وبعد خمسين من الأعوام مضت لعمر سيد الأنام أسرى به الله إليه في الظلم
وفرض الخمس عليه وحتم
وكان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، والمعراج من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى ، ثم إلى حيث شاء الله - عز وجل - ، قال الله - تبارك وتعالى - في ذكر الإسراء : ( بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) ، ( الإسراء 1 ) ، وقال - تبارك وتعالى - في ذكر المعراج : ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) ، ( النجم 13 - 18 ) .
وقال - رحمه الله تعالى : باب حديث الإسراء ، وقول الله تعالى : ( البخاري سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) ، ( الإسراء 1 ) : حدثنا ، حدثنا يحيى بن بكير الليث عن عقيل عن حدثني ابن شهاب سمعت أبو سلمة بن عبد الرحمن - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول جابر بن عبد الله قريش قمت في الحجر فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه . باب المعراج . لما كذبتني
حدثنا ، حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا همام بن يحيى قتادة عن عن أنس بن مالك مالك بن [ ص: 1059 ] صعصعة - رضي الله عنهما - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به قال " الحطيم - وربما قال في الحجر - مضطجعا إذ أتاني آت ، فقد قال وسمعته يقول ، فشق ما بين هذه إلى هذه " فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به ؟ قال من ثغرة نحره إلى شعرته ، وسمعته يقول : من قصه إلى شعرته " فاستخرج قلبي . ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ، ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض " فقال الجارود هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس نعم " يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، فقيل من هذا ؟ قال جبريل : قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أو قد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ، ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح ، قيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد ، قيل أو قد أرسل إليه ؟ قال نعم، قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة، قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما . فسلمت فردا ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح . قيل من هذا ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - ، قيل أو قد أرسل إليه ؟ قال نعم، قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت فإذا يوسف ، قال هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح . قيل من هذا ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل أو قد أرسل إليه ؟ قال نعم . قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء . ففتح فلما خلصت إلى إدريس ، قال هذا إدريس ، فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، قيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل أو قد أرسل إليه ؟ قال نعم . قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا هارون . قال هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ [ ص: 1060 ] الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل من معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل أو قد أرسل إليه ؟ قال نعم، قال مرحبا به فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا موسى ، قال هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي . ثم صعد بي إلى السابعة فاستفتح، جبريل قيل من هذا ؟ قال : جبريل . قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل وقد بعث إليه ؟ قال نعم، قال مرحبا به فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا إبراهيم قال : هذا أبوك فسلم عليه . قال فسلمت عليه فرد السلام قال مرحبا بالابن الصالح . والنبي الصالح ثم رفعت إلي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة، قال هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت ما هذان يا جبريل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع لي البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن فقال هي الفطرة أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علي الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى فقال : بما أمرت ؟ قال أمرت بخمسين صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى موسى فقال مثله فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم . فرجعت فقال مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم . فرجعت إلى موسى فقال : بما أمرت ؟ قلت أمرت ؟ بخمس صلوات كل يوم، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم، قال فلما جاوزت نادى مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن [ ص: 1061 ] عبادي " . رواه بينما أنا في مسلم مختصرا .
قلت : وقوله في هذه الرواية ، عن إدريس مرحبا بالأخ الصالح هذا قد يشكل ; لان إدريس من آبائه ، والمعنى والله أعلم على ما في الحديث : . . . الخ . نحن معاشر الأنبياء أبناء علات
وقال - رحمه الله تعالى : " ، حدثنا البخاري حدثني عبد العزيز بن عبد الله سليمان عن أنه قال : سمعت شريك بن عبد الله ابن مالك - يعني : أنسا - رضي الله عنه - يقول ليلة أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسجد الكعبة " جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى أفرغ من صدره وجوفه . فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه . ثم أتي بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده - يعني عروق حلقه . ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء : من هذا ؟ فقال جبريل قالوا ومن معك ؟ قال محمد ، قال وقد بعث إليه ؟ قال نعم، قالوا فمرحبا به وأهلا، فيستبشر أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلم ورد عليه آدم وقال مرحبا وأهلا يا بني نعم الابن أنت، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان، فقال : ما هذان النهران يا جبريل ؟ قال هذا النيل والفرات . ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب يده فإذا هو مسك فقال ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي خبأ لك [ ص: 1062 ] ربك . ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى : من هذا ؟ قال جبريل ، قالوا ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - ، قالوا وقد بعث إليه ؟ قال نعم، قالوا مرحبا به وأهلا . ثم عرج به إلى السماء الثالثة وقالوا مثل ما قالت الأولى والثانية، ثم عرج به إلى الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فأوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى رب لم أظن أن يرفع علي أحد، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله تعالى حتى جاء سدرة المنتهى ودنا للجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال : يا محمد ماذا عهد إليك ربك ؟ قال عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة، قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت، فعلا به إلى الجبار فقال وهو مكانه : يا رب خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا : فوضع عنه عشر صلوات، ثم رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه فأمتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا، فارجع فليخفف عنك ربك، كل ذلك يلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل ، فرفعه عند الخامسة فقال ؛ يا رب إن أمتي ضعفاء أجسامهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم فخفف عنا . فقال الجبار : يا محمد ، قال لبيك وسعديك، قال إنه لا يبدل القول لدي، كما فرضت عليك في أم الكتاب . قال فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فرجع إلى موسى فقال : كيف فعلت ؟ فقال خفف عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها، قال موسى : قد والله [ ص: 1063 ] راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا موسى قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه قال : فاهبط باسم الله . قال واستيقظ وهو في مسجد الحرام " . أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم : أيهم هو ؟ فقال أوسطهم هو خيرهم، فقال آخرهم، خذوا خيرهم، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم
ورواه مسلم بعد حديث أصله ، وقال نحو حديث ثابت البناني ، وقدم فيه شيئا وأخر وزاد ونقص ، وهذا السياق روايته لحديث ثابت البناني ثابت ، قال - رحمه الله تعالى : حدثنا ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أنس بن مالك بيت المقدس . قال فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء . قال ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل - عليه السلام - بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل - عليه السلام - اخترت الفطرة . ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال جبريل قيل : ومن معك ؟ قال محمد . قيل وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل - عليه السلام - ، فقيل من أنت ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكرياء - صلوات الله عليهما وسلامه - فرحبا ودعوا لي بخير ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال جبريل . قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا أنا [ ص: 1064 ] بيوسف عليه السلام إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل - عليه السلام - ، قيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم . قال وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه، ففتح الباب فإذا أنا بإدريس - عليه السلام - فرحب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل ( ورفعناه مكانا عليا ) ( مريم 57 ) ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل ، قيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بهارون - عليه السلام - فرحب ودعا لي بخير . ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل - عليه السلام - وقيل من هذا ؟ قال جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم . قيل وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه . ففتح لنا فإذا بموسى - عليه السلام - فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من هذا ؟ قال جبريل قيل ومن معك ؟ قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل وقد بعث إليه ؟ قال قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم - عليه السلام - مسندا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال، قال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، فأوحى الله إلي ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى - عليه السلام - فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت خمسين صلاة، قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم . قال فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي، فحط عني خمسا، فرجعت إلى موسى فقلت حط عني خمسا، قال إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، قال فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى - عليه السلام - حتى قال : يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا . ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا، فإن عملها كتبت سيئة واحدة . قال فنزلت حتى انتهيت إلى موسى - عليه [ ص: 1065 ] السلام - فأخبرته، فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه " . أتيت بالبراق، وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، قال فركبته حتى أتيت
وقال - رحمه الله تعالى : باب البخاري ، حدثنا كيف فرضت الصلاة في الإسراء قال : حدثنا يحيى بن بكير الليث ، عن يونس ، عن ، عن ابن شهاب - رضي الله عنه - قال : أنس بن مالك أبو ذر - رضي الله عنه - يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فخرج بي إلى السماء الدنيا فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء : افتح . قال : من هذا ؟ قال جبريل ، قال هل معك أحد ؟ قال نعم معي محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال أرسل إليه ؟ قال : نعم . فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل يساره بكى، فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل من هذا ؟ قال هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى، حتى عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح . قال أنس فذكر أنه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم - صلوات الله وسلامه عليهم - ، ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة، قال أنس : فلما مر جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بإدريس قال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، فقلت من هذا ؟ قال هذا إدريس ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح قلت من هذا ؟ قال هذا موسى ، ثم مررت بعيسى فقال مرحبا بالنبي الصالح، والأخ الصالح، قلت من هذا ؟ قال هذا عيسى ، ثم مررت بإبراهيم فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . قلت من هذا ؟ قال هذا إبراهيم - عليه السلام - . قال كان فأخبرني [ ص: 1066 ] ابن شهاب أن ابن حزم ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " ابن حزم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ففرض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على وأنس بن مالك موسى فقال ما فرض الله لك على أمتك ؟ قلت فرض خمسين صلاة، قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال : ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك، فقلت استحييت من ربي ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جبال اللؤلؤ وإذا ترابها المسك . وافقه عليه ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام " قال مسلم ، رحمه الله تعالى .
وله عن مرة ، عن عبد الله قال : إذ يغشى السدرة ما يغشى ) ، ( النجم 16 ) ، قال : فراش من ذهب ، قال : فأعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس ، وأعطي خواتيم سورة البقرة ، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات . لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهي به إلى سدرة المنتهى ، وهي في السماء السادسة ، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض ، فيقبض منها ، و إليها ينتهي ما يهبط به من فوقها ، فيقبض منها ، قال : (
وله عن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربة ما كربت مثلها قط قال فرفعه الله لي أنظر إليه : ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به . الحديث . لقد رأيتني في الحجر
وهذا الذي ذكرنا من حديث أنس وجابر ومالك بن صعصعة وأبي ذر وابن [ ص: 1067 ] مسعود وأبي هريرة وابن عباس وأبي حبة هي من أصح ما ورد ، وأقواه وأجوده وأسنده وأشهره وأظهره ; لاتفاق الشيخين على إخراجهما ، وعن هؤلاء روايات أخر لم نذكرها استغناء عنها بما في الصحيحين .
وفي الباب أحاديث أخر ، عن جماعة من الصحابة ، منهم من لم نذكر عمر بن الخطاب وعلي وأبو سعيد وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرظ وأبو ليلى وعبد الله بن عمرو وحذيفة وبريدة وأبو أيوب وأبو أمامة وسمرة بن جندب وأبو الحمأ وصهيب الرومي وأم هانئ وعائشة وأسماء ابنتا أبي بكر - رضي الله عنهم - أجمعين .
ثم الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن ، ولا ينافي ذلك ما ذكر في بعض الروايات في قوله - صلى الله عليه وسلم : بينا أنا نائم ، فإن ذلك عند أول ما أتياه ، ولا يدل على أنه استمر نائما ، ولذا كانت رؤيا الأنبياء وحيا ، ولكن في سياق الأحاديث من ركوبه ونزوله وربطه وصلاته وصعوده وهبوطه وغير ذلك ما يدل على أنه أسري بروحه وجسده يقظة لا مناما ، وكذا لا ينافي ذلك رواية الإسراء والمعراج كانا يقظة لا مناما شريك : فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام ، فإن رواية شريك فيها أوهام كثيرة ، تخالف رواية الجمهور ، عن أنس في أكثر من عشرة مواضع ، سردها في الفتح ، وسياقه يدل على أنه بالمعنى ، وصرح في مواضع كثيرة أنه لم يثبتها ، وتصريح الآية ( سبحان الذي أسرى بعبده ) ، ( الإسراء 1 ) شامل للروح والجسد ، وكذلك قوله تعالى في سورة النجم ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) ، ( النجم 13 ) جعل لجبريل عند سدرة المنتهى ، مقابلا لرؤيته إياه في الأبطح ، وهي رؤية عين حقيقة لا مناما . ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام ، لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - قريش بها ، وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسري به إليه وأصبح فينا ، إلى آخر تكذيبهم واستهزائهم به - صلى الله عليه وسلم ، لو كان ذلك رؤيا مناما ، لم يستبعدوه ، ولم يكن لردهم عليه معنى ; لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ، ولا يكذبه أحد استبعادا لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرى حقيقة يقظة لا مناما ، فكذبوه واستهزءوا به استبعادا لذلك واستعظاما له ، مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله - عز وجل ، وأن الله [ ص: 1068 ] يفعل ما يريد ، ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر ، قال : إن كان قال ذلك ، لقد صدق . قالوا : وتصدقه بذلك ؟ قال : نعم ، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه ، يأتيه بكرة وعشيا ، أو كما قال .