" الثاني " من طوائف الضلال القائلين بعدم شمول القدرة الأزلية لجميع الممكنات المجوس ، قالوا : إنه تعالى لا يقدر على الشرور ولا خلق الأجسام المؤذية ، وإنما القادر على ذلك فاعل آخر يسمى " أهرمن " ومنهم النظام وأتباعه من المعتزلة ، قالوا : إنه تعالى لا يقدر على خلق الجهل والكذب والظلم وسائر القبائح .
ومنهم عباد الضمري وأتباعه قالوا إنه تعالى لا يقدر على ما علم أنه لا يقع ولا ما علم أنه يقع لاستحالة الأول ووجوب الثاني ، ومنهم الكعبي وأتباعه قالوا إنه لا يقدر على مثل مقدور العبد ، ومنهم الجبائي وأتباعه ، قالوا : إنه تعالى لا يقدر على نفس مقدور العبد .
قال العلامة الشيخ مرعي - روح الله روحه - في كتابه ( ) : مذهب أهل الحق أن الرب سبحانه متفرد بخلق المخلوقات ، فلا خالق سواه ، ولا مبدع غيره ، وكل حادث فإنه محدثه . رفع الشبهة والغرر ، عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر
وقالت المعتزلة : إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأعمالهم لم يخلقها الله تعالى ، ثم اختلفوا فقالت طائفة : خلقها الذين فعلوها دون الله تعالى ، وقال آخرون : ليست مخلوقة ، ولكنها أفعال موجودة لا خالق لها ، وقال آخرون : هي فعل الطبيعة ، فالذين زعموا أن العباد خلقوها ، قالوا : إن وقوع الأفعال من العبد على وفق قصده وداعيته إقداما وإحجاما دليل على أنه موجدها ومخترعها . قالوا : ولولا ذلك لكانت التكاليف كلها واقعة على خلاف الاستطاعة وتكليفا بالمحال ، وكان لا يحسن مدح ولا ذم ، ولا ثواب ولا عقاب ، وهو خلاف مقتضى العقل والشرع والعرف .
ونقل عن الإمامية هل ؟ على قولين ، ونقل أفعال العباد خلق لهم أو خلق الله عن أبو الحسن الأشعري الزيدية أنهم فرقتان فرقة تزعم أن أفعال العباد مخلوقة لله خلقها وأبدعها ، وفرقة تزعم أنها مخلوقة لله تعالى وأنها كسب للعباد أحدثوها [ ص: 155 ] واخترعوها وفعلوها ، وتأتي لهذا تتمة في بحث القدر إن شاء الله تعالى .