وكل ما خالف للوحيين فإنه رد بغير مين وكل ما فيه الخلاف نصبا
فرده إليهما قد وجبا فالدين إنما أتى بالنقل
ليس بالأوهام وحدس العقل
[ ص: 1225 ] ( وكل ما ) أي أمر كان ( خالف للوحيين ) نصوص الكتاب والسنة ; لأن السنة وحي ثان أيضا ، كما قال تعالى : ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ( النجم2 5 ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ، الحديث . أوتيت القرآن ومثله معه
( فإنه ) أي ذلك ( رد ) أي مردود على مبتدعه من كان ( بغير مين ) بدون شك ، قال الله تبارك وتعالى : الأمر المخالف ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ( آل عمران 85 ) ودين الإسلام هو الذي أنزل الله تعالى به كتابه على رسوله ; ليبينه للناس ، فتلاه الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته ، وبينه لهم بسنته من أقواله وأفعاله ، وتقريراته صلى الله عليه وسلم ، وتقدم في الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم : وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة .
وقال تعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ( البقرة 130 ) وقال تعالى : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ( النساء 125 ) وقال تعالى : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ( آل عمران 83 ) وقال تبارك وتعالى : اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ( الأعراف 3 ) وقال تبارك وتعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ( الجاثية 18 ) الآيات ، وقال تعالى : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون ( العنكبوت 51 ) وقال تبارك وتعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ( التوبة 31 ) الآية ، وقال تعالى : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ( الشورى 21 ) الآية [ ص: 1226 ] ، وغير ذلك من الآيات .
وفي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : . من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
وفي رواية مسلم : . من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد
وقال صلى الله عليه وسلم : . لقد تركتكم على المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك
وفي السنن عن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة . افترقت
وفيها عن - رضي الله عنه - أنه قال : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا ، فقال : معاوية بن أبي سفيان . زاد في رواية : ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين : ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة . وإنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء ، كما يتجارى الكلب لصاحبه . وفي لفظ : بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله
[ ص: 1227 ] وفي الصحيحين وغيرهما عن - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة كفارس والروم ؟ فقال : ومن الناس إلا أولئك ؟ . لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها ، شبرا بشبر وذراعا بذراع . فقيل : يا رسول الله ،
وعن - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبي سعيد الخدري اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ . والأحاديث في هذا الباب كثيرة . لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموه . قلنا : يا رسول الله ،