الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء
      ( و ) نشهد ( أنه بلغ ) إلى الناس كافة ( ما ) أي الذي ( قد أرسلا ) بالبناء للمفعول ، والألف للاطلاق ، ( به ) من ربه ( وكل ما إليه أنزلا ) من الكتاب والحكمة . وفي هذا البحث مسائل عظيمة الخطر جليلة القدر :

      ( الأولى ) : أنه أي الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبلغ عن الله - عز وجل ، لم يقل شيئا من رأيه فيما يتعلق بالتبليغ ، بل ليس عليه إلا بلاغ الرسالة من الله إلى الناس ، وتلاوة آياته على الناس ، وتعليمهم الحكمة والتبيان ، وذلك معنى كونه - صلى الله عليه وسلم - رسول الله ، فأمره ونهيه تبليغ لأمره ونهيه ، وأخباره وقصصه تبليغ لما قصه الله وأخبر به ، ولذا كان طاعته طاعة لله - عز وجل ، ومعصيته معصية لله - عز وجل ، وتكذيبه تكذيبا لإخبار الله - عز وجل - في أنه رسوله ، قال الله - تبارك وتعالى : وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ( النساء 79 ) ، وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ( الأنفال 20 - 21 ) ، وقال تعالى : وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ( المائدة 92 ) ، وقال تعالى : وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ( النور 54 ) ، وقال تعالى : فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ( الشورى 48 ) ، وقال تعالى : إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ( الرعد 7 ) ، وقال تعالى : إن أنت إلا نذير ( فاطر 23 ) ، وقال : قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار ( ص 65 ) ، وقال تعالى : قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه ( الكهف 110 ) ، وقال : نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ( ق 45 ) [ ص: 1107 ] ، وقال تعالى : قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ( الجن 22 ) ، وقال : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ( الذاريات 55 ) ، وقال تعالى : فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ( الأعلى 9 ) ، وقال تعالى : فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ( الغاشية21 ) ، وقال تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( الحشر 7 ) ، وغير ذلك من الآيات ، وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ( النجم 4 ) .

      وقال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى : عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ، ليس بنبي مثل الحيين - أو مثل أحد الحيين - ربيعة ومضر . فقال رجل : يا رسول الله ، وما ربيعة ومضر ؟ قال : إنما أقول ما أقول .

      وله عن عبد الله بن عمر ، وقال : كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه ، فنهتني قريش ، فقالوا : إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتكلم في الغضب والرضا ، فأمسكت عن الكتاب حتى ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اكتب فوالذي نفسي بيده ، ما خرج مني إلا الحق .

      وله عن أبي هريرة - رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا أقول إلا حقا . قال بعض أصحابه : فإنك تداعبنا . قال : إني لا أقول إلا حقا .

      وللبزار [ ص: 1108 ] عنه - رضي الله عنه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما أخبرتكم أنه من عند الله ، فهو الذي لا شك فيه . وغير ذلك من الأحاديث ، ويكفي في ذلك قول الله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ( الحاقة 44 ) الآيات .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية