [ ص: 242 ] إظهار الدجال هذه الخوارق العظيمة أن يعتقد فيه أنه الله ؟ وهو يقول : أنا الله ، وقد اعتقد ذلك في من لم يظهر فيه مثل خوارقه من الكذابين ، وفي من لم يقل أنا الله كالمسيح ، وسائر الأنبياء والصالحين ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية